إتمام تركيا صفقة شراء «إس 400» يثير قلق الغرب

الأحد 3 سبتمبر 2017 11:09 ص

تتجه أنقرة إلى إتمام أكبر صفقة شراء أسلحة، ستكون الأولى من نوعها مع روسيا، مثيرة بذلك قلق حلفائها في حلف شمال الأطلسي، رغم أن الصفقة قد لا تتحقق.

وأكد مسئولون من البلدين الانتهاء من جميع التحضيرات لإتمام صفقة شراء أنقرة منظومة الدفاع الصاروخي «إس 400»، أكبر صفقات تركيا مع دولة لا تزود حلف شمال الأطلسي بالأسلحة.

ورغم التأكيدات، إلا أن الصفقة لا تزال في طور التحضير.

ويشكك محللون في إمكان تسلم تركيا بطاريات صواريخ أرض - جو الدفاعية، ويقول البعض إن الرسالة التي توجهها هذه الصفقة إلى الغرب تفوق في أهميتها عملية التسليم نفسها.

وقد أطلقت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» تحذيرا، عبر إعلانها صراحة أنها «إجمالا فكرة جيدة» أن يشترى أعضاء حلف شمال الأطلسي معدات قابلة للتشغيل فيما بينهم.

من جهته، تباهى الرئيس التركي، «رجب طيب أردوغان»، بالصفقة التي يتم التحضير لها، قائلا: «إن شاء الله سنرى صواريخ إس-400 في بلادنا».

وقال «أردوغان» إن اليونان، العدو السابق والعضو في حلف شمال الأطلسي، تمتلك صواريخ من طراز «إس-300» تخزنها في جزيرة كريت، كانت اشترتها أواخر تسعينيات القرن الماضي من قبرص التي نقلتها إلى اليونان، تجنبا للتصعيد في الجزيرة المقسمة.

وقال «ديمتري شوغاييف»، رئيس وكالة التنسيق العسكري التقني الروسية، لصحيفة «كومرسانت» إن الصفقة «شبه جاهزة»، وهناك فقط بعض الأمور الدقيقة التي يجب حلها.

وأضاف أن الولايات المتحدة «قد تكون غاضبة، لكن تركيا دولة مستقلة ويمكنها اتخاذ قرارها».

من جهته، قال «ايغور ديلانو»، نائب مدير المركز التحليلي الفرنسي الروسي في موسكو، إن لديه شكوكا كبيرة بأن تجد الصفقة طريقها إلى التنفيذ.

وتابع: أن روسيا غير مرتاحة لطلب تركيا نقل التكنولوجيا ومواقع الإنتاج، مضيفا أن روسيا تشهد تراكما للمطالب من قواتها ومن قبل حليفتها الصين.

وأوضح «ديلانو» أن «موسكو وأنقرة تستغلان هذه المسألة سياسيا، لكي تظهرا للغرب عدم ارتياحهما».

وتشهد علاقات روسيا مع حلف شمال الأطلسي توترا، على خلفية ضم موسكو القرم من أوكرانيا، ودعم «الناتو» انفصاليين موالين لموسكو في الشرق الأوكراني.

ورغم أن تركيا دولة فاعلة في حلف شمال الأطلسي، فإن علاقاتها، لاسيما مع الولايات المتحدة، يعتريها التأزم، بسبب دعم واشنطن وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة «منظمة إرهابية».

وقال «ديلانو» إن «أنقرة تميل إلى استخدام (مسألة صواريخ إس-400) للتعبير عن انزعاجها إزاء التنسيق العسكري - الأمريكي مع الأكراد في سوريا».

بدوره، قال خبير الشئون التركية، «تيمور أحمدوف»، من المجلس الروسي للقضايا الدولية، ومقره أنقرة، إن المحادثات ساعدت روسيا في الترويج لأنظمة الأسلحة التي تنتجها، وزعزعة الثقة بين دول حلف الأطلسي، بينما تريد تركيا ان تظهر لحلفائها الغربيين أن لديها خيارا إستراتيجيا في علاقاتها.

وأضاف «أحمدوف»: «كلما طالت مدة المفاوضات حول منظومة إس-400 كلما كان ذلك في مصلحة روسيا وتركيا».

وتشكل مناقشة روسيا وتركيا الصفقة في حد ذاتها مؤشرا قويا للتحول في العلاقات، منذ المصالحة الصيف الماضي، بعد إسقاط تركيا مقاتلة روسية عند الحدود مع سوريا في نوفمبر/تشرين الثاني 2015.

وتقف روسيا وتركيا على طرفي نقيض في النزاع بسوريا، حيث تدعم موسكو نظام الرئيس «بشار الأسد»، بينما تدعم أنقرة فصائل معارضة.

وفى 2012 أجبرت مقاتلات تركية طائرة سورية متجهة من موسكو إلى دمشق على الهبوط في مطار أنقرة، للاشتباه في نقلها تجهيزات عسكرية أفادت تقارير بأنها أجزاء من رادار تابع لمنظومة الدفاع الجوي السوري.

ويبدي البلدان قدرة على التحكم في إدارة العلاقات بينهما، بعدم السماح للتنافس الإقليمي، الذي يعود لقرون ماضية، في التأثير على مجالات تعاون قد تكون مثمرة لكن محدودة بينهما.

ويعتبر محللون أن المحادثات بشأن صواريخ «إس-400» لا تزال بعيدة من أن تشكل مؤشرا لتحالف إستراتيجي.

وقال «أحمدوف» إن الأمر الوحيد الذي يدفع روسيا وتركيا إلى التقارب هو رغبتهما في ممارسة ضغوط على الغرب.

وتابع «ديلانو» إن «الشريكين لا يثقان ببعضهما»، لكنهما يقيمان «شراكة اقتصادية حيوية محورها الطاقة»، مع العمل على إنجاز مشروع بناء أنبوب نفط «توركستريم»، لضخ الغاز الروسي عبر البحر الأسود.

وبحسب دراسة أجراها «جان كسب أوغلو»، من مركز «ايدام» للدراسات الاقتصادية والسياسية، فإن رغبة تركيا في الحصول على الأسلحة تعود للنقص في الطيارين العسكريين الأكفاء، جراء عمليات التوقيف التي أعقبت الانقلاب الفاشل في 15 يوليو/تموز 2016، وهو ما أبرز الحاجة إلى تعزيز الدفاعات الجوية.

وقال «أوغلو» إن حصول تركيا على صواريخ «إس-400»، وامتلاك اليونان أسلحة روسية مشابهة يعيد إلى الأذهان «الحلقة المفرغة» نفسها التي تتمثل فى تسليح روسيا العدوين اللدودين أرمينيا واذربيجان.

  كلمات مفتاحية

تركيا روسيا منظومة إس 400 صفقات عسكرية الناتو