«نشار» .. أول سعودية تتولي منصب الرئيس التنفيذي لبنك تجاري

الأحد 23 يوليو 2017 05:07 ص

تمكنت الشابة السعودية «رانيا نشار»، من تصدُّر الأخبار المتعلقة بقطاع التمويل السعودي، لكونها أول رئيسة تنفيذية لبنك تجاري سعودي مدرج. أما بصورة خاصة فقد كان صعودها إلى هذا المنصب في مجموعة سامبا المالية يمثل رحلة امتدت 20 عامًا، لم تتميز بالانطلاق السريع بقدر ما اتسمت بتطورات بطيئة وثابتة.

وبحسب مجلة «فوربس الشرق الأوسط»، فحين انضمت «رانيا» إلى المجموعة عام 1997، كان اهتمامها المهني الأكبر منصبًا على مشكلة عام 2000، أي الانهيار الرقمي الوهمي الذي لم يحدث مطلقًا. والآن، بإشرافها على أصول حقيقية تتعدى 61 مليار دولار، عليها أن تقود ثالث أكبر مؤسسة مالية في السعودية عبر مناخ اقتصادي راكد، بينما تواصل قيادة المملكة إصلاحاتها.

وتلفت المجلة إلى أن تعيينها لا يتعدى أكثر من كونه تغيرًا إداريًا بحتًا. وتقول «لبنى قاسم»، نائب الرئيس التنفيذي في بنك الإمارات دبي الوطني وعضو في «%Club 30» لمنطقة الخليج، الذي يناصر مشاركة أوسع للمرأة في الأعمال التجارية: «هذا إنجاز عظيم، وعلينا الاحتفال به حقًا، إذ من خلاله نوضح للنساء في المنطقة أنه لا حدود لأحلامهن، وأن الوصول إلى منصب الرئيس التنفيذي خيار وظيفي لا يقتصر على الرجال».

إلا أن مسيرة «نشار» المهنية لم تتحدد بالنوع الاجتماعي كونها امرأة بقدر ما تحددت بتطور المصرف أيضًا؛ فحين التحقت به، كان تابعاً لـ«Citibank» ويتبنى ثقافة «Wall Street» ونموذج أعمال تقليدي عمومًا.

وبفضل النمو الاقتصادي الثابت للملكة، والاستقرار النسبي في أسعار النفط، نمت أصول سامبا خلال العقد التالي من 25.3 مليار دولار إلى 57.8 مليار دولار عام 2014.

كذلك تطورت مسيرة نشار الوظيفية، حيث عينت للإشراف على مشاريع كبرى، ضمت بناء دائرة مركزية للالتزام بالأنظمة، وتطوير استراتيجيات لمكافحة غسيل الأموال على مستوى الشركة، مع العمل كرئيس قسم الالتزام بالأنظمة في المصرف.

وخلال سنوات الازدهار، توسع إقليميًا، واستحوذ على أصول في باكستان، وافتتح فروعًا في دبي وقطر والمملكة المتحدة.

لكن بسبب الوفرة العالمية بالنفط الخام، وما نتج عنها من انخفاض لسعر النفط منذ 2014 ، أثرت السنوات الأخيرة على الاقتصاد السعودي، مع تعود الحكومة التي شهدت أنشطة قوية لمدة طويلة على سياسة «شد الحزام».

وهذا التقليص الحكومي للنفقات يؤدي إلى تقليص مماثل في حجم القروض لدى المصارف الوطنية، ومنها: سامبا.

وفي حين تؤلف النساء 22% فقط من القوة العاملة في السعودية، ولا تزال المرأة بحاجة لموافقة الوصي أو ولي الأمر لإجراء معاملات مهمة. لكن في عدد من المراسيم مؤخرًا، تعهد الملك «سلمان بن عبد العزيز آل سعود»، بتخفيف نظام الوصاية الذكورية التي تمنع المرأة من استصدار جوازات سفر أو الزواج من دون موافقة الوصي الذكر. ولم يتم بعد تحديد الخدمات القانونية التي يمكن للنساء الحصول عليها من دون إشراف ذكوري.

وتقر «نشار» بأن تمكين المرأة قد لا يحدث بالسرعة الكافية في السعودية: «التغير حاصل، لكن ليس بالسرعة التي تلبي تطلعات المرأة السعودية. وحالياً، هناك الكثير من النساء الرائعات في السعودية. إنهن موهوبات ومتعلمات ومثابرات في العمل، وكل ما يحتجن إليه فرصة لإثبات أنفسهن فقط».

وهناك مؤشرات على حدوث تحول ثقافي حقيقي؛ فمع انتشار خبر التعيين التاريخي لنشار، أعلنت تداول - سوق الأسهم السعودية، أنها اختارت سيدة أيضًا، هي: «سارة السحيمي»، الرئيس التنفيذي في البنك التجاري الوطني لتكون رئيستها الجديدة. كذلك في الأسبوع ذاته، اختيرت «لطيفة السبهان» لتكون الرئيس المالي في البنك العربي الوطني أحد أكبر 10 مؤسسات مالية في السعودية.

من جانبها، تقول الدكتورة «بسمة المومني»، الأستاذة في جامعة واترلو عن التعيينات الحديثة والتعديلات القانونية: «أعتقد أن السعودية تمر بعملية إصلاح حقيقية. ودافعها الضرورة - ضرورة الاعتراف بأن إقصاء المرأة اقتصاديًا يبقي 50 % من طاقتها الاقتصادية خاملة”. في حين تحاول السعودية تنويع محفظة أعمالها منذ عقود، لكنها أيضًا تبحث عن وسيلة لاستغلال مواردها القائمة. وما لديها هو الطاقات والمواهب البشرية غير المستغلة حتى الآن».

مع ذلك، تقول «فوربس الشرق الأوسط» إن هناك من يشكك فيما إذا كان بروز القيادة النسوية سيشكل فرقاً حقيقياً للمرأة في السعودية، التي قد تفتقد للتعليم المناسب أو الموارد أو العلاقات الاجتماعية للوصول إلى مناصب مهنية رفيعة.

وحول ذلك، توضح «مريم صفير»، مساعدة مدير معهد الدراسات النسائية في العالم العربي - الجامعة اللبنانية الأميركية: «هذا لا يفتح المجال أمام الفتيات ذوات المستوى الاقتصادي الأقل، ممن يتعرضن لتحديات أكبر. لكنه يدل على انفراج ملحوظ، فقد حولن الطموحات غير الواقعية إلى واقع يمكن تحقيقه».

غير أن الانفراج الملحوظ ليس سوى جزء من المعركة. وبوصفها رائدة في القطاع، ستكون «نشار» محل تمحيص مكثف بناء على كونها امرأة أولاً، كما تقول «نادرة شاملو»، المستشارة السابقة في البنك الدولي: «إذا انتهجت أسلوب المبادرة القوية ستعد شرسة، وإذا انتهجت أسلوباً مهذباً ستعد لينة. إن أنماط السلوك المتاحة عند القادة من الرجال أوسع بكثير مما عند القياديات». لكن نشار واثقة باستراتيجيتها الإدارية. والحفاظ على جودة أصول سامبا خلال التراجع الاقتصادي يمثل همها الأول في العمل، أما الحذر فهو الأسلوب الحكيم في الإدارة كما تصفه. وتضيف: «لا نريد دخول مناطق أشد خطرًا لمجرد زيادة دخلنا، ومن ثم التورط في تلك الأخطار لاحقًا».

كما يقول «اندرو باركنسون»، المدير في فريق المؤسسات المالية لدى «Fitch Ratings»: «ربما سيظن البعض أننا نخسر فرصًا مؤكدة، لكننا نؤمن أن الأفضل لنا متابعة أعمالنا بثبات وأمان. لكن بالرغم من الضغوط الاقتصادية، ترى وكالات التصنيف الكبرى أن أسس المصرف قوية». مضيفًا: «رأس ماله قوي، وأرباحه ممتازة وجودة أصوله تظل مستقرة، بل أكثر استقرارًا من معظم البنوك الأخرى التي نقيّمها في السعودية».

ويتفق «كرستوس ثيوفيلو»، المحلل في «Moody’s Investors Services» مع هذا الرأي قائلاً: «إنه يملك أسسًا مالية مرنة وقدرات مرنة للغاية. ويكمن التحدي في الاستمرار على هذا النحو».

من جهة أخرى، تلفت المجلة في نسختها العربية المعنية بمنطقة الشرق الأوسط ومنطقة الخليج، أن الاقتصاد السعودي يشعد تغيرًا لافتًا الآن، نظرًا لأن الحكومة لم تعد قادرة على أن تكون المزود الوحيد للخدمات والنمو الصناعي، فهي تسعى إلى تقوية القطاع الخاص وتنويع أصولها المالية. فيما يأمل المصرف من الاستفادة من الشراكات الجديدة مع القطاع الخاص كدائن واستشاري.

وتوضح «نشار»: «سنشهد سياسة تركز على تنويع مصادر الدخل، بالاستثمار في موارد المملكة الضخمة، وتفعيل دور القطاع الخاص، وتشجيع التجارة والتصنيع».

وستتمثل أهم خطوات الخصخصة في الإدراج العام لأرامكو شركة النفط السعودية الوطنية.

فيما يعتقد أنها أعلى شركة من حيث القيمة في العالم، إذ يقدر خبراء القطاع قيمتها السوقية بنحو 1 ترليون دولار. وسبق أن أعلنت السلطات السعودية نيتها إدراج الشركة في بورصة أجنبية لم تحدد بعد، وفي سوق التداول المحلية. وقد اختير سامبا لتقديم المشورة حول الاكتتاب العام في تداول. وعند سؤالها عن الاتفاق، اكتفت بالقول إن النقاشات لا تزال في مراحلها الأولى.

  كلمات مفتاحية

السعودية مال اقتصاد سوق المال شركة تداول اكتتاب بورصة المرأة المرأة السعودية