مصر.. ذكرى 30 يونيو تتزامن مع موجة غلاء طاحنة

الجمعة 30 يونيو 2017 03:06 ص

حذر مراقبون في مصر من آثار قرار رفع أسعار المحروقات في البلاد ، مؤكدين أنه سيسفر عن موجة تضخم جديدة تزيد من الأزمات المعيشية في الشارع المصري، وسط مخاوف من اندلاع احتجاجات شعبية.

وهذه هي المرة الثانية التي ترفع فيها الحكومة أسعار الوقود خلال ثمانية أشهر، بعدما رفعتها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بنسب تراوحت بين 30 و47%، في إطار خطة لإلغاء الدعم بحلول العام المالي 2018 – 2019، وفقا لبرنامج متفق عليه مع صندوق النقد الدولي، تحصل بموجبه القاهرة على قروض قيمتها الإجمالية 12 مليار دولار.

وأكد  المحللون أن القرارات الجديدة التي تزامنت مع الذكرى الرابعة لأحداث 30 يونيو/حزيران 2013، التي مهدت للإطاحة بحكم جماعة الإخوان، ستحدث موجة تضخمية أخرى، بعدما قفزت نسبة التضخم السنوي في نهاية 2016 إلى أكثر من 25%، وأخذت في الزيادة وصولا إلى 30.9% في مايو/أيار الماضي، بحسب بيانات جهاز التعبئة والإحصاء(حكومي).

وكانت رئيسة صندوق النقد الدولي «كريستين لاغارد»، قد قالت في أبريل/نيسان الماضي، إنه يتعين على مصر أن توجه «اهتماما خاصا» لمشكلة التضخم، معربة عن أملها في أن «يعالج المسؤولون المصريون هذه المسألة».

ورفعت الحكومة المصرية صباح أمس الخميس، وقبل بداية الموازنة المالية السنوية الجديدة في الأول من يوليو/تموز، أسعار المحروقات في البلاد، في إطار خطتها لإعادة هيكلة دعم المواد البترولية وخفض عجز الموازنة، لكن الصدمة الحقيقية في الشارع المصري كانت نتيجة امتداد طيف الزيادات ليشمل كافة منتجات المحروقات، وبنسب أكثر من المتوقع وصلت إلى 100%، في جانب منها.

وكان وزير البترول المصري «طارق الملا»، قد قال في مارس/آذار الماضي، إن مصر لا تستهدف إلغاء دعم الوقود بشكل كامل، وإنما خفضه فقط خلال ثلاث سنوات. وقال الملا لـ«رويترز» في اتصال هاتفي أمس: «رفعنا أسعار الوقود بدءا من الساعة الثامنة صباحا (06:00 بتوقيت غرينتش)». وذكر الوزير أن الحكومة رفعت سعر البنزين 92 أوكتين إلى 5 جنيهات (نحو 0.28 دولار) للتر، من سعره السابق عند 3.5 جنيه، بزيادة نحو 43%. كما رفعت سعر البنزين 80 أوكتين إلى 3.65 جنيه من 2.35 جنيه، بزيادة نحو 55%. وزاد سعر بنزين 95 الذي يباع بالأسعار العالمية بالفعل، بشكل طفيف إلى 6.60 جنيه للتر، من سعره السابق عند 6.25 جنيه، بارتفاع 5.6%.

بينما رفعت الحكومة المصرية سعر السولار/الديزل نحو 55%، ليصل إلى 3.65 جنيه للتر، من سعر سابق يبلغ 2.35 جنيه. كما زاد سعر غاز السيارات 25%، إلى جنيهين للمتر المكعب من 1.60 جنيه. وكانت أكبر زيادة في سعر أسطوانة غاز الطهي (البوتاجاز) الذي قفز 100%، ليصل في سعره الجديد إلى 30 جنيها من 15 جنيها. كما رفعت الحكومة سعر أسطوانة غاز الطهي «التجارية»، وهي أسطوانات كبيرة الحجم مخصصة للمطاعم والمحال، بنسبة 100 %، ليصل سعر الأسطوانة الواحدة إلى 60 جنيها بدلا من 30 جنيها.

كما أشار «الملا» إلى زيادة سعر المازوت لمصانع الإسمنت إلى 3500 جنيه للطن، من مستواه السابق عند 2500 جنيه، لكنه أكد أنه «لا زيادة في أسعار الغاز للقطاع الصناعي»؛ حاليا.

ورغم أن زيادة الأسعار كانت متوقعة بشكل واسع خلال الفترة الماضية، فإن مستوى الزيادات وامتدادها لكافة مشتقات الوقود كان مفاجئا لمعظم الأوساط في مصر، خاصة أن كثيرا من المراقبين كانوا يتوقعون إرجاء بعض من هذه الزيادات لتجنب غضب شعبي.

ويؤكد أغلب الاقتصاديين أن رفع أسعار السولار والبنزين 80 أوكتين، سيسفر لا محالة عن زيادات كبيرة في أسعار السلع والخدمات كافة خلال الفترة المقبلة، وذلك نظرا لاعتماد حركة نقل البضائع والركاب على هذه المنتجات، خاصة في ظل غياب وجود رقابة حكومية على الأسعار بشكل كبير.

وكانت الحكومة قد قررت قبل يوم واحد من رفع أسعار الطاقة في نهاية العام الماضي، تحرير سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار، ما دفع سعر الجنيه للتناقص بشكل كبير من مستواه السابق عند 8.87 جنيه للدولار، ليصل إلى متوسط يبلغ 18.20 جنيها للدولار منذ ذلك الحين. وأسفر القراران عن موجة غلاء وتضخم غير مسبوقة في مصر.

وتهدف الحكومة المصرية، من وراء تحريك أسعار الوقود، إلى «تحقيق وفرا في فاتورة دعم الطاقة بنحو 35 مليار جنيه في موازنة 2017 - 2018»، وفق «الملا».

وأضاف أن إجمالي حجم دعم المواد البترولية في موازنة السنة المالية 2017 – 2018، التي تبدأ غدا السبت الأول من يوليو/تموز، سيصل إلى 110 مليارات جنيه، انخفاضا من 145 مليارا كانت مستهدفة في السابق.

وخلال ساعات، ترتب على قرار رفع أسعار الوقود، والطاقة، زيادات كبيرة في أسعار المواد الغذائية، واللحوم والدواجن، والأجهزة الكهربائية، وتعريفة النقل والشحن، ومختلف السلع والخدمات، وسط مشاجرات بين الركاب والسائقين في عدد من مناطق الجمهورية بعد ارتفاع تعريفة الأجرة.

وتكافح مصر لإنعاش اقتصادها منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، والذي أعقبه قلاقل ومجازر دموية وحملات اعتقال بحق أنصار الرئيس «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب، وإغلاق شركات ومصادرة أموال معارضين، ما أدى إلى عزوف المستثمرين الأجانب والسياح المصدرين الرئيسيين للعملة الصعبة بجانب انخفاض إيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج.

ويعتبر الغلاء إحدى المشاكل المؤرقة للطبقات المحدودة والمتوسطة بمصر، التي تعاني من أزمة اقتصادية طاحنة، من المتوقع تفاقمها في العام الأخير من ولاية الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» التي تنتهي منتصف 2018.

المصدر | الخليج الجديد + الشرق الأوسط

  كلمات مفتاحية

30 يونيو رفع الدعم ارتفاع الأسعار عبدالفتاح السيسي أسعار الوقود