«إيكونوميست»: محاولة السعودية إسكات الجزيرة «بلطجة» مشينة

الجمعة 30 يونيو 2017 09:06 ص

لم تنته السخرية في الشرق الأوسط. وفي أبريل/نيسان، تمّ انتخاب رئيس للجنة حقوق المرأة التابعة للأمم المتحدة من المملكة العربية السعودية، وهي بلدٌ لا يمكن للمرأة أن تقود فيها أو تغادر البلاد دون إذنٍ مكتوب من «ولي أمرها» أو أن تظهر في الأماكن العامة دون عباءة تغطيها بشكل كامل. والآن، تقوم الحكومة بفرض رقابة على كل شيء من المعارضة السياسية لراسمي الكاريكاتير، حيث حُكم على مدون مؤيد للديمقراطية يدعى «رائف بدوي» بـ 1000 جلدة وعشر سنوات في السجن، بينما تحاول إسكات الوسيلة الإعلامية الكبيرة المشاغبة الوحيدة في العالم العربي، الجزيرة. ويعد هذا اعتداءً غير عادي عابر للحدود الإقليمية على حرية التعبير. كما لو كانت الصين قد أمرت بريطانيا بإلغاء هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

ويقع مقر الجزيرة في قطر، وهي دولةٌ خليجيةٌ صغيرة غنية، تتعرض للحصار الشديد من قبل السعوديين والإماراتيين والبحرينيين والمصريين. وتتعدد خطايا قطر، في عيون السعودية. فهي تتمتع بعلاقات ودية مع إيران. وهي تؤوي العشرات من الناس الذين لا يحبهم السعوديون، وتمتلك كذلك قناة الجزيرة.

وقد سُربت أخبار الأسبوع الماضي حول مطالب من السعودية بإغلاق قناة الجزيرة كجزء من شروط رفع الحصار. ولا يملك القطريون سوى بضعة أيام قبل الامتثال أو يواجهون إجراءاتٍ أخرى غير محددة.

ويمكنك أن ترى لماذا يرغب السعوديون في أن تذهب قناة الجزيرة إلى الأبد. وخلافًا لغيرها من الشبكات الإعلامية في الشرق الأوسط، تحاول قناة الجزيرة، التي أنشئت عام 1996، أن تطلع المشاهدين على ما يجري في الواقع في بلادهم. وخلال الربيع العربي عام 2011، عرضت منصات المتظاهرين في المنطقة، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين، التي استمرت حتى تشكيل حكومة قصيرة الأجل في مصر، وتحدت الأنظمة القائمة في دولٍ أخرى أيضًا. وقد وجد المستبدون العرب هذا الأمر مزعجًا ومثيرًا للقلق.

ويكره البعض في الغرب الجزيرة أيضًا. ولدى بث رسائل «أسامة بن لادن» المسجلة من كهفه في أفغانستان، خلص كثيرون إلى أنّ ذلك كان تشجيعًا للإرهاب. وفي عام 2004، أغلقت الحكومة الجديدة في العراق، التي لا تزال تحت إرادة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والتي أطاحت بـ«صدام حسين» في العام السابق، مكتب الجزيرة في بغداد لمدة شهر. وفي عام 2016، أغلقت الحكومة العراقية مكتبها مرةً أخرى، لمدة عام، بزعم إثارتها للطائفية والعنف.

حقيقة الجزيرة

كانت كل هذه الاتهامات خاطئة. وليست الجزيرة منظمةً إخبارية مثالية، لكنّها تسعى لتقديم مجموعة متنوعة من وجهات النظر، الحكومية والمعارضة، المحلية والأجنبية. وأحد شعاراتها «الرأي والرأي الآخر». وتحصل القناة على الانتقادات لامتناعها تناول الشأن القطري. كما أنّ هناك تمييزًا بين خدمة الجزيرة باللغة الإنجليزية وشقيقتها العربية، وهي أكثر تحيزًا لدعم الإسلام السياسي. وتريد السعودية والإمارات إغلاق كلٍ منهما. لكن بنظرة عادلة، تقدم الجزيرة خدمة قيمة من تغطيتها عبر الشرق الأوسط. وسيكون من السخف القول بأنّ مشكلة العالم العربي تتلخص في كشف الكثير من المعلومات عبر القناة. بل العكس هو الأقرب إلى الحقيقة. ويجب على السعودية أن تتوقف عن محاولة توسيع نطاق رقابتها القاسية للرقابة على جيرانها. وفي الواقع، يجب أن تتوقف عن تلك البلطجة تمامًا.

المصدر | إيكونوميست

  كلمات مفتاحية

حصار قطر السعودية الإمارات قناة الجزيرة