في الذكرى الرابعة.. شهادات الناجين من «مذبحة رابعة»

الأحد 13 أغسطس 2017 08:08 ص

قبل أربع سنوات وقعت ما يعتبرها بعض المصريين «أكبر مذبحة في تاريخ مصر الحديث»، خلال فض قوات من الجيش والشرطة اعتصامي ميداني «رابعة العدوية» و«نهضة مصر»، يوم 14 أغسطس/آب 2013.

وفق «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر (شبه حكومي) سقط 632 قتيلًا، بينهم 8 من رجال الشرطة، خلال عملية الفض، التي تحاول السلطات المصرية تبريرها بالقول إن الاعتصامين كان يمثلان تهديدا أمنيا، وكانت توجد بهما أسلحة.

لكن منظمات حقوقية محلية ودولية أفادت بمقتل أكثر من ألف من المعتصمين، الذين كانوا يحتجون على إطاحة الجيش، حين كان الرئيس «عبد الفتاح السيسي» وزيرا للدفاع، في 3 يوليو/ تموز 2013، بـ«محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا.

الإطاحة بـ«مرسي»، المنتمي إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، بعد مرور عام واحد من ولايته الرئاسية، يعتبرها قطاع من المصريين انقلابا عسكريا، بينما يراها قطاع آخر «ثورة شعبية على حكم الإخوان انحاز إليها الجيش».

في جزء أول نشرته الأناضول أمس روى ناجيان من فض اعتصام «رابعة العدوية» شهادات تفوح منها رائحة الدم ويخيم عليها الموت، وتكشفا جانبا مما حدث خلال 11 ساعة استغرقتها عملية الفض.

وفي الجزء الثاني ترصد الأناضول شهادت جديدة لمصريين اضطروا إلى مغادرة بلدهم بعد فض الاعتصامين، هربا من ملاحقات ومضايقات أمنية، وبحثا عن حرية التعبير.

** قتل وسجن ومطاردة

سناء عبد الجواد، زوجة القيادي في جماعة الإخوان «محمد البلتاجي»، تقول للأناضول: «يعز عليّ ترك بلادي التي ضحّت من أجلها ابنتي أسماء (قُتلت في فض اعتصام رابعة).. زوجي محمد ما يزال في سجون العسكر، وكذلك ابني أنس».

وتوضح الأم المصرية سبب مغادرة بلدها بالقول: «بعد أن اعتقلوا أنس صدر حكم قضائي بحقي، وتمت مطاردتي، ثم اعتقلوا ابني خالد (17 عاما) مرتين، تعرض خلالهما لتعذيب جسدي ونفسي، وتم اخفاؤه قسريا، قبل أن يعتقلوه مجدداً لأنه ابن البلتاجي.. وحتى حسام، هذا الطفل الوديع (13)، لم يتركوه.. طاردوه وسألوا عنه في كل مكان.. فاضطررت إلي مغادرة بلدي الحبيب».

و«البلتاجي» طبيب مصري وأحد رموز ثورة 25 يناير/ كانون أول 2011، التي أطاحت بالرئيس المصري الأسبق، محمد حسني مبارك (1981-2011).

وبعد الإطاحة بـ«مرسي»، اعتقلت السلطات «البلتاجي»، القيادي في «الإخوان»، عام 2013، وصدرت بحقه قرابة ستة أحكام، بينها إعدام ومؤبد (السجن 25 عاما).

** تقييد حرية الرأي

أما «أيمن نور»، وهو نائب برلماني سابق، فيقول: «غادرت مصر بسبب رفضي الانقلاب العسكري، وما أفرزه من تقييد لحرية الرأي».

وعما حدث خلال فض الاعتصامين، يضيف «نور»، في تصريحات للأناضول: «أرفض الصمت إزاء ما ارتكبته (قوات الجيش والشرطة) من جرائم بحق الإنسانية».

ويتابع بقوله: «لأول مرة أغادر مصر مكرهًا، حتى أكون قادرا على ممارسة حقي في التعبير عن آرائي ومواقفي، والذي حرمني منه الانقلاب».

وبعبارات تعكس تفاءلا يختم «نور» بقوله: «أثق في أن كابوس الانقلاب لن يستمر، خاصة في بلد مر بكثير من أحداث إراقة الدماء والاضطهاد حتى حصل على حريته في ثورة يناير (كانون ثاني) 2011».

* صحفيون أبرياء

الصحفي المصري في قناة «الجزيرة» القطرية، «باهر محمد»، قضى 438 يوما في السجون المصرية.

ويقول محمد للأناضول: «جرمي الوحيد هو أنني أديت عملي بنزاهة وأخلاق. لم أرتكب أي عمل غير مشروع.. حكم عليّ بالسجن 10 سنوات، بدون أي أدلة إثبات، وبعد الاستئناف، حكم علىّ بالسجن 3 سنوات».

وأدين «محمد» باتهامات نفى صحتها، منها: المساعدة على ارتكاب متهمين لجرائم عبر إمدادهم بمواد إعلامية ونشرها، والانتماء لجماعة الإخوان، وتكدير السلم العام.

وعن تجربته فيك4 السجن، يقول: «وجدت عددًا كبيرًا من الصحفيين الأبرياء، وهو ما يؤكد خشية الأنظمة الاستبدادية من الصحافة الحرة».

ومن هذه التجربة خرج «محمد» بوعد يوضحه بقوله: «نذرت نفسي للكفاح من أجل حرية الصحافة، وخاصة في بلدي الحبيب مصر».

ويتابع: «اضطررت إلى ترك عائلتي وبلدي حتى أتمكن من الوفاء بهذا الوعد والبحث عن لقمة العيش. كنت متأكدا أن الشرطة لن تسمح لي بمتابعة عملي كصحفي، فهم من يوافقون على تصاريح العمل بالصحافة».

وأضاف «أثناء مغادرتي مصر، أوقفني أحد ضباط الشرطة في (إدارة) مراقبة الجوازات.. أخبرني بمنعي من السفر، وبعد ساعات قال: بإمكانك السفر الآن، لكن إن عدت سنضعك في السجن إلى الأبد».

وبحنين يتابع: «أفتقد والدتي، ووالدي، وإخوتي، وكلابي.. أفتقد بيتي وشوارع القاهرة المزدحمة.. أفتقد أطباق الفول المدمس.. سأعود يوما ما مع جميع المشردين والهاربين، فبلدي مصر ليست مملوكة لأحد».

** صانع الأنشودة

«كنت معروفا باسم صانع الأنشودة لمشاركتي في إلقاء هتافات في اعتصام ميدان رابعة، وبعد الفض العنيف للاعتصام، شارك في تجمعات أخرى»، بهذه العبارات بدأ «خالد المصري» (24 عاما) حديثه للأناضول.

ويتابع «المصري»: «غادرت بلدي هربا من عقوبة السجن المؤبد (25 عاما)؛ بسبب مشاركتي في فعاليات ثورة 25 يناير .. كانت كل آمالي هي أن أقدم شيئا لبلدي».

ويستطرد قائلا: «عندما التحقت بالجامعة كنت أقود احتجاجات طلابية، واتهمت بالتحريض على العنف، ورفعت دعوى قضائي ضدي وأوقفوا دراستي إلى أن صدر حكم غيابي بسجني 25 عاما قبل أن أكمل الـ21 من عمري.. رفضت في البداية فكرة مغادرة مصر، لكني اضطررت فيما بعد إلى الهرب».

** اتهامات وملاحقات

بدوره اضطر «محمد زين العابدين» (طبيب)، إلى مغادرة مصر؛ إثر تعرضه لملاحقة أمنية؛ بسبب مشاركته في الاحتجاجات الرافضة لإطاحة الجيش بـ«مرسي».

و«مرسي» سجين منذ الإطاحة به، وصدر بحقه حكمين قضائيين نهائيين، الأول بالإدراج لمدة 3 سنوات على قوائم «الإرهابيين»، والثاني بالسجن 20 عاما في قضية معروفة باسم «أحداث الاتحادية»، وما يزال يُحاكم في 4 قضايا أخرى، وهي: «اقتحام السجون»، و«التخابر مع (حركة) حماس»، و«التخابر مع قطر»، و«إهانة القضاء».

ويقول «زين العابدين»، الاستشاري في جراحة عظام، للأناضول: «تعرضت لمضايقات وأعمال مداهمة، وتكسير لعيادتي، انتقلت من محافظة إلى أخرى، وفي النهاية اضطررت لمغادرة مصر».

ويتابع «شاركت في مظاهرات في معظم المحافظات المصرية، وعندما ضافت بي السبل تركت مصر هربًا من الملاحقات».

بعد أقل من شهر على فض اعتصامي «رابعة العدوية» و«نهضة مصر»، وتحديدا في 4 سبتمبر/أيلول 2013، جرى اعتقال «عبد الناصر صقر»، ضمن ما عرفت إعلاميا بقضية «قيادات الجيزة»، لكن بعد أشهر تم إطلاق سراحه.

«لم تمر سوي أيام قليلة حتى وجدت اسمي على قائمة اتهام جديدة بدعوة انضمامي إلى المتظاهرين السلميين في اعتصام نهضة مصر»، يضيف «صقر».

ويزيد بالقول: «هكذا أصبحت مطلوبا، وبدأت أجهزة الأمن البحث عني، ما دفعني إلى التسلل عبر الحدود، والهرب من بلدي».

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

السلطات المصرية فض رابعة اعتصام ربعة اعتصام النهضة الإخوان المسلمين محمد مرسي