تقرير بريطاني: السعودية تتزعم تمويل التطرف بـ87.7 مليار دولار

الاثنين 17 يوليو 2017 10:07 ص

خلص تقرير بريطاني حديث، إلى وجود دورٍ للسعودية في تمويل التطرف، في المملكة المتحدة والعالم، مقدرة الإنفاق السعودي بنحو 87.7 مليار دولار على الأقل في هذا المجال عالمياً، على مدار السنوات الـ30 الماضية.

التقرير البريطاني الذي أصدرته مؤسسة «هنري جاكسون» البحثية، في 12 صفحة وبعنوان «التمويلات الخارجية للتطرف الإسلامي»، وخلص إلى وجود صلة بين التطرف في بريطانيا والمملكة العربية السعودية التي ذكرها التقرير 83 مرة.

وأوضح التقرير، وهو الورقة البحثية التاسعة لعام 2017 التي تصدرها المؤسسة، أن هناك «صلة واضحة ومتنامية بين منظمات إسلامية تتلقى دعما من الخارج ومنظمات تروج للكراهية وتروج للعنف».

ودعت المؤسسة، في تقريرها المنشور يوم 5 يوليو/تموز 2017، إلى إجراء تحقيق عام في الدور الذي تلعبه السعودية ودول خليجية أخرى بالخصوص، ومطالبة المؤسسات الدينية -بما فيها المساجد- داخل بريطانيا بالكشف عن جميع مصادر التمويل الخارجي.

سياسة قديمة

ولفت التقرير إلى أن أهم تمويلات التطرف الإسلامي في بريطانيا، تأتي من الحكومات والمؤسسات الحكومية في دول الخليج، بالإضافة إلى إيران.

وأشار إلى تصدر السعودية لائحة الدول الداعمة للتطرف، حيث قامت منذ ستينيات القرن الماضي برعاية جهود بقيمة مليارات الدولارات لتصدير الفكر الوهابي عبر العالم الإسلامي، بما في ذلك المجتمعات الإسلامية في الغرب.

وأوضحت الدراسة التي أجراها الباحث «توم ويلسون»، في التقرير، أنَّ السعودية، ومنذ الستينيات، قد التزمت بسياسة الترويج لتفسيرها المُتشدِّد للإسلام الوهابي عالمياً.

ويرى «ويلسون» أنَّ الأثر الأعمق لتلك السياسة قد ظهر في الأجزاء الأخرى من العالم الإسلامي؛ إذ لم تُوجَّه تلك التمويلات التي استخدمتها السعودية وبعض دول الخليج الأخرى من أجل الترويج لتفسيرٍ أكثر تشدُّداً للإسلام إلى أوروبا والولايات المتحدة فحسب، بل شقَّت طريقها حتى إلى الهند، وأفغانستان، وباكستان وغيرها من المجتمعات الإسلامية السُّنِّيَّة، وطغى هذا التفسير في كثيرٍ من الأحيان على الممارسات والتقاليد المحلية الأكثر اعتدالاً.

منهج وهابي

يرى «ويلسون» أنَّ السعودية اتَّبعت نهجاً متكاملاً للترويج للوهابية في المجتمع البريطاني المسلم.

ويُعَد التعليم، وفقاً للدراسة، مُكوِّناً رئيسياً في هذا النهج، إذ تُثار مخاوف مستمرة بشأن الكيفية التي ربما تصل بها الأيديولوجيا الوهابية المُتعصِّبة للشباب في بريطانيا، خصوصاً عبر الكتب الدراسية لأطفال المدارس.

وفي المملكة المتحدة، وبحسب التقرير، اتخذ هذا التمويل في المقام الأول شكل هبات وأوقاف للمساجد ومؤسسات تعليمية إسلامية يبدو أنها استضافت دعاة متطرفين ووزعت منشورات فكرية متشددة.

كما مورس التأثير من خلال تدريب قادة مسلمين بريطانيين في المملكة العربية السعودية، فضلا عن استخدام الكتب المدرسية السعودية في عدد من المدارس الإسلامية المستقلة في المملكة المتحدة.

وبحسب الدراسة، تتراوح المدارس المُموَّلة سعودياً أو تلك التي تحظى السعودية فيها بتأثيرٍ بين المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية.

وبالفعل، وُجِد أنَّ الكتب الدراسية نفسها المُستخدمة في المناهج الوطنية السعودية تُستخدَم في بعض تلك المدارس.

ووصف الباحث محتوى تلك الكتب بـ«المتطرف للغاية»، واستشهد على ذلك بأنَّه حتى تنظيم «الدولة الإسلامية» تبنَّى تلك الكتب ككتبٍ دراسية رسمية تُدرَّس في مدارس ما يدَّعى التنظيم أنَّها «خلافته».

ولفت التقرير إلى أن «عدد من أخطر وعاظ ودعاة الكراهية الإسلاميين في بريطانيا يعتنقون الفكر الوهابي، ولهم -على ما يبدو- صلة بالتطرف الإسلامي الذي يحظى برعاية من الخارج، إما بدراستهم في السعودية في إطار برامج البعثات الدراسية، أو عبر تزويدهم بمطبوعات ومواد متطرفة من داخل المملكة المتحدة نفسها».

وأشار كذلك إلى تحقيقاتٍ لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، وجدت أنَّ نحو 5 آلاف طفل بريطاني في نحو 40 نادياً ومدرسة كان يجري تدريسهم مناهج رسمية سعودية.

ولفتت إلى أن نحو 850 بريطانيا التحقوا بتنظيمات جهادية في العراق وسوريا يعتقد أنها ترتبط بمؤسسات تمويل أجنبية ودعاة.

العمل الخيري

وبحسب الدراسة، فإن العمل الخيري، يمثل مجالاً آخر تنظر إليه الدراسة باعتباره قناةً لتوجيه التمويل السعودي إلى التطرُّف في المجتمع البريطاني.

وأشارت الدراسة إلى أن السعودية تدير عدداً من المؤسسات الخيرية الكبرى المسؤولة عن توجيه التمويل للأنشطة التعليمية الإسلامية على مستوى العالم، بما في ذلك بريطانيا.

وفي الغالب يكون هدف التمويل ببساطة هو شراء النفوذ للسعوديين، كأن يتمكَّنوا من استخدام مسجدٍ ما كمنصة يمكن للدُّعاة السلفيين/ الوهابيين الترويج عبرها لأيديولوجيتهم.

وفي عددٍ قليل من الحالات، تُدار المؤسسات التي تتلقَّى تمويلاً سعودياً في بريطانيا بصورةٍ مباشرة من السعودية، كما هو الحال مع «الندوة العالمية للشباب الإسلامي»، وكذلك مسجد الملك فهد في إدنبره، حسب بعض التقارير.

ويستند الباحث إلى أحد تقارير القناة الرابعة البريطانية للربط بين المساجد التي عانت مشاكل خطيرة في استخدامها للترويج للتطرُّف وبين كونها متلقِّية للتمويل السعودي، واستشهد بمسجد شرق لندن الذي استضاف دُعاة ينظَر إليهم الباحث كدُعاة مُتطرِّفين يروِّجون لخطاب الكراهية أمثال السعودي «عبدالرحمن السديس» و«إبراهيم هويت».

تمويل متصاعد

كما أشارت الدراسة، إلى ظهور بعض التقارير التي تفيد بأنَّ قادة الخليج قد اعترفوا لدبلوماسيين غربيين، منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وصعود تنظيمات إرهابية، بالحاجة لكبح التمويل الذي قد يُستخدَم للترويج لإسلام مُتطرِّف.

وفي السنوات الأخيرة، أنشأت العديد من تلك الدول برامج محلية لمساعدة المُتشدِّدين على التخلُّص من التطرُّف وإعادة تأهيلهم؛ فأطلقت السعودية مركزاً جديداً لمكافحة أيديولوجيا التنظيمات مثل تنظيم «الدولة الإسلامية» في ربيع 2017.

وفي سبتمبر/أيلول 2016، وضعت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في المملكة قواعد جديدة لتنظيم دعوة الأئمة في البلدان الأخرى.

ومع ذلك، زُعِم أيضاً أنَّ مقدار تمويل التطرُّف الديني الصادر عن بلدانٍ مثل السعودية في حقيقة الأمر قد تزايد في السنوات الأخيرة.

ففي عام 2007، قُدِّر أنَّ المملكة كانت تنفق ملياري دولار على الأقل سنوياً من أجل الترويج للوهابية على مستوى العالم.

وبحلول عام 2015، يُعتَقَد أنَّ هذا الرقم قد تضاعف.

وربما يمكن الشعور بنتائج هذا الإنفاق المتزايد بصورةٍ واضحة في حالة بريطانيا.

توصيات

وخلص التقرير إلى عدة توصيات وحلول لمعالجة هذه المسألة الشائكة.

ودعا التقرير حكومة بلاده للبدء في معالجة المسألة عبر بدء تحقيقٍ رسمي وعلني فيها، ويطالب كذلك بحصول صُنَّاع القرار على المعلومات الدقيقة المُتعلِّقة بالمسألة حتى يتمكَّنوا من الوصول لسياساتٍ أو تشريعاتٍ ملائمة من أجل التصدَّي لهذا التحدي.

وأوضح أنَّ نقص المعلومات المتاحة بشأن التمويل الخارجي والتطرُّف الإسلامي في المملكة المتحدة يُسلِّط الضوء على الحاجة إلى مزيدٍ من الشفافية، ويدعو لتوفير البيانات المُتعلِّقة بالدول ذات السجلات الخطيرة في هذا المجال، ويدعو أيضاً لإلزام المؤسسات والجمعيات التي تتلقَّى تلك التمويلات بالإفصاح عنها وعن الأوجه التي يجري استخدام التمويلات فيها.

ولا يستبعد الباحث إمكانية اللجوء لإجراءات وتدابير لمنع تمويلاتٍ بعينها من متبرِّعين في دولٍ مُحدَّدة أو لصالح مؤسساتٍ مُحدَّدة، لكنَّه حذَّر في الوقت نفسه من مخاوف تتعلَّق بنتائج أو آثار جانبية غير مرغوبة، كما في حالة أن يطال هذا المنع التمويلات الشرعية المُخصَّصة لأغراضٍ بنَّاءة.

يشار إلى أن الحكومة البريطانية، متهمة بدفن التقرير، بعد أن نشرت فقط ملخصا من صفحتين أغفل بوضوح أي ذكر للمملكة فيه.

وكلف رئيس الوزراء البريطاني السابق «ديفيد كاميرون»، بالبدء في هذا التحقيق قبل عامين تقريبا، وتم تسليمه للحكومة في العام الماضي.

وقد أثارت الهجمات «الإرهابية» الثلاثة على بريطانيا في الأشهر الأخيرة أسئلة قوية متزايدة من قبل أحزاب المعارضة حول سبب عدم نشر التقرير بالكامل.

وأدى التستر الظاهر إلى اتهامات من قبل العديد من الأعضاء في مجلس العموم أن الحكومة تسعى لحماية السعودية التي من المتوقع أن يكون اسمها بارزا بين الحكومات الأجنبية والجماعات المرتبطة بالحكومات التي تسعى إلى تمويل «التطرف الإسلامي».

أعد الدراسة الباحث «توم ويلسون»، هو زميلٌ في مركز الاستجابة للتطرُّف والإرهاب ومركز الشرق الأوسط الجديد التابعين لمؤسسة «هنري جاكسون».

ويُعَد «ويلسون» مُتخصِّصاً بارزاً في التنظيمات المُتطرِّفة واستراتيجية مكافحة الإرهاب، وتُركِّز أبحاثه على تنامي التطرُّف في بريطانيا والشرق الأوسط.

ومؤسسة «هنري جاكسون»، هي مؤسسة بحثية بريطانية، تصف نفسها بأنها مؤسسة تتجاوز الانحيازات الحزبية، غير أنَّ البعض يعتبرها يمينية بعض الشيء.

وتهتم المؤسسة بطيفٍ واسع من القضايا من المنظورين الموضوعي والجغرافي؛ إذ تُغطِّي قضايا وموضوعات سياسية واقتصادية وإعلامية، كما تُغطِّي كذلك مناطق مختلفة من العالم من أوروبا وحتى الشرق الأوسط.

  كلمات مفتاحية

العلاقات السعودية البريطانية الإرهاب التطرف هنري جاكسون تقرير بريطاني الوهابية التمويل

«ستراتفور»: التطرف الديني الصهيوني والتراث الوحشي للحاخام «كاهانا»

وثيقة: مصر تقلل من قدرات السعودية وتطالب بتحرك ضد تركيا