استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

لا حـاجـة إلى «إف 16» لإلحـاق الهـزيمـة بالعـدو

السبت 5 أغسطس 2017 04:08 ص

هناك دروس عدة تستقى من نصر الأقصى، هذا النصر الذي أنجزه المقدسيون ومن ورائهم جموع الفلسطينيين، الذين تلاحموا شعبا وقيادة وفصائل وتنظيمات، كان حقا نصرا مبينا وليس معنويا فقط، باعتراف العدو، ورغم أنف الطابور الخامس العربي الذي كان يريد زرع الهزيمة في نفوس الشباب الفلسطيني أولا والعربي ثانيا.

هذا النصر تحقق بجهود فلسطينية ذاتية خالصة، وبسواعد ودماء شباب القدس الذين تصدوا بصدورهم العارية لجنود الاحتلال، بعد أن خذلهم الكثير من الأشقاء العرب.

هذا النصر ضرب مثلا بأن الإرادة القوية والعزيمة والتصميم والنفس المقاوم قادرة على إلحاق الهزيمة بخامس أعتى قوة عسكرية في العالم، وبلا عتاد ولا عدة وبلا طائرات حربية ولا صواريخ ولا دبابات، وبدون تبذير مئات مليارات الدولارات.

كان الفلسطينيون يتوجهون دوما إلى الأشقاء طلبا للعون، فوجدوا أن الاشقاء العرب في واد وهم في واد آخر، ووجدوا أيضا أن بعض الاشقاء يقفون في صف واحد مع دولة الاحتلال، شعروا بخذلان لم يدم طويلا، ليتحول إلى قوة، فزاد ذلك من تصميمهم وعزز لديهم القناعة بالاعتماد على القدرات والطاقات الذاتية، وأخذوا بالمثل القائل «ما حك جلدك إلا ظفرك» وهكذا كان.

أهمية هذا النصر المبين تكمن في أنه أذاق جيل المستقبل طعم النصر، وسلحهم بالايمان بالنصر والعزيمة والاستعداد للمعركة التالية وهي أكيد مقبلة. وهذا ما عبر عنه احد الشباب من بلدة العيسوية في القدس، حسب ما نقلته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، في وصفه مشاعر النشوة السائدة في المدينة منذ نجاح «الثورة» ضد البوابات الإلكترونية والكاميرات الذكية في الحرم القدسي «أنا في الثامنة والعشرين من عمري، لم أعرف شعورا كهذا في حياتي، شعورا بالرأس المرفوع بأننا هنا ونملك القدرة على التعبير عن رأينا وقول ما يهمنا. الشعب قال كلمته، هذا المكان، الأقصى، مهم لنا ويعود لنا فقط».

هذا النصر يثبت حقيقة كانت غائبة عن الكثيرين من «رجال الدين الكسبة ومفتي السلاطين والمتأسرلين والمتأمركين والمطبعين»، وهي أن الحرم القدسي برمزيته الوطنية والدينية، صرح فلسطيني خالص، كما أكدت ذلك قرارات منظمة اليونيسكو، وبشهادة شاهد من بني إسرائيل، الذي قال إن بقدرتها فرض سيادتها على كل شيء إلا الحرم القدسي. وما القائل إلا الوزير الإسرائيلي الأسبق عوزي برعام، الذي أكد في مقال نشرته صحيفة «هآرتس» على أن السيادة الإسرائيلية على الحرم القدسي لم ولن تتحقق». وهو في هذا الرأي ليس بمفرده، ويتفق معه معلقون بارزون آخرون.

هذا النصر تحقق، رغم محاولات الطابور العربي الخامس الطامح لنيل رضا واشنطن وإسرائيل أولا، وأسيادهم ثانية طمعا في مكافأة مالية أو منصب كبير، ورغم محاولاتهم تبرير أفعال أسيادهم، بتثبيط العزائم وزرع الخوف واليأس في نفوس الشباب الفلسطيني الذين تصدوا لجنود الاحتلال، بادعاء الحرص على دمائهم التي تضيع هدرا كما يزعمون.

هذا النصر المبين، أثار الرعب في قلوب ونفوس الزعماء العرب ولنقل أكثرهم، الذين التزموا، وعلى مدى اسبوعين هما عمر «ثورة الاقصى» الصمت، في انتظار وصول خبر الفشل والهزيمة التي كانوا يتوقعونها، بل كانوا يتمنونها ويسعون اليها، ليثبتوا للفلسطينيين أن نضالهم ليس الا عبثا، حتى يتسنى لهم تمرير مشاريعهم التآمرية. وحسب صحيفة «هآرتس» فإن الزعماء العرب متخوفون من أن تكون «ثورة الاقصى» دافعا ومحركا لربيع عربي حقيقي ومختلف، يطال تلك الدول التي لم تشهد «الربيع العربي» الأول الذي حولته هذه الأنظمة إلى جحيم عربي لا يتمناه احد. فارتدت مؤامراتهم عليهم.

هذا النصر أرغم عددا من تابعي هذه الأنظمة، لاسيما الشيوخ الكسبة، الذين تجاوزوا الخطوط الحمر، بكل المعايير الدينية والاخلاقية والانسانية، للتراجع عن فتاواهم المنافقة والانهزامية، فراحوا يتمسحون بالاقصى. فـ«الشيوخ الكسبة» الذين دعوا للتنازل عن الاقصى لدولة الاحتلال، صمتوا دهرا على مجازرها وانتهاكاتها لأقدس المقدسات، وعندما اضطروا للخروج عن صمتهم بفضل النصر ومحاولة اللحاق بالركب، نطقوا كفرا وحاولوا تجيير هذا الانتصار لصالحهم ولصالح أولياء نعمهم، فكما يقال لـ»للهزيمة أب واحد وللنصر ألف اب». فأصبح الأقصى بين ليلة وضحاها، بمنزلة الحرمين المكي والنبوي، حتى أن أحدهم وصف «الملك سلمان بن عبد العزيز بـ»خادم الحرمين الشريفين والأقصى».

هذا النصر المبين عراهم امام انفسهم وأمام «الصحراء العربية»، كما يقول شاعرنا مظفر النواب «أطال الله في عمره» وامام الملايين من اتباعهم الذين رفضت غالبيتهم مواقفهم التآمرية ضد اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، هذا النصر فضح «ادوار اسيادهم الخفية ووساطاتهم المزعومة لدى واشنطن وتل ابيب».

هذا النصر أسكت ولو إلى حين، مروجي الهزيمة والتطبيع الذين سيظلون مجرد فقاعات تظهر بين الحين والاخر لعل وعسى أن يبتسم لهم الحظ ويحققون المراد. وهذا النصر المبين خلق حالة من الاستقطاب السياسي والديني والاخلاقي في قلبه فلسطين والقدس والأقصى هذا النصر جاء في زمن الهزائم والانكسارت العربية.

أخرج عن النص قليلا لأعرج على ما قاله وزير الخارجية السعودية عادل الجبير ردا على دعوات بتدويل الأماكن المقدسة في السعودية وهي دعوات فيها وجهة نظر، لإخراج المقدسات من دائرة المناكفات السياسية. فقد اعتبر الوزير السعودي وهذا من حقه دفاعا عن بلده وسيادته، هذه الدعوات بمثابة إعلان حرب على دولته «ونحتفظ بحق الرّد على أيّ طرفٍ يُطالب بهذا التدويل».

فإذا كان عادل الجبير يعتبر مجرد الدعوة لفصل الدين عن السياسة بمثابة إعلان حرب على السعودية، فكيف يصنف من ينعتون حركات مقاومة فلسطينية بالإرهاب، ووضعها على قدم المساواة مع «داعش»،

وكيف يصف الدعوات للتنازل عن الاقصى وأراضي فلسطين لصالح العدو، ودعوات التطبيع مع دولة الاحتلال، ألا يقول المثل بالمقلوب، صديق عدوي عدوي، ألا يقف هؤلاء المطبعون و«السعوديون الجدد» في صف الاعداء؟ أليست هذه الدعوات تعادل اعلان حرب على الشعب الفلسطيني؟ 

واختتم بما نقل عن قول وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل: «العرب يشكلون 5% من عدد سكان العالم ويشترون 50% من سلاح العالم، والنتيجة أن 60% من لاجئي العالم هم من العرب» غريب.

وهناك من يضيف أن السلاح العربي الفتاك لا يظهر إلا في الأزمات الداخلية، وعند مقاتلة الاشقاء، وتختفي آثاره عندما يتعلق الامر بأعداء الأمة، خاصة اسرائيل، التي يكتفى بقتالها بالدعاء، وحتى الدعاء غاب في الآونة الاخيرة، وقد يأتي اليوم الذي يصبح الدعاء غير مقبول، لأنه يدخل في سياق التحريض وفقا للتعاريف الامريكية، 

واذا بقينا على هذه الحال، فيا خوفي من أن يأتي اليوم الذي يفرض على المسلمين حذف آيات قرآنية، وربما سور بكاملها من باب التحريض، ولا استبعد ايضا أن يفتي بذلك «رجال الدين الكسبة». 

* علي الصالح كاتب فلسطيني 

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

هزيمة العدو المحتل انتصار الأقصى المقدسيون الطابور الخامس العربي زرع الهزيمة في النفوس شباب القدس النفس المقاوم