«الحوثي - صالح».. ماذا يعني انهيار التحالف الهش؟

الأربعاء 23 أغسطس 2017 07:08 ص

يبدو أن التحالف غير المألوف بين الرئيس اليمني السابق «علي عبد الله صالح» والحركة الحوثية الشيعية الزيدية على شفا الانهيار، بعد أن تم تبادل الاتهامات بين الطرفين في خطابات تلفزيونية خلال عطلة نهاية الأسبوع. وتأتي التوترات بين الشركاء قبل أيام من المظاهرات المقررة التي تأتي في ذكرى مرور 35 عاما منذ إنشاء حزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة «صالح».

وقد سيطر «صالح»، الذي أطيح به في موجة الثورات العربية عام 2012، وخصومه السابقين، الحوثيين في شمال اليمن، على العاصمة صنعاء عام 2014، الأمر الذي دفع الرئيس «عبدربه منصور هادي» إلى الفرار، وفي يوليو/تموز عام 2016، شكل الحوثيون والمؤتمر الشعبي العام مجلسا للحكم، أخفق في كسب أي اعتراف دولي.

وعلى الرغم من أن التوترات بين الحليفين كانت معروفة، فقد شهد هذا الأسبوع إعلانا مفاجئا للانتقادات المتبادلة، الأمر الذي قد يعني تغييرات كبيرة في النزاع الذي تشهده البلاد.

ويوم السبت، أطلق «عبدالملك الحوثي»، زعيم الحركة، اتهامات قاسية ضد «صالح»، من بينها التواطؤ مع السعوديين، وأن الحوثيين قد «تلقوا طعنات في ظهورهم ... حتى من الشركاء».

وأكد «الحوثي» مرارا وتكرارا على أهمية الوحدة، مشيرا إلى أن العدو «يبذل قصارى جهده لاستغلال الانقسامات الداخلية من أجل تحقيق النصر الذي لم يتمكنوا من تحقيقه»، واختتم الخطاب بقوله أن مؤيدي حركته «أهل سلام وإسلام، وليس استسلام».

كما أفيد أن العديد من أنصار الحوثيين اتهموا «صالح» بالتآمر مع أعضاء التحالف الذي تقوده السعودية.

ورد «صالح» في اليوم التالي في خطاب وجهه إلى غرفة مليئة بالداعمين. ولام على الحوثيين للامتناع عن دفع الرواتب لعدة أشهر، وغياب الأموال العامة.

كما انتقدهم «صالح» لإبقائهم على مجلسهم الثوري الأعلى، الذي كان من المفترض حله بعد تشكيل المجلس السياسي الأعلى بين الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام، العام الماضي، لكنه واصل الإشراف على مبادرات الأخير.

وبينما جاء خطاب «الحوثي» مقتضبا ومتناسقا، بدا «صالح» واثقا في خطابه. وقد تكون الكفة في مشاجرة نهاية الأسبوع قد مالت ناحية الرئيس السابق.

ماذا يعني هذا للنزاع؟

قد يكون انتقاد «صالح» للحوثيين أكثر من تعبير عن الانقسامات الداخلية. ويبدو أنه كان يرسل رسالة إلى الرئيس المنفي (ونائبه السابق) هادي، والسعوديين ومؤيديه في دولة الإمارات العربية المتحدة، بأنه مستعد للتفاوض. وعلى الرغم من أن خطاب «صالح» قد دعا إلى الوحدة في مواجهة العدو، إلا أنه لم ينتقد أو يذكر حتى المملكة العربية السعودية ولو لمرة واحدة.

وقبل أن يخرج «صالح» يوم الأحد على مؤيديه، تم تشويه ملصقات الشوارع التي تروج لحدث المؤتمر الشعبي العام الخميس، وتم اتهام مؤيدي الحوثيين بالأمر. وفي اليوم التالي، ترددت أخبار حول اندلاع اشتباكات بين قوات «صالح» والقوات الحوثية.

وفي واحد من الملصقات الأبرز، جاء فيه: «نعم للاحزبية والمركزية.. نحو قرار وطني مستقل، نحو دولة يمنية حديثة». وكان يضم صورة لـ«صالح» يسلم العلم اليمني إلى هادي، خلال تنصيب الأخير عام 2012، وهو اختيار غريب للصورة من قبل مؤيدي الرجل الذي انقلب على خلفه.

وقال «علي محسن حميد»، الكاتب اليمني والسفير السابق لجامعة الدول العربية، إن الملصق «قد يكون رسالة بالاستعداد للتفاوض مع هادي ومؤيديه الخارجيين. وقد تكون السعودية مستعدة للتعامل معه أكثر من حلفائه (الحوثيين)».

وأضاف «حميد» أن هذا الملصق كان أيضا بمثابة استفزاز للحوثيين الذين يخشون من المظاهرات المحتملة الخميس. ويرون هذا الحدث بمثابة استعراض للدعم الذي يحظى به صالح وحزبه. ووفقا لبعض المنافذ، يخطط الحوثيون لإطلاق مظاهرات خاصة بهم في نفس الوقت.

تحالف هش

وكانت الشراكة بين الحوثيين و«صالح» بالتأكيد واحدة من التحالفات غير المألوفة، لذا لم تكن أخبار التوترات بين الحليفين مستغربة. ومع ذلك، سيكون الانقسام المحتمل داخل معسكر «الحوثي-صالح» تطورا رئيسيا في الصراع.

ووفقا لعضو سابق في حركة الحوثيين، طلب عدم الكشف عن هويته، «كان الانقسام بين الحوثيين وصالح حتميا ومتوقعا. لكن إذا أدى ذلك إلى اشتباكات، فسيكون ذلك كارثيا بالنسبة لصنعاء ... وليس هناك شك في أن الانقسام بينهما قد يسبب حربا داخلية مفاجئة، سيكون لها تداعياتها على الصراع الأوسع، إذا استغل خصوم صالح الحوثيين ذلك. وهو ما يحاول اللاعبان تجنبه الآن».

وكان الرئيس المخلوع و«عبد الملك الحوثي» حلفاء طبيعيين طوال الحرب التي استمرت لعامين ونصف العام، بفضل الاتفاق على عدو مشترك يتمثل في «هادي» والسعوديين. وقبل الثورة اليمنية، كانت العلاقة بينهما على عكس ذلك تماما. وبين عامي 2002 و2010، شن الرئيس «صالح» ستة حروب على قاعدة الحوثيين في صعدة شمال اليمن. وتسبب القتال في تشريد مئات الآلاف من المدنيين.

ولا يزال العدد الإجمالي للإصابات الناجمة عن هذا الصراع غير معروف، وتتراوح التقديرات بين ألف وعشرات الآلاف. ومن بين الذين قتلوا على يد قوات صالح هو «حسين بدرالدين الحوثي»، شقيق «عبدالملك» وزعيم الحركة السابق.

ماذا يعني هذا بالنسبة لليمن؟

وليس من الواضح ما إذا كان المزيد من الانقسامات بين الأطراف المتحاربة في اليمن سيتيح فرصة أكبر للمفاوضات، أو إذا كان سيؤدي بالبلاد ببساطة للدخول في مرحلة جديدة من تكثيف القتال.

ووفقا لرسائل البريد الإلكتروني المسربة التي كشفت عنها «ميدل إيست آي»، يرغب وزير الدفاع السعودي وولي العهد «محمد بن سلمان» في الخروج من اليمن. وقد تكون علامة سلبية بالنسبة للأمير والسعودية، لكن المملكة قد تصر على الشروط السابقة بنزع السلاح وانسحاب الحوثيين قبل إنهاء الحرب.

وعلاوة على ذلك، قد يرى السعوديون في النزاعات الداخلية لخصومهم دليلا على أنهم قريبون من النصر، الأمر الذي يدفعهم للاعتقاد في حاجة التحالف ببساطة للمضي قدما حتى تستسلم القوات المنقسمة.

ويقول المصدر الحوثي المجهول أنه بغض النظر عن النتيجة النهائية، «أصبح الوضع الآن حساسا للجميع»، مضيفا أنه «من المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة عددا من الاغتيالات (من قبل صالح وقوات هادي)».

وقد تخبرنا ردود فعل المؤتمر الشعبي العام والحوثيين واللاعبين الإقليميين، بعد مظاهرات الخميس، كثيرا عن مصير اللاعبين الرئيسيين في اليمن وما هو مستقبل النزاع.

المصدر | ميدل إيست آي

  كلمات مفتاحية

الحوثي صالح اليمن هادي حرب اليمن محمد بن سلمان