جغرافية «سيناء» تؤجل حسم معركة مصر ضد «الدولة الإسلامية»

الجمعة 14 يوليو 2017 07:07 ص

أظهر هجوم «رفح» الذي استهدف محافظة «شمال سيناء»، الجمعة الماضي، مكبدا الجيش المصري خسائر فادحة، قدرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على الصمود، واستغلال الظروف المتاحة لتنفيذ عمليات كبرى.

وعلى الرغم من الضربات العسكرية والأمنية المتلاحقة التي تتلقاها خلايا التنظيم في مربع يمتد من جنوب مدينة «رفح» عند الحدود الشرقية حتى جنوب «العريش» في الجهة الغربية للمحافظة، شمال شرقي البلاد، فإن وجود التنظيم لم ينته طوال 4 سنوات في تلك البؤرة الساخنة.

ونجح الجيش المصري في تصفية «أبو دعاء الأنصاري» زعيم فرع «ولاية سيناء» وكبار مساعديه في قصف جوي العام الماضي، بالإضافة إلى ضربات جوية مكثفة أفقدت التنظيم المئات من مسلحيه إثر هجوم نوعي على مدينة الشيخ زويد قبل نحو عامين أطلق الجيش بعده حملة عسكرية ضخمة قضت على جزء كبير من رصيد التنظيم، البشري والتسليحي.

لكن هجوم «البرث»، الذي قُتل فيه 40 تكفيرياً (وفق الرواية الرسمية)، وقتل خلاله 26 ضابطا وجنديا، وأصيب 33 آخرين، أظهر قدرة التنظيم على شن هجمات كُبرى، بمشاركة عشرات المسلحين وانخراط عدد كبير من الانتحاريين في صفوفه، واحتفاظه بـ «رصيد كامن» في شمال سيناء، فضلاً عن تسلحه بمعدات حديثة، بينها عربات دفع رباعي مُصفحة، ومضادات طائرات.

وأظهر الهجوم أن دخول القبائل على خط المواجهة مع التنظيم المتطرف لم يقض على هذا الرصيد الكامن، خصوصاً أن الهجوم استهدف وحدة عسكرية قوية في أبرز مناطق قبيلة «الترابين»، التي تقود «تحالف القبائل» المحارب لـ «الدولة الإسلامية».

وقال قيادي في «تحالف القبائل» في تصريحات خاصة نقلتها صحيفة «الحياة» اللندنية، إن «هجوم البرث مثّل مفاجأة للترابين، لكن بمراجعة تفاصيله يمكن اتخاذ إجراءات من شأنها ليس تجنب تكراره فقط، بل القضاء على تواجد داعش في شمال سيناء».

وأضاف أن التنظيم المتطرف لم يستطع طوال 6 شهور شن أي هجوم كبير في سيناء، إذ كان الهجوم على مكمن المطافئ في يناير/كانون الثاني الماضي في العريش آخر تلك الهجمات، موضحاً أن «هجوم البرث يعد عملية نوعية ويشير إلى أن فترة كمون التنظيم قضاها مسلحوه داخل غرف العمليات للإعداد للعملية الجديدة، وتنفيذها في موقع مختلف عن العريش التي نشط فيها أخيراً، واختار جنوب رفح وتحديداً نقطة البرث التي تقسم مناطق انتشار عناصر التنظيم إلى نصفين، وتمنع أي تواصل بينهما.

وركز تنظيم «الدولة الإسلامية» عملياته في الشهور الأخيرة على مدينة «العريش»، معتمداً على هجمات صغيرة تستهدف أفراد الأمن قنصا أو بعبوات ناسفة. وعندما أراد التنظيم صدى إعلاميا ودوليا استهدف المدنيين من المسيحيين.

لكن الإقدام على هجوم كبير في البرث، علماً أن المنطقة تضم الكتلة الأكبر من مسلحي القبائل وتنتشر فيها مكامن الجيش بكثافة، يدل على أن التنظيم مهتم بمعقله الرئيسي الذي فقده في جنوب رفح والشيخ زويد، وهذا دليل على أن فقده الملاذ الآمن في تلك المنطقة أضر بالغ الضرر بالتنظيم، وقطع خطوط التواصل بين خلاياه، الى درجة دفعته إلى تنفيذ هجوم يحمل تلك الدرجة من الخطورة، فيما تظل نسب نجاحه في العودة إلى تلك المعاقل معدومة، وفق المصدر القبلي.

وانتقد القيادي في تحالف القبائل الحديث المتزايد عن تقاعس قبيلة «الترابين» في صد الهجوم الأخير أو إبلاغ الجيش بتحرك الرتل المسلح نحو مكامنه، لافتاً إلى أن «الترابين» فقدت 23 شاباً من أبنائها في حربها ضد «داعش»، ونجحت في قطع طرق الإمداد لـ «داعش» من وسط سيناء إلى المناطق الجنوبية في شمالها، والتي كان يعتمد عليها التنظيم للحصول على مواد الإعاشة والسلاح.

وأضاف أن «البعض يُفسر بلا دراية ويُلقي التهم جزافاً على القبائل. من يتهمنا بالتقاعس في إبلاغ قوات الأمن لا يعلم الطبيعة الجغرافية لسيناء. تلك المناطق بالغة الوعورة ويتم التعامل معها بالقصف الجوي، بعدما فخخت عناصر التنظيم جميع المدقات الجبلية»،

ولفت إلى أن «الطبيعة الجغرافية في تلك المناطق التي تكثر فيها الأعشاب على سفوح الكثبان الرملية، تشكل ظروف تمويه جيدة لعناصر التنظيم التي تقوم بشق حفر كبيرة فى سفوح الكثبان لإخفاء سيارات الدفع الرباعي ومخازن السلاح ما يعقد كشفها وملاحقة هذه العناصر، فضلاً عن الحاجة إلى عدد كبير من القوات لاقتحام المنطقة، مع احتمال خسائر كبيرة».

وأشار القيادي إلى أن مسلحي اتحاد القبائل لم يستطيعوا التدخل لصد الهجوم على الوحدة العسكرية في البرث من دون تنسيق مع الجيش. وأوضح ان «الدخول إلى منطقة مواجهات لا يكون عشوائياً، بل يجب التنسيق أولاً، وفي تلك اللحظات لا يمكن الطيران الحربي التمييز بين الإرهابيين وأبناء القبائل».

وكان تنظيم «الدولة الإسلامية» استهدف منذ أسبوع مقر «كتيبة صاعقة 103» في منطقة «البرث»، جنوب مدينة رفح، بنحو 12 سيارة دفع رباعي، وعشرات الدراجات النارية، وأن المهاجمين قاموا في البداية بتفجير سيارتين مفخختين في نقطة تفتيش تؤمن الكتيبة، ما أسفر عن مصرع العقيد «أحمد المنسي»، قائد الكتيبة، وعشرات الجنود من القتلى والجرحى.

وقالت وكالة أنباء «أعماق» التابعة للتنظيم، في بيان، إنه «بينما كان الجيش يستعد لشن عملية عسكرية ضد مواقع الجهاديين، فجر أحد الاخوة نفسه مع مركبته المفخخة بين تجمعاتهم».

وأضاف فرع التنظيم في سيناء، أنه «بعد الانفجار قام العديد من الجهاديين بمهاجمة نقطة التفتيش لقتل كل من كان لا يزال حيا».

وذكرت الوكالة أن الهجوم أدى إلى مقتل أو إصابة أكثر من 60 جنديا، من بينهم عقيد، بينما قتل 5 مقاتلين من التنظيم.

وتنشط في محافظة شمال سيناء، عدة تنظيمات أبرزها «أنصار بيت المقدس» الذي أعلن في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، مبايعة تنظيم «الدولة الإسلامية»، وغيّر اسمه لاحقا إلى«ولاية سيناء».

  كلمات مفتاحية

سيناء هجوم رفح الجيش المصري تنظيم الدولة الإسلامية الترابين