«المصالح» و«الحدود» تدفعان مصر و«حماس» لتجاوز خلافات الماضي

الاثنين 10 يوليو 2017 11:07 ص

قال خبراء وسياسيون، إن مصر وحركة «حماس» قادرتان على تجاوز تداعيات الهجوم الذي تعرض له الجيش المصري، الجمعة الماضي، وأسفر عن مقتل وجرح عشرات الجنود.

ويمثل الهجوم الذي تبناه تنظيم «الدولة الإسلامية» تحديا واختبارا لمدى صلابة التفاهمات التي توصلت لها القاهرة والحركة، الشهر الماضي.

فبالإضافة إلى أن الهجوم قد وقع بالقرب من الحدود المصرية الفلسطينية، فإن وسائل إعلام مصرية قد قالت إن ثلاثة من منفذي الهجوم قدموا من قطاع غزة.

وقد يتسبب ثبوت صحة هذه المعلومة، التي لم يصدر بشأنها بيان رسمي من السلطات المصرية أو حكومة غزة، بحرج شديد لحركة «حماس» التي وعدت القاهرة خلال التفاهمات بالقضاء على ظاهرة التهريب وضبط الحدود بشكل كامل.

لكن المشهد العام، يشير إلى صمود تفاهمات القاهرة وحماس، حتى الآن، حيث لم تصدر ردود فعل سلبية «رسمية علنية» من القاهرة ضد الحركة.

لكن الهجوم، قد يتسبب في تأخير تنفيذ بعض بنود التفاهمات، كفتح معبر رفح، أو إدخال بضائع، حسب بعض المراقبين.

وكان واضحا أن «حماس»، قد سعت منذ اللحظة الأولى لوقوع الهجوم إلى التخفيف من آثاره الضارة، التي قد تعصف بالتفاهمات الأخيرة، حيث سارعت إلى إصدار بيان رسمي، أدانت الهجوم ووصفته بالإجرامي.

كما شارك رئيس مكتبها السياسي، «إسماعيل هنية»، السبت الماضي، في بيت عزاء أقامته القوى الوطنية والإسلامية والجالية المصرية في غزة، حدادًا على ضحايا الهجوم.

وقال هنية، في كلمة للصحفيين، إن «الوفد القيادي الذي يمثل حركة حماس جاء يقدم التعازي لمصر قيادة وشعباً بشهداء الجيش المصري الذين راحوا ضحية العمل الإجرامي».

وقررت وزارة الداخلية، التي تديرها حركة «حماس»، في قطاع غزة،اليومين الماضيين، تعزيز إجراءاتها الأمنية، في كافة المناطق القريبة من الحدود مع مصر، وأقامت العديد من الحواجز الأمنية.

صفحة جديدة

ويرى محللون سياسيون فلسطينيون، أن حركة «حماس» تسعى جاهدة إلى تحسين علاقاتها مع مصر، وطي أربع سنوات من الخلافات والتوتر، والنأي بنفسها عما يجري في منطقة سيناء، من هجمات تستهدف الجيش المصري.

وفي المقابل، يبدو أن السلطات المصرية، تسعى أيضا إلى فتح صفحة جديدة مع الحركة، التي تحكم قطاع غزة، منذ عام 2007، رغم العداء الكبير الذي تكنه لها، كونها تعتبرها جناحا يتبع لجماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها القاهرة «إارهابية».

ويعتقد المراقبين أن مصر بحاجة إلى تعاون «حماس»، الأمني معها لضبط الأوضاع في سيناء.

كما تسعى مصر إلى تعزيز دورها السياسي في المنطقة، من خلال رعاية الملف الفلسطيني، وهو ما يحتاج إلى وجود علاقات دافئة مع حماس.

ويقول مصطفى الصواف الكاتب والمحلل السياسي بغزة، إن دلالات فتح بيت عزاء ومشاركة رئيس حماس، «إسماعيل هنية»، فيه، تشير إلى أن حماس تريد توجيه رسالة إلى مصر، مفادها بأنها ليست معنية بما يجري في سيناء، وليست طرفا في هذه الجريمة.

وأضاف «الصواف»:«وقوف حماس والفصائل الفلسطينية في بيت العزاء ومشاركتهم يؤكد على رفضهم للإرهاب».

وأوضح «الصواف» أن هناك جهات (لم يحددها) تريد «التشويش على التفاهمات الأخيرة التي جرت بين حماس والقاهرة لتخفيف من الحصار عن غزة».

وعن تشديدات الإجراءات الأمنية التي قامت بها حماس، يومي السبت والأحد، في أعقاب الهجوم في سيناء، قال الصواف: «هذا دليل على أن حركة حماس معنية بالأمن المصري ولهذا تقوم بكل ما تستطيع فعله على المنطقة الحدودية لمنع تسلل أي عنصر سواء من سيناء أو غزة».

ويعتقد «الصواف»، أن العلاقات بين حركة حماس والقاهرة، سوف تصمد أمام اختبار الهجوم الأخير، وقال:«هناك حراك قوي لتحسين العلاقات وطي صفحة الخلافات والبدء بصفحة جديدة بين الطرفين».

وأعرب عن أمله في عدم انعكاس الأحداث الأخيرة في مصر على الخطوات الإيجابية التي جرت مؤخرا بين الطرفين.

واتفق المحلل والكاتب السياسي، «إبراهيم المدهون» مع «الصواف»، في أن «حماس»، معنية بتحسين العلاقات مع مصر، وعدم التسبب بأي إشكاليات للسلطات المصرية في سيناء.

ورأى في في افتتاح بيت عزاء من قبل الفصائل بغزة، رسالة تأكيد على عمق العلاقة بين القاهرة وغزة، وأنها ليست لها علاقة بما يجري.

ولفت «المدهون» إلى أن مثل الهجمات التي تحدث في سيناء، تلحق الضرر بحركة حماس.

وقال:«من شأن مثل هذه الهجمات أن تربك الساحة الواقع الأمني الذي يؤثر سلبا على القطاع وهذا ما لا تريده حماس».

وتابع:«حركة حماس معنية بأن يكون هناك حالة من الاستقرار وعدم وجود أي ثغرة قد يستفيد منها بعض المتجاوزين من هنا أو هناك».

وشدد «المدهون» على ضرورة أن يكون هناك عمل متواصل بين القاهرة وحماس لسد جميع الثغرات الحدودية.

وأردف بالقول:«حماس تحارب التطرف، وترفض التدخل في شؤون مصر أو أن يكون سبب في الإشكاليات من غزة لذلك وجب على حماس أن تفرض إجراءات أمنية مشددة وهذا ما حصل».

ويقول «المدهون» إن تحسن العلاقة بين النظام المصري وحركة «حماس» ستصب لمصلحة كليهما.

وأشار إلى أن مصر تحتاج لتعزيز دورها الإقليمي للإشراف على ملفات القضية الفلسطينية المعقدة.

ويعتقد «المدهون» أن ما حصل في سيناء قد يحمل بعض الآثار السلبية على بعض التفاهمات بين «حماس» ومصر، مثل إعاقة فتح معبر رفح أو تقليص إدخال الوقود.

بدوره، قال «فايز أبو شمالة»، الكاتب والمحلل السياسي، إن حركة «حماس» حريصة على تعزيز إجراءاتها الأمنية على المنطقة الحدودية.

ولفت إلى أن افتتاح بيت العزاء بغزة، يأتي تأكيدا على أن «الجرح المصري هو جرح فلسطيني».

وقال:«الفلسطينيون في غزة يتوجعون للجرح المصري، وبيت العزاء واجب فهذا الجندي المصري هو كالجندي الفلسطيني».

ولفت إلى أن الهواجس الأمنية المصرية تجاه «حماس»، بدأت تتراجع في الآونة الأخيرة.

ورأى أن التفاهمات المصرية مع «حماس» سوف تتطور قريبا، وتنعكس إيجابا على علاقتهما سواء أمنيا أو اقتصاديا أو إنسانيا.

وكانت حركة «حماس» قد أعلنت إن وفدها الذي توجه إلى القاهرة في الثاني من يوليو/ تموز الماضي، قد توصل إلى تفاهمات مع مصر، قالت إنها ستخفف من أعباء قطاع غزة.

وبموجب هذه التفاهمات، شرعت «حماس» في إقامة منطقة عازلة على طول الحدود، وإغلاق كافة الأنفاق.

وفي المقابل سمحت مصر لأول مرة، بإدخال كميات من مادة السولار عبر معبر فح، لتشغيل محطة توليد الكهرباء، وكذلك لمحطات الوقود الخاصة.

كما أعلن قادة في «حماس»، أن مصر ستفتح معبر رفح، أمام الأفراد والبضائع، بعد الانتهاء من أعمال البناء والتطوير الجارية فيه.

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

إسماعيل هنية غزة حماس هجوم رفح الجيش المصري تنظيم الدولة الإسلامية