تشير سلسلة التسريبات الصوتية الأخيرة من داخل دائرة القيادة المصرية - والتي لم يتسن التأكد من صحتها - إلى رؤية تتسم بالاحتقار من مسئولين مصريين بارزين تجاه الرعاة الخليجيين على الرغم من السعي المصري الحثيث للحصول على مساعداتهم المالية.
ويظهر التسجيل الصوتي الذي بُثَّ مساء السبت الماضي الرئيس «السيسي» وقت أن كان وزيرًا للدفاع مع اثنين من مساعديه وهم تناقشون سبل إقناع قادة الخليج في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت تقديم مليارات الدولارات من المساعدات إلى الجيش في مصر.
وجاء في التسريبات صوت «عباس كامل» - مدير مكتب «السيسي» - قائلاً: «إنه لا ينبغي الفصال مع أنصاف دول» - في إشارة إلى دول الخليج - مستنكرًا مخاوف دولة خليجية على رأسها الكويت من وجود بعض معايير المحاسبة الداخلية بشأن المساعدات التي تُوجّه إلى مصر.
وأضاف عباس في لهجة عامية مصرية: «أنا ورايا شعب جعان ومتنيل بنيلة وظروفي أنيل، ودول (حكام دول الخليج العربي) عايشين حياتهم بالطول والعرض وفلوسهم متلتلة قد كده».
وهزت التسريبات الغامضة - التي نُشرت على شبكة الإنترنت على نطاق واسع و بثتها قنوات موالية للإسلاميين - حكام مصر. وعند محاولة صحيفة «فايننشيال تايمز» الاتصال بمسئولين مصريين للتعليق، اكتفى هؤلاء بإحالة الصحيفة إلى مداخلة تلفزيونية لرئيس الوزراء «إبراهيم محلب» استنكر خلالها بث التسريبات، لكنه لم يتطرق إلى مدى صحتها.
ووُصفت التسريبات - على نحو غير رسمي - بأنها تزوير صريح وتلاعب إلكتروني وتجميع متطور لمعلومات استخبارتية من دول أخرى.
ويخوض جنرالات مصر معركة ضد مؤيدي «محمد مرسي» الرئيس الإسلامي السابق الذي قاموا بعزله في يوليو 2013، وحظروا جماعة الإخوان التي بثت التسريبات بسعادة.
وزعمت تسريبات سابقة تلاعب أعضاء من القيادة الأمنية في وثائق قضائية لضمان استمرار حبس «مرسي»، والتدخل في أعمال القضاء الذي يمدحونه علنا ويصفونه بالمستقل، بالإضافة إلى تسريب منفصل يظهر تواطؤ إعلاميين في قنوات خاصة وحكومية.
من جانبه؛ قال «كورت ديبوف» - المحلل في الشأن المصري ومؤلف كتاب عن الثورات العربية – إنه إذا ثبتت صحة التسريبات فإنها توضح مدى الإحباط الذي يعانيه الجيش المصري، مُضيفًا: «إنهم يشعرون بالإذلال لاضطرارهم إلى طلب أموال من الخليج، في الوقت الذي ينظرون إلي دوله نظرة دونية».
وأردف قائلاً: «بدون أموال الخليج تنكسر مصر وهم يعرفون ذلك. سيتطلب الأمر الكثير من الرسائل الدبلوماسية التي تخرج من القاهرة لإعادة العلاقة إلى طبيعتها ومحو ما أوصلته تلك التسريبات إلى دول الخليج المساندة لحكومة السيسي. وسواءًا أكانت التسريبات حقيقية أم لا فيجب أن تنزعج دول الخليج بعد كافة المليارات التي قدموها وما زالوا يدفعون المزيد».
وربما أشد التسريبات إثارة هي تلك التي تظهر «السيسي» وهو يقترح تحويل مساعدات من دول الخليج إلى حسابات الجيش، بالرغم من عدم وجود إيحاءات لاستفادته شخصيًا من الأموال.
وقال «السيسي»: «نحتاج عشرة من السعودية تودع في حساب الجيش، وعشرة من الإمارات وعشرة من الكويت، وقرشين في البنك المركزي وكده تكتمل ميزانية 2014م».
ويرد عليه «عباس كامل»– مدير مكتبه - ضاحكًا: «لا .. كفاية كده، هيُغمى عليه»، فيبادره «السيسي» بالقول: «دول عندهم فلوس زي الرز» في إشارة إلى كثرتها.
ويبدو أن تلك التسجيلات التي تمّ بثها مؤخرًا على قنوات موالية لجماعة الإخوان المسلمين تعود إلى الأسابيع التي سبقت الانتخابات الرئاسية التي فاز بها «السيسي» العام الماضي. كما يُسمع من التسريبات سبابًا لوالدة الأمير القطري صدر من لسان مساعدي الرئيس المصري.