«نيوزويك»: السعودية تعرض أمن واشنطن للخطر بحصار قطر

الجمعة 30 يونيو 2017 10:06 ص

وكانت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها قد نشروا قبل أسبوع قائمة تضم 13 مطلبًا على قطر الوفاء بها لإنهاء الحصار المفروض عليها وحل الأزمة الإقليمية الأكثر أهمية منذ حرب الخليج الثانية.

وتعرضت قطر للمقاطعة من قبل جيرانها منذ 5 يونيو/حزيران، عندما أدى التوتر المتصاعد إلى اتخاذ السعودية والإمارات ومصر والبحرين خطوةً غير مسبوقة بقطع جميع العلاقات الدبلوماسية والروابط البرية والجوية والبحرية مع قطر. وقد تسبب الحصار السعودي في حدوث اضطراباتٍ كبيرة في الغذاء والوقود والرحلات الجوية في جميع أنحاء المنطقة، حيث يخشى الكثير من السكان الانفصال عن أسرهم وفقدان وظائفهم.

ويطلب التحالف الذي تقوده السعودية، ليس فقط التعويض المالي غير المحدد، وإغلاق المنفذ الإعلامي المحترم المتمثل في شبكة الجزيرة، لكن الخضوع الكامل لجيرانها الخليجيين. وتُقرأ هذه المطالب في إطار  المثل العربي: «الذي لا يرغب بتزويج ابنته يغالي بمهرها». وببساطة، وُضعت تلك الطلبات لتكون مستحيلة التنفيذ.

ولا تنفصل تلك الإجراءات وتوقيتها عن الدعم المفتوح من قبل الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» للسعودية وحلفائها ضد قطر. وذلك على الرغم من دعوة وزارة الخارجية لأن تكون مطالبات دول الحصار «معقولة وقابلة للتنفيذ». ويتفق المراقبون الدوليون أنّ أسباب النزاع أبعد من مجرد السبب الظاهر بزعم دعم قطر للإرهاب.

وبينما يسافر وزير خارجية قطر إلى واشنطن هذا الأسبوع، حان الوقت للولايات المتحدة أن تمحو هذا الخلاف مع الحليف القديم قبل أن تتصاعد الأزمة. وعلى الرغم من أنّ السعودية والإمارات قد بالغا في أسباب عزل قطر، فإن النتائج غير المقصودة بإعادة تركيز الجهود الأمريكية على التطرف في الخليج قد تُحدث تغييرًا حقيقيًا. وإذا كان الرئيس «ترامب» وإدارته ملتزمان حقًا بهذه المسألة، فقد حان الوقت الآن للعمل.

ومن المفارقات أنّ استمرار الدعم المقدم من قطر يعد جزءًا أساسيًا في مواجهة المتطرفين. وتستضيف القاعدة الجوية في قطر 11 ألف جندي أمريكي، وهي أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، مما يجعلها حاسمة في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وفي الواقع، خلال عام 2016، تم استخدام القاعدة لإطلاق الضربات في العراق وسوريا، وقبل ذلك كانت قاعدةً رئيسية للحملة الأمريكية في أفغانستان.

وقد وصل التعاون العسكري بين البلدين إلى أعلى مستوىً له، بعد اتفاق الرئيس «ترامب» على توريد طائرات إف-15 إلى قطر بقيمة 12 مليار دولار. وقد وُقع هذا الاتفاق بعد أن انتقدها علنًا لدعمها للإرهاب، وهو ما يشير إلى وجود ولاءات قوية داخل الإدارة قد تحول دون التغيير الجذري في العلاقة في المستقبل القريب. وعلاوةً على ذلك، قال وزير الخارجية «تيلرسون» الأسبوع الماضي أنّ الحصار يعوق بالفعل الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة.

كما تحظى الجزيرة بالاحترام الدولي كمنصة إعلامية، وهي ذات قيمة لأهداف السياسة الأمريكية والغربية في المنطقة. وبعد التشريعات الجديدة في الإمارات، والتي تعاقب أولئك الذين «يظهرون التعاطف» مع قطر بأحكام تصل إلى 15 عامًا، لا يمكن للولايات المتحدة بالتأكيد التعاطف مع القمع الوحشي لوسائل الإعلام والحريات الشخصية.

وكانت السعودية قد أشادت باتفاق الأسلحة الذي عقد مؤخرًا مع الولايات المتحدة بقيمة 110 مليار دولار ككسر للجمود خلال سنوات «أوباما»، التي زادت خلالها التوترات بسبب اتفاقه مع إيران، ورحبت بالدعم الضمني للرئيس «ترامب» لجدول أعمال الرياض في الشرق الأوسط. ومع ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن تعتمد نهجًا أكثر دقة يوازن بين المصالح المتعددة في الخليج.

ومما لا شك فيه أنّ السعودية تعتبر إيران أكبر تهديدٍ لسيادتها، وبالمثل يرى الرئيس «ترامب» أنّ طهران تمثل تهديدًا للمصالح الأمريكية، لكنّ الدعم المطلق للسياسة السعودية سيؤدي إلى مخاطر كبيرة على الولايات المتحدة والعالم الغربي كذلك.

ويجب ألا نتجاهل حقيقة أنّ الأيديولوجية التي تلهم العديد من المنظمات الإرهابية الأكثر عنفًا هي الوهابية، وهي عقيدة سنية متطرفة لها جذورها التاريخية في السعودية. وبغض النظر عن الموائمات مع الرياض، يجب أن ندعو إلى إيقاف مصادر نشر الكراهية في جميع أنحاء العالم.

وكما لاحظ المراقبون، فإنّ الختام الوحيد الممكن للمأزق الحالي هو إما أن تستسلم قطر تمامًا ولا تصبح أكثر من مجرد دولة تابعة للسعودية، أو أن تواجه الطرد من مجلس التعاون الخليجي، وسيدفعها ذلك إلى أسلحة إيران.

وينبغي أن يكون الحل واضحًا، ويتمثل في دعوة فريق من الخبراء القانونيين يحظى باحترامٍ دولي لبحث الادعاءات القائلة بأنّ قطر تروج للإرهاب. وإذا كانت الأدلة موجودة، ندعوا القطريين للتعامل مع هذا بشكلٍ صريحٍ وشفاف. لكن لا نعرقل منارة الأمل التي يمثلها مجلس التعاون الخليجي في المنطقة والعالم.

المصدر | نيوزويك

  كلمات مفتاحية

السعودية محمد بن سلمان حصار قطر ترامب