«الغارديان»: الجزيرة ظاهرة فريدة أعادت تشكيل العالم العربي

الجمعة 7 يوليو 2017 04:07 ص

كانت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر قد بدأت بعقوبات دبلوماسية واقتصادية غير مسبوقة، قبل الحصار العدواني على قطر وهددت باتخاذ مزيد من الإجراءات إذا فشلت قطر في تلبية قائمة من 13 مطلبا، واحدة منها إغلاق شبكة الجزيرة.

رفضت الدوحة الاستسلام لأنها تعلم أن ذلك كان يعني أن تخسر سيادتها وتصبح دولة تابعة للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وبعد تحديها الموعد النهائي يمكن أن ينتهي الصراع إلى محاولة تغيير النظام في قطر أو حتى إلى الحرب.

أيا كان ما سيحدث، فإنه الفضل يعود لقناة الجزيرة. فبعد 21 عاما من إطلاقها، فإنها لا تزال تشكل تحديا لأولئك الذين في السلطة. ويمكن لقليل من وسائل الإعلام الأخرى أن تدعي أنها مؤثرة جدا. إن الجزيرة ظاهرة فريدة من نوعها، فمنذ أن بدأ بثها في عام 1996، أحدثت ثورة في وسائل الإعلام العربية، ولعبت في عام 2010 دورا كبيرا في إحداث ثورة سياسية حقيقية في معظم أنحاء العالم العربي.

قبل بث قناة الجزيرة الإخبارية التلفزيونية كان الإعلام العربي عبارة عن هراء شمولي. لا يبث إلا الأخبار التي تركز بشكل رئيسي على ما يقول أو يفعل الشيخ، الأمير أو الرئيس وكان فجر الجزيرة بعيدا عن هذا. وتم السماح للكثير من الأصوات المحظورة بالظهور.

وتشمل قائمة تغطيات الشبكة مراحل مهمة منها تغطيتها لعملية ثعلب الصحراء في العراق في عام 1998، و مرحلة ما بعد 11 سبتمبر/أيلول ومقابلة مع «بن لادن»، والغزو الذي قادته الولايات المتحدة لأفغانستان، حيث كانت قناة الجزيرة القناة الوحيدة التي مارست التغطية داخل البلاد.

وكانت قناة الجزيرة أول قناة عربية تدخل الصحافة الاستقصائية والأولى في استضافة جميع أنواع الضيوف في البرامج الحوارية بها، ومعالجة الموضوعات المثيرة للجدل مثل التفجيرات الانتحارية ووجود الله. وقد أدخلت مفاهيم مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان ودفعت بعنف خلف حدود حرية التعبير.

وكانت الحكومات الأخرى في المنطقة منزعجة منها جدا لأن أيا منها، باستثناء تونس ما بعد الثورة، لم تكن تتمتع بولاية ديمقراطية شعبية.

إنهم يخشون من أي شيء يمكن أن يضعف سلطتهم. وهناك تيار عريض من الأزمات الدبلوماسية بين قطر و البلدان الأخرى في المنطقة باستثناء سلطنة عمان، فضلا عن العديد من دول غير عربية. أعداء الشبكة كثيرون وقد استخدموا كل الطرق لمحاولة إغلاقها، من اعتقال المراسلين وإغلاق مكاتب وترحيل أفراد أسر الموظفين، ومضايقة المعلنين المحتملين وإطلاق دعاوى تافهة، وفي حالة الولايات المتحدة، تم قصف مكاتبها مرتين وقتل أعضاء من موظفيها.

بعد سنوات من الفشل في إحداث تأثير رأت الحكومات العربية أخيرا أن الطريقة الوحيدة للتعامل مع الجزيرة هي التغلب عليها بنفس طريقتها، وهذا هو السبب في إنشاء المملكة العربية السعودية قناة العربية.

ومن الهم أن نتذكر أن الجزيرة ليست العقبة الوحيدة للخلاف بين قطر وجيرانها. فالسعودية وقطر قد يكونان الدولتين الوحيدتين الوهابيتين في العالم، ولكن لديهم أيضا العديد من الاختلافات التاريخية والأيديولوجية، كما يتضح من القائمة التي تضم 13 مطلبا.

وتعد قناة الجزيرة على قائمة اللائحة لأنها تمثل رمزا قويا لقطر والمظهر الأكثر وضوحا لرسم السياسات القطرية. ولكن بالنسبة للغربيين لابد أن نفهم أن قناة الجزيرة لها إصداران،  واحد عربي وواحد  انجليزي، ولكن العربي هو الذي يخلق كل المشاكل.

ولا شك أن الجزيرة الانجليزية والوثائقية تقدم أخبار متطورة تركز على العالم النامي. وبالمقارنة مع القنوات الإخبارية الدولية، مثل بي بي سي العالمية، وسي إن إن الدولية، وفرانس 24 وروسيا اليوم، يتفق معظم المراقبين أن الجزيرة الإنجليزية ذات جودة عالية جدا.

ولكن فشل قناة الجزيرة الإنجليزية الأكبر حتى الآن يكمن في عدم قدرتها على كسر سوق الولايات المتحدة. ولكن حتى بي بي سي تعاني هناك أيضا. وفي المملكة المتحدة، تعتبر الجزيرة كواحدة من القنوات الرائدة، وبديل لبي بي سي.

وعلاوة على كونها أيضا قناة إخبارية على مدار 24 ساعة، فإن الجزيرة الانجليزية مختلفة جدا من حيث اللغة والمحتوى والإطار المرجعي عن الجزيرة العربية وهذا ليس من مستغربا نظرا لأنها تستهدف جماهير مختلفة تماما.

تشكيل وعي جديد

ما يجعل الدول المجاورة لقطر تشعر بعدم الارتياح إزاء الجزيرة هو نجاح القناة في تشكيل وعي جديد بين العرب ورفع قيمة القضايا السياسية، مثل العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. والترويج للجماعات الإسلامية، مثل الإخوان وحماس في جميع أنحاء المنطقة للوصول للسلطة، إما عن طريق ثورة أو انتخابات ديمقراطية.

وبالنظر إلى أنه في مناسبات قليلة كانت الدول العربية السنية قادرة على إجراء انتخابات حرة ونزيهة، فازت الأحزاب الإسلامية فيها، فإن نشاط الجزيرة أثار الأنظمة التي تحاصر قطر اليوم لأنها رأت أنها جميعا عرضة للإطاحة عن طريق الثورة الشعبية والبدائل التي قدمتها قناة الجزيرة وقد مثل هذا تهديدا وجوديا واضحا.

وينفق محور الثورة المضادة موارد كبيرة ويعمل على شيطنة وقمع العديد من تلك التيارات التي تعطيها الجزيرة فرصة لعرض رؤاها. المشكلة بالنسبة لهم هي أن قطر يجب أن لا تبدو على الجانب الصحيح من التاريخ.

ولا تعد قطر دولة ديمقراطية، ولكن لأنها صغيرة جدا وغنية، لا تنطبق عليها القواعد العادية لذلك. هذا هو السبب في أنها لم تبد أي علامة على الاستسلام لأي من المطالب حتى الآن.

المصدر | الغارديان

  كلمات مفتاحية

الجزيرة قطر الإمارات السعودية حصار قطر