«ناشيونال إنترست»: ماذا تعرف عن نشاط «حزب الله» في أمريكا؟

الاثنين 28 أغسطس 2017 12:08 م

في مطلع يونيو/حزيران، تم إلقاء القبض على رجل من شمال شرق نيويورك يدعى «علي كوراني»، واتهم بمراقبة مطار جون كينيدي في مدينة نيويورك تمهيدا لهجوم محتمل لـ«حزب الله»، وفي نفس الوقت تقريبا، ألقي القبض على «سامر الدبك» من ديربورن، ميشيغان، واتهم بالسفر إلى بنما لإجراء مراقبة ضد الأهداف الإسرائيلية وقناة بنما، وفي فبراير/شباط، ألقي القبض على رجل ثالث، وهو «فادي ياسين»، واتهم بترتيب إرسال أسلحة إلى أحد أعضاء «حزب الله» في لبنان.

واعترت الصدمة رد فعل الأمريكيين على الاعتقالات، لأن الكثيرين لم يكونوا على علم تام بأن أعضاء «حزب الله» يعملون على أرض الولايات المتحدة.

لكن اعتقال «كوراني» لم يكن ينبغي أن يمثل مفاجأة، فقد كان «حزب الله» نشطا داخل الولايات المتحدة منذ عقود، حيث شارك في مجموعة من الأنشطة التي تشمل جمع الأموال وغسلها، غير أن اعتقال الرجل الذي اعترف بكونه عضوا في جناح العمليات الخارجية لـ«حزب الله»، يشير إلى شيء أكثر شرا.

شبكة واسعة

فالجمعيات الخيرية التي يديرها «حزب الله» مثل «كشافة المهدي»، و«المدارس الشيعية»، و«مؤسسة الشهداء»، هي كيانات تقدم الأموال الخيرية لأسر مقاتلي «حزب الله» وتمثل امتدادا له في المجتمع، وتعمل «مؤسسة الشهداء» في بلدان مختلفة تحت رعاية مختلفة، وفي الولايات المتحدة كان يسمى فرعها منظمة «الخير الخيرية»، ومقرها في «ديربورن»، وكانت مسؤولة عن توجيه المساهمات من الأعضاء والمؤيدين مباشرة إلى قادة «حزب الله» في لبنان.

كما يدير «حزب الله» شبكة احتيال واسعة النطاق، تضمنت على مدى الوقت عددا من الناشطين في 10 ولايات على الأقل، بما في ذلك «ميشيغان»، و«كاليفورنيا»، و«فلوريدا» و«جورجيا»، و«إلينوي»، و«كنتاكي»، و«ميزوري»، و«نيويورك»، و«كارولينا الشمالية»، و«فرجينيا الغربية»، وقد أنشأ أيضا شركات في الولايات المتحدة، بما في ذلك شركة لتوزيع العطور التي عملت بمثابة واجهات ساعدت على غسل الأموال للجماعة الإرهابية الشيعية.

وشملت خطة أخرى شراء السيارات المستعملة في الولايات المتحدة وإعادة بيعها في أفريقيا، وهي جزء من شبكة عالمية لغسيل الأموال، وشارك أيضا في البنك اللبناني الكندي، ما ساهم في اختلاط الأموال التي حصل عليها «حزب الله» من الاتجار بالكوكايين.

وبالنظر إلى جميع عمليات التزوير التي قام بها «حزب الله»، وعمليات تهريب السجائر والاتجار، كان من بين أكثر الحيل ربحا التي نفذتها الجماعة حلقة لتهريب السجائر مقرها في «شارلوت» بولاية «كارولينا الشمالية»، وكانت كرتونة من السجائر التي تم شراؤها في ولاية «كارولينا الشمالية» مقابل 14 دولارا، يمكن بيعها في «ميشيغان» بضعف هذا السعر، ويعتقد أن المجموعة قد حصلت على عشرات الآلاف من الدولارات عن طريق نقل وبيع السجائر غير الخاضعة للضريبة في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وقد شارك حزب الله أيضا في أنشطة متصلة بالإنترنت في الولايات المتحدة، وخلال حرب يوليو/تموز عام 2006 مع (إسرائيل)، أوقف القراصنة الإسرائيليون الخدمة عن مواقع حزب الله، ورد قراصنة حزب الله عن طريق اختراق بوابات الاتصالات للشركات ومقدمي الكابلات وخوادم استضافة المواقع في جنوب «تكساس» وضواحي «فرجينيا» و«بروكلين» و«نيويورك» و«نيوجيرسي».

مكافحة الأنشطة

لكن عمل أعضاء «حزب الله» لم يمض دون أي مضايقات في الولايات المتحدة، وكانت عملية «شاشة الدخان» عبارة عن تحقيق استخباراتي لمكتب التحقيقات الفدرالي (أشرف عليه قسم عمليات الإرهاب الدولي التابع للمكتب)، تم إجراؤه منتصف التسعينات، وشمل إدارة المصادر والاستفادة من خطوط الهاتف.

وفي معظم الحالات، كانت العملية ناجحة، وأسفرت عن توجيه اتهامات جنائية إلى 26 شخصا متهمين بتهريب السجائر وغسل الأموال والابتزاز والاحتيال على الاتصالات والتآمر وتزوير التأشيرات ووثائق الزواج والدعم المادي لمجموعة إرهابية، وقد تم التحقيق في أكثر من 500 حساب مصرفي وبطاقات ائتمان كجزء من التحليل المالي للشبكة.

وكذلك تم إجراء عملية استخباراتية سرية أخرى هي «عملية باثووتر»، لتعطيل أنشطة «حزب الله» في «ميشيغان»، وتم تجميع كمية من المعلومات في هذه العملية، التي تم تطويرها في أوائل عام 1999 من قبل عملاء الاستخبارات في الولايات المتحدة، الذين عملوا مع فرقة العمل المشتركة لمكافحة الإرهاب في «ديترويت».

وركزت «باثووتر» على العنصر المالي للمشروع الإجرامي لحزب الله في الولايات المتحدة، واكتشفت ما كان عبارة عن أكبر مخطط للاحتيال على بطاقات الائتمان في تاريخ الولايات المتحدة، وكان يتم قيادة المخطط من توليدو، في ولاية أوهايو، من قبل أحد سكان ديربورن، يدعى «علي نصر الله».

وفقا لتقرير صادر عن دائرة أبحاث الكونغرس، استخدمت الولايات المتحدة قوائم إرهابية رسمية لفرض عقوبات مالية وتجارية على «حزب الله» ومؤيديه، وحظرت الولايات المتحدة الأصول الخاضعة لولايتها، وحظرت على المواطنين الأمريكيين تقديم الدعم المالي أو المادي للجماعة أو الدخول في معاملات مالية مع «حزب الله» والأطراف التابعة له، وحظرت دخول الولايات المتحدة على الأفراد المرتبطين بالحزب، وقامت بترحيل أفراد منهم.

وبالإضافة إلى تصنيف بعض المنظمات جماعات إرهابية، يمكن عزل أفراد هذه الجماعات تمهيدا لاستهدافهم، وفي يونيو/حزيران عام 2004، وصفت وزارة الخزانة الأمريكية «الأسد أحمد بركات»، أمين صندوق «حزب الله» في أمريكا الجنوبية، وهو ممول رئيسي للإرهاب، أنه شخص «استخدم كل جريمة مالية ممكنة، بما في ذلك أعماله الخاصة، لتوليد التمويل» لحزب الله.

ويجب على الولايات المتحدة وحلفاؤها الاستمرار في مكافحة تمويل الإرهاب من خلال العمل عبر وزارة الخزانة والتعاون مع كيانات القطاع الخاص لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضد تمويل الجماعات الإرهابية على الأراضي الأمريكية، خاصة تلك الجماعات التي تعمل كوكالة لإيران، وكتنظيم، عانى «حزب الله» من خسائر خطيرة في سوريا، لكنه يشعر أيضا بنشوة عظيمة بسبب النجاحات التي حققها في ساحة المعركة، وقد يسعى إلى ثني عضلاته على الصعيد العالمي.

وإذا لم يكن هناك أي شيء آخر، ينبغي أن تكون الاعتقالات الأخيرة لأعضاء «حزب الله» داخل الولايات المتحدة بمثابة تذكير صارخ بأنه إذا استمرت التوترات في النمو مع إيران في الشرق الأوسط، فإن طهران قادرة على ضرب مصالح الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم من خلال وكيلها «حزب الله».

  كلمات مفتاحية

أمريكا حزب الله