استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

حول تصريحات «تيلرسون» عن الإخوان

الثلاثاء 20 يونيو 2017 10:06 ص

يوم الأربعاء الماضي (14\6\2017) كان وزير الخارجية الأمريكي "تلرسون"، يتحدث أمام جلسة استماع عقدتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي. في الجلسة سئل عن جماعة الإخوان المسلمين وإمكانية تصنيفها على قوائم الإرهاب، فكيف رد؟

تلرسون قال بالنص "تنظيم الإخوان المسلمين يضم تقريبا خمسة ملايين عضو، وقد أصبح هناك داخل التنظيم أجنحة متعددة. الأجنحة التي ربطت نفسها بالعنف والإرهاب صنفناها على قوائم الإرهاب، ولكن هناك عناصر وأجنحة من جماعة الإخوان باتت جزءا من الحكومات المحلية في البحرين وتركيا".

وتابع تلرسون بالقول: "لذلك يمكن تصور مدى تعقيد خطوة تصنيف جماعة كاملة على قائمة الإرهاب وانعكاساته على علاقتنا مع الحكومات التي باتوا جزءا منها، والتي لم يدخلوها إلا من خلال نبذ العنف، وهذا يظهر مدى التعقيد المرتبط بتصنيف واسع بهذا القدر".

يشير هذا الكلام إلى أن قوى غربية تتقدم خطوة باتجاه تصنيف الإخوان جماعة إرهابية، لكنهم يتراجعون، وهو ما يحدث مع بعض الدول العربية التي تصنفهم إرهابيين حينا، ثم تستقبل بعض رموزهم حينا آخر، أو تتعامل مع فرع من فروعهم.

الأزمة التي تواجه هذه المواقف تتلخص في بُعد أساسي يتمثل في أن الإخوان ليسوا تنظيما بالمعنى الواقعي للكلمة، بقدر ما هم تيار فكري وسياسي لا يختلف كثيرا عن التيار السلفي على سبيل المثال، والذي يضمّ بين صفوفه من الألوان ما يصعب التوفيق بينها، إذ تمتد من تنظيم الدولة، وبقربه تنظيم القاعدة، مرورا بتيارات إصلاحية تؤمن بالعمل السياسي ضمن المتاح، وليس انتهاء بمجاميع تنتمي لفقه الطاعة لولي الأمر، ولو جلد الظهور وسلب الأموال.

ربما كان وضع الإخوان أقل تباينا، لكن الحقيقة أنهم تيار وليسوا جماعة أو تنظيما كما وصفهم "تلرسون"، حتى لو مرت عليهم أزمنة كانوا يلتقون ضمن ما يعرف بالتنظيم الدولي، وهو تنظيم لم يكن يتعدى منح شرعية الجماعة لا أكثر (انضوت تحته جماعات لهما مسميات أخرى كالنهضة والجماعة الإسلامية في لبنان على سبيل المثال)، فيما يتصرف كلٌ حسب مقتضيات واقعه ورؤية قيادته، بل أحيانا بما يتناقض تماما مع رؤية الفروع الأخرى، بما فيها الفرع الأكبر في مصر. ولا أدلَّ على ذلك من إخوان العراق الذي تناقض موقفهم من الاحتلال الأمريكي مع كل فروع الجماعة بلا استثناء، ومع ذلك ظلوا يُحسبون عليها.

خلال عقود، إذا جئنا نؤرخ لمرحلة صعود الصحوة الإسلامية والإخوانية منذ مطلع الثمانينات، حتى لا نذهب بعيدا إلى ما قبل ذلك؛ تباين الخط السياسي للإخوان بين قُطر وآخر؛ من حمل السلاح في بلد ما، كما هو الحال في سوريا مطلع الثمانينات، إلى التعامل مع الأنظمة بصيغة الاعتراف الكامل، مع مطالب الإصلاح، وما بين ذلك.

وتغدو مسألة التصنيف أكثر صعوبة حين يجري ضمّ جماعات لم تكن ذات صلة بالتنظيم الدولي إلى الجماعة، كما هو حال حزب العدالة في تركيا (حزب السعادة المناهض للعدالة كان الأقرب للإخوان)، ونظيره في المغرب، وبعض الجماعات في آسيا، والنتيجة أن مأزق التصنيف هو مأزق حقيقي وليس شكليا.

والحال أن الدولة القُطرية (دولة التجزئة) قد فرضت نفسها على الإخوان، وتعاملوا معها كحقيقة واقعة، وصار كل فرع يبني سياساته بناء على ما يراه مصلحة قُطرية، الأمر الذي يصل حد التناقض مع فروع أخرى، وقد كان الإخوان السوريون في ضيافة صدام، بينما يطارد الأخير نظراءهم العراقيين، وكانت “حماس” في ضيافة النظام السوري، بينما حُكم الإخواني السوري هو الإعدام حسب القانون، وهناك أمثلة أخرى.

ما يمكن قوله بناءً على ذلك له جانب شعبي، وآخر رسمي، ففي الجانب الأول يمارس كثيرون الظلم حين يهاجمون الإخوان كأنهم كتلة مصمتة، ويضعونهم في سلة واحدة، وفي الجانب الثاني يبدو من المستحيل وضع الجميع في سلة واحدة، رغم أن الغالبية الإخوانية لا تزال بعيدة عن العنف، بما في ذلك الفرع المصري رغم الاتهامات التتي تتوسل أعمالا لبضعة شبان ابتعدوا عن التنظيم وردوا على العنف بعنف.

والحال أن ما يجري هو في جوهره مطاردة لفكرة التعددية والمشاركة السياسية، ولذلك توضع تيارات الإسلام السياسي كلها في ذات السلة عمليا، بصرف النظر عن خلفيتها الفكرية، وهي مطاردة تتوسل ما يتاح لها من أدوات بحسب ظروف الزمان والمكان، لكن النتيجة أن التيارات ذات الجذور الفكرية والاجتماعية لا تنتهي بمثل هذه المطاردات، وإن ضعفت أو تراجعت بين حين وآخر.

بقي سؤال صغير هو: ماذا لو كانت التيارات الصاعدة في العالم العربي راهنا يسارية أو قومية أو علمانية غربية، وطالبت بالتعددية والمشاركة السياسية.. هل سيختلف موقف الأنظمة منها؟! كلا بكل تأكيد.

* ياسر الزعاترة كاتب صحفي أردني/ فلسطيني

  كلمات مفتاحية

تصريحات «تلرسون» الإخوان المسلمون الحكومات المحلية البحرين تركيا تصنيف جماعة قائمة الإرهاب