«القدس العربي»: «السيسي» يستنكر اضطهاد المسلمين في ميانمار!

الاثنين 11 سبتمبر 2017 06:09 ص

يشهد العالم موجة من أعمال الاستنكار والإدانة لما يحصل من إبادة وتهجير جماعيّ وتطهير ديني وعرقي ممنهج لأقلية الروهينغا المسلمين في ميانمار وذلك باتفاق وتواطؤ كامل بين الجيش والميليشيات البوذية وبتغطية مخزية من رئيسة الوزراء الفائزة بجائزة نوبل للسلام «أونغ سان سوتشي».

تخفي بعض الأطراف الآسيوية والغربية تعاطفا مضمرا مع عملية الإبادة ينعكس إما بتصريحات تتحدث عن «طرفي النزاع» (كما فعل الاتحاد الأوروبي مؤخرا!)، أو بتجاهل القضية برمّتها، وهو لا يمكن تفسيره إلا بعملية العلاقات العامة وتجميل الوجه الذي قامت به طغمة البلاد العسكرية وساهمت فيه «أونغ سان سوتشي» وحزبها.

وهو ما يمكن اعتباره لعبة سياسية كبرى شارك فيها الغرب الطامح إلى منافسة الهند والصين في استثمار مصادر البلد الطبيعية الغنية بالنفط، الغاز، الذهب والخشب والعقيق، وهو ما يفسر زيارة الرئيس الأمريكي السابق «باراك أوباما» لميانمار، ومديحها من قبل مسؤولين غربيين عديدين.

تقوم تصريحات الإدانة، في بعض الدول العربية والإسلامية، في المقابل، بنوع من خداع الذات وتهدئة عواطف الجماهير المتألمة على شعب يتعرّض لاضطهاد فادح على مرأى من العالم، وقد سمعنا من هذه الإدانات الخفيفة الوزن الكثير، ولكن بعضها، يثير الجدل حقّاً.

الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، على سبيل المثال، قام بواجبه الإنساني والديني وأدان أحداث العنف التي تشهدها ميانمار، الأكثر من ذلك أنه اعتبر أن استمرار الانتهاكات بحق مسلمي الروهينغا «يساعد على تغذية الإرهاب والفكر المتطرف»!

تصريح «السيسي» جاء في اليوم نفسه الذي أعلنت فيه منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن الرئيس المصري أعطى ضوءا أخضر لعناصر وضباط الأمن التابعين لوزارة الداخلية المصرية لاستخدام التعذيب، وأوضحت المنظمة أن تقنيات التعذيب تستخدم في كل مراكز الشرطة ومقرات الأمن في مصر.

وأن السلطات المصرية اعتقلت منذ «الانقلاب العسكري» عام 2013، ستين ألف شخص على الأقل وأخفت قسرا المئات وأصدرت أحكام الإعدام في مئات آخرين وحاكمت آلاف المدنيين في محاكم عسكرية وأنشأت ما لا يقل عن 19 سجنا جديداً لاحتواء هذه الأعداد الكبيرة من المعتقلين.

نتفق مع «السيسي» طبعاً في أن الانتهاكات بحق مسلمي الروهينغا تساهم في «تغذية الإرهاب والفكر المتطرّف»، ولكن غير المفهوم بتاتاً هو كيف أن مشاعر الرئيس المصري الإنسانية، وتحليله الصحيح لأسباب الإرهاب والفكر المتطرّف، ممتنعان عن الصرف حين يتعلّق الأمر بالمصريين أنفسهم وليس بجالية إسلامية تقيم على بعد آلاف الأميال من بلاده.

ألا يرى «السيسي» كيف تدهورت أوضاع الأمن في بلاده منذ استيلائه على السلطة؟ وكيف لا يربط بين تصاعد الإرهاب و«فكر التطرّف» في بلاده مع ما يجري في سجونه ومعتقلاته وفروع أمنه، وحتى في محاكمه وبرلمانه ووسائل إعلامه؟

تناظرت هذه التصريحات أيضاً مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية، خفض معوناتها المالية والعسكرية بشكل كبير أيضاً بسبب انتهاكات السلطات المروّعة لحقوق الإنسان، فإذا كان مشرّعو الولايات المتحدة، وهي الحليفة الوثيقة لنظام «السيسي»، يستنكرون، بالأفعال لا بالأقوال فحسب، ما يفعله النظام المصري، فماذا يقول المصريون أنفسهم الذين يستنكر «السيسي» باسمهم اضطهاد المسلمين في ميانمار؟

  كلمات مفتاحية

السيسي اضطهاد المسلمين في ميانمار إبادة تهجير جماعي تطهير ديني وعرقي الروهينغا المسلمون الجيش والميليشيات البوذية رئيسة الوزراء أونغ سان سوتش الاتحاد الأوروبي سجون السيسي التعذيب في مصر تصاعد العنف في مصر