«فير أوبزرفر»: «بن زايد» و«بن سلمان» يقودان انقلابات ناعمة في الخليج بدعم من «ترامب»

الجمعة 8 سبتمبر 2017 10:09 ص

في مقاله في صحيفة فير أوبزرفر، يحلل الكاتب «طارق الشمري» العلاقة الناشئة بين الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» من ناحية وبين ولي عهد السعودية «محمد بن سلمان» وولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد» من ناحية أخرى. ويرى الكاتب أن الرئيس الأمريكي دعم انقلابا ناجحا تم بموجبه تصعيد «بن سلمان» في السعودية، ويتوقع أن يدعم انقلابا آخر يصعد بموجبه «بن زايد» إلى السلطة في الإمارات، وفي المقابل فإن «ترامب» حصل من الأميرين على صفقات ومدفوعات سخية مع التزام كامل تجاه سياسته في المنطقة. ويخلص الكاتب أن «ترامب» استثمر في المحمدين لبدء ومتابعة «دومينو» الانقلابات في دول مجلس التعاون الخليجي.

بعد وفاة الملك «عبد الله» عام 2015، صعد الملك «سلمان» إلى العرش في المملكة العربية السعودية. وكانت هذه بداية تغييرات جدية في لعبة العروش لأسرة آل سعود. وأعاد الملك «سلمان» تشكيل هيكل السلطة من خلال سلسلة من المراسيم الملكية وتغيير ترتيب الخلافة. وابنه الآن هو ولي العهد.

وكانت النقطة الحاسمة هنا هي تجاهل الملك «سلمان» رغبات الملك «عبد الله». وقد قام بإزالة ولي عهد الملك الراحل، الأمير «مقرن بن عبد العزيز»، وأحل محله «محمد بن نايف»، الذي حل محله «محمد بن سلمان» مؤخرا. وأصبح الأمير «محمد» في الصدارة ليكون واحدا من أصغر قادة الخليج في التاريخ، ومن المرجح أن يحكم المملكة لعقود عديدة قادمة.

وقبل أن يحدث الملك «سلمان» هذه التغييرات، تم تحديد ترتيب خلافة عرش المملكة من قبل آل سعود، حيث كان يتم الجلوس على العرش من قبل ولي العهد، مع تعيين ولي العهد الجديد بعد ذلك وفقا للأقدمية بين أبناء الملك المؤسس. ويعتقد المحللون السياسيون أن صعود «محمد بن سلمان» قد تسبب في تحديات خطيرة داخل العائلة المالكة، والأهم من ذلك، جعل السياسة السعودية التي تحكم السلطة المستقبلية في المملكة لا يمكن التنبؤ بها.

وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام السعودية قد حاولت تقديم تخفيف حدة الانتقال المثير للجدل للسلطة، ونشرت مقطع فيديو يظهر «بن سلمان» يقبل يد «بن نايف»، كان هناك نوعان من ردود الفعل في المملكة. وتفاعل معظم الشباب السعوديين مع هذا التغيير لأنهم يعتقدون أن ولي العهد الجديد ممثل شجاع لجيلهم. غير أن الجيل الأكبر سنا ينظر إليه على أنه شاب متهور عديم الخبرة، من شأنه أن يدفع المملكة نحو عدم الاستقرار بسبب حماسه للتغييرات الجذرية في التقاليد والثقافة السعودية، لصالح إقامة علاقات أوثق مع الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة.

وبالنسبة للبعض، يمثل صعود «محمد بن سلمان» انقلابا ناعما كان يخطط له منذ أشهر. ويعتقد أن اللوبي السعودي في الولايات المتحدة قد طرح خلافة «بن سلمان» على الرئيس «دونالد ترامب» فور تنصيبه في يناير/كانون الثاني. وكان عليهم أن يمنحوا الكثير من الامتيازات المالية والعسكرية لـ«ترامب» حتى يدعم السعوديين في إعادة ترتيب الخلافة الملكية.

وكان الرئيس «ترامب»، الذي كانت أول رحلة خارجية له منذ انتخابه إلى السعودية في مايو/أيار، قد قام بتهنئة «بن سلمان» على صعوده. وبالنظر إلى أن الأمير السعودي قد زار واشنطن في وقت سابق من شهر مارس/آذار، وكانت الصفقة الاستثمارية بقيمة 200 مليار دولار مع الولايات المتحدة هي حديث الساعة، كانت هي المرة الثانية التي يعرب فيها «ترامب» عن رضاه عن الابن القوي للملك «سلمان» وزعيم السعودية المستقبلي.

وبما أن «ترامب» رجل أعمال وليس سياسي، فقد دعم مخطط الأمير «محمد» لسببين. أولا، مثل الأمر مصلحة كبيرة بالنسبة لواشنطن بعد أن حصلت الولايات المتحدة على العديد من الامتيازات المالية والعسكرية، وخاصة صفقة الأسلحة. ثانيا، يمكن لـ«ترامب» متابعة مصالح الولايات المتحدة أكثر من ذي قبل مع فريق جديد ومتحمس في مملكة عربية سعودية أكثر حداثة وحيوية. ومع ذلك، فهناك جانب سلبي في هذا التغيير بالنسبة لـ«ترامب»، وهو أن هذا الفريق الجديد عديم الخبرة وغير متوقع.

نظرة على الخليج

ويعد مفتاح العلاقة الوثيقة بين الرئيس ترامب و«بن سلمان» هو ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد» آل نهيان. وكان قد وصل إلى البيت الأبيض في مايو/أيار الماضي، حيث التقى بـ«ترامب»، ووضع حجر الأساس للزيارة الخارجية الأولى للرئيس الأميركي، وجهز لقمة مع القادة المسلمين في السعودية. وأكد المحللون أن الزيارة قد مثلت فرصة عظيمة للرئيس «ترامب» للبناء على العلاقة الشخصية مع «بن زايد» والتحالف الطويل بين واشنطن وأبوظبي. ورحب «ترامب» بـ «بن زايد» قائلا: «إنه استثنائي. أنا أحترمه، وأعرفه منذ فترة طويلة ... إنه يحب بلده. وأستطيع أن أقول لكم إنه يحب بلده. وأعتقد أنه يحب الولايات المتحدة، وهذا أمر مهم جدا بالنسبة إلينا».

واليوم، من الواضح أن من بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي، «محمد بن سلمان» و«محمد بن زايد» هما الأقوى والأقرب للولايات المتحدة. إلى جانب ذلك، فالعلاقة بين المحمدين قوية أيضا. وقد شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة بدعم كبير من «بن زايد» في الحرب التي قادتها السعودية في اليمن، من أجل صداقته مع «بن سلمان»، مما جعل علاقاتهما أعمق، رغم تحفظات كبار المسؤولين الإماراتيين على الصراع.

وبمجرد أن أصبح رئيسا، وجد «ترامب»، من بين أمراء الخليج، المحمدين هما أفضل رهان له لمصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وفي الواقع، مهد الأميرين الطريق لـ«ترامب» لتجاوز وضه منافسيه الأوروبيين في الخليج حتى يتمكن من تنفيذ خطته، مع انخفاض المخاطر والعائد المرتفع بالنسبة للولايات المتحدة.

وفي الواقع، لا يتبع «ترامب» طريقة جورج دبليو بوش وباراك أوباما، اللذين أهدرا مبالغ ضخمة من الأموال ورأس مال غير ضروري للمشاركة مباشرة في الأزمات والصراعات الجارية في الشرق الأوسط. وفي شهر أبريل/نيسان الماضي، قال «ترامب» قبيل زيارته للرياض: «بصراحة، لم تعاملنا السعودية على نحو عادل، لأننا نفقد قدرا هائلا من المال للدفاع عن المملكة»، مؤكدا أن السعودية أو أي دولة أخرى تحتاج إلى دعم الولايات المتحدة يجب أن تدفع التكلفة.

وكان الأميران على استعداد للدفع. وهما يتوقعان، مقابل ذلك، الحصول على دعم «ترامب» لأحلامهما الطموحة في وقت لاحق. ويعتقدان أنه، بمساعدة ترامب، يمكنهم رؤية أحلامهما تتحقق في المستقبل القريب.

ومع الانقلاب الناعم في السعودية، واستنادا إلى مصادر موثوقة في الأوساط السياسية، يخطط «بن زايد» لانقلاب جديد في دولة الإمارات. وكما لعب «ترامب» دوره في التعديل الذي حدث في السعودية بصعود «بن سلمان»، فإنه من المحتمل أن يلعب دورا بارزا في الانقلاب الناعم الآخر في الإمارات، وهذه المرة لصعود «محمد بن زايد».

وقد استثمر «ترامب» في المحمدين لبدء ومتابعة مؤامرة «دومينو» الانقلابات في دول مجلس التعاون الخليجي. وسيدفع هؤلاء القادة الشباب من أقوى دولتين في شبه الجزيرة العربية قطر والبحرين وسلطنة عمان والكويت لإعادة هيكلة نظام السلطة في حكوماتها وفقا لما يأمر به الرئيس «ترامب». ويمكن أن تساعد هذه المؤامرة «ترامب» في السيطرة الكاملة على الخليج بطريقة، يرغب في أن تكون، في صالح الولايات المتحدة.

  كلمات مفتاحية

محمد بن زايد محمد بن سلمان ترامب العلاقات الخليجية الأمريكية