قطر ترشح الرجوب رئيسا وحماس قد تدعمه

السبت 5 يوليو 2014 11:07 ص

عدنان أبو عامر، المينيتور، 4\7\2014

ما زالت عملية خطف وقتل المستوطنين في الخليل تعصف بالوضع الفلسطيني، واعتبرت القيادة الفلسطينية نفسها بحالة انعقاد دائم منذ العثور على جثث المخطوفين مساء 1/7، خشية من ردود فعل كبيرة، وعلم "المونيتور" أن الرئيس عباس أجرى في الـ24 ساعة الأخيرة اتصالات مع واشنطن ودول أوروبية لمنع إسرائيل من تنفيذ عملية عسكرية انتقامية.

وفي حين كانت لهجة الرئيس عباس ودية مع إسرائيل منذ بداية الأزمة، حين عبر عن رفضه لحادث الخطف، جاءت لهجة اللواء جبريل الرجوب نائب أمين سر اللجنة المركزية لفتح، عالية المستوى، وحذر في بيان له صدر اليوم الأربعاء 2/7 من تصعيد إسرائيل، لأنه أخذ منحى خطيرا ينذر بعودة الأوضاع لمربعات العنف، بعد أن وصلت المفاوضات لطريق مسدود، ولوح الرجوب بلجوء السلطة لخيارات أخرى لتوفير الحماية لشعبها في وجه "إرهاب الدولة المنظم" الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين العزل في المدن والأرياف والمخيمات، دون أن يعلق على مقتل المستوطنين.

وقد كان مفاجئاً أن يخرج الرجوب 62 عاما، برد فعل مغاير عما اتخذته السلطة من موقف مندد بخطف وقتل المستوطنين، حيث رأى أن "الخطف هو اللغة الوحيدة التي تفهمها إسرائيل، ولا تفهم سواها، لنتمكن من الإفراج عن أسرانا، بعد رفضها الإفراج عنهم، وأصبح خطف الجنود الحل الوحيد الذي تفهمه إسرائيل لإطلاق أسرانا المتزايدين يومياً في سجونها".

 "المونيتور" تواصل هاتفياً مع عضو في المجلس الثوري لفتح، واعتبر أن التباين في المواقف بين الرجوب وعباس حول عملية الخليل يعود إلى أن الأخير يشعر بالعزلة داخل فتح نفسها عقب تنديده بالعملية، متوقعاً أن يدفع الثمن في الشارع الفلسطيني على هذه المواقف غير الشعبيّة، وهو ما دفع الرجوب لاتخاذ موقف شعبي مرحب به فلسطينياً، خاصة مع اقتراب المؤتمر السابع العام لفتح الشهر القادم.

وأضاف: موقف الرجوب المتميز عن عباس دفع قيادات فتحاوية ثقيلة العيار لتقليد الأول، وهو ما تمثل بحديث اللواء توفيق الطيراوي رئيس جهاز المخابرات العامة السابق، وعضو اللجنة المركزية لفتح، الذي طالب بصورة غير مسبوقة بمحاسبة "نتنياهو" وحكومته كمجرمي حرب وإرهابيين.

لكن وكالة "شفا" للأنباء الفلسطينية المقربة من محمد دحلان، المفصول من فتح، نشرت صباح اليوم 3/7، تقريراً ذكرت فيه أن شجارا حادا نشب بين عباس و3 أعضاء من مركزية فتح، لم تسمهم، حول صمته أمام الانتهاكات الإسرائيلية الأخيرة، وطالوه بالخروج عن صمته إزاءها، وصرخ أحدهم بصوت عالي في عباس قائلاً: بسبب سياستك الفاشلة أصبحنا في نظر الشعب مجموعة من الخونة، وعليك أن تصحح المسار، وإلا قدم استقالتك، ولنعيد نحن القضية لمسارها الصحيح.

هذه التطورات تزامنت مع تسريب محضر اجتماع جمع الرجوب مع أمير قطر الشيخ تميم، بزيارته الأخيرة للدوحة يوم 29/5، تضمن تهيئة له بأن يكون الرئيس القادم للسلطة الفلسطينية، خلفاً لمحمود عباس.

وجاء في المحضر الذي حصل عليه "المونيتور"، أن الأمير "ألمح لرغبة أبو مازن بالارتياح من مهامه، ووجود تشاور مع الأمريكيين الذين أبدوا رغبة بإجراء التغيير، وموافقون على تعيين الرجوب لرئاسة السلطة، وتتسلم حماس منظمة التحرير، وهي تحتفظ بعلاقات جيدة مع الرجوب".

الاستقالة أو التنحي

فتح لم تعقب على المحضر المسرب، وتواصل "المونيتور" مع بعض  أعضاء اللجنة المركزية، دون تلقي رد منهم لحساسية الموضوع، وخشيتهم من رد فعل يغضب الرئيس الحالي عباس، أو الرئيس القادم الرجوب.

لكن عضواً في المجلس الثوري لفتح اعتبر في حديث "للمونيتور" أن المحضر "يهيئ الشارع الفلسطيني للحدث المتمثل بتنحي عباس، أو استقالته، أو وفاته، لأن جولة سريعة على معظم قيادات فتح الحالية يبرز الرجوب الأوفر حظاً، فهو رجل أمني من العيار الثقيل، ويمتلك علاقات وثيقة مع مختلف رجال الطبقة السياسية الفلسطينية من مختلف الفصائل، وحتى لو غادر الموقع الرسمي له في رئاسة جهاز الأمن الوقائي عام 2002، لكنه يحتفظ بتأثير كبير على معظم أفراد الجهاز وضباطه، وهو يتهيأ لتقلد موقع قيادي كبير في حركة فتح خلال المؤتمر السابع الذي سيعقد الشهر القادم".

وأضاف بحديث هاتفي من رام الله، رافضاً كشف هويته: "معروف عن الرجوب دوناً عن قيادات فتح الأساسية أنه يمتلك علاقات شخصية قوية مع قيادة حماس في الداخل والخارج، فشقيقه الشيخ نايف الرجوب وزير الأوقاف السابق في حكومة إسماعيل هنية العاشرة، وقد زار الدوحة عدة مرات، وزار غزة أوائل 2013، وأخيراً كان في زيارة تاريخية إلى طهران لتجديد العلاقة مع حليفة حماس".

وقد تحدث "المونيتور" في تحليل سابق عن حيثيات ونتائج زيارة الرجوب إلى إيران.

من المهم الإشارة أن موقف الرجوب المؤيد لخطف مستوطني الخليل ليس الأول من نوعه الذي يخرج به عن سياسة عباس، فقد زار غزة أوائل 2013، والتقى بقيادة حماس هناك، وتربطه علاقة وثيقة بـ"عبد السلام هنية"، عضو اللجنة الأولمبية، النجل الأكبر لإسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس.

كما ألقى الرجوب خطاباً في قطر بذكرى النكبة يوم 28/5 الماضي، وأظهر حميمية واضحة تجاه خالد مشعل، زعيم حماس، الذي حضر الخطاب، وظهرت علاقة ودية بينهما، عبر العبارات المادحة لهما. 

دحلان الخاسر

الخاسر الأكبر مما يعتبر ترتيباً بين الرجوب وقطر وحماس على توليه الرئاسة هو محمد دحلان، الذي قال ماجد أبو شمالة، القيادي الأكثر قرباً له، وفصله عباس من فتح مؤخرا، في لقائه مع صحيفة "الأخبار اللبنانية"، أنه "قرأ المحضر كالآلاف من كوادر فتح، ولا يستبعد صحته، ولا يؤكده كلياً، لكنه في كل الأحوال يرفض التدخل في الشأن الفتحاوي من أي طرف كان".

لكن قيادياً فتحاوياً من تيار دحلان مقيم في مصر، قال في اتصال هاتفي "للمونيتور": "لم نفاجأ من المحضر المسرب، لكننا نربطه بالاستقطاب الإقليمي الحاصل في المنطقة، ورغبة قطر بحرمان مصر من انفرادها بالملف الفلسطيني، في ضوء علمها بعلاقة دحلان المتينة مع الرئيس السيسي، ورغبة الأخير بتصدير دحلان من جديد لواجهة المشهد الفلسطيني".

واعتبر في حواره الحصري مع "المونيتور" أن "امتناع دحلان عن التعقيب على المحضر لأنه يكتفي بالفيتو المصري على أي تدخل قطري حمساوي في مسألة خلافة عباس، فهي شأن فتحاوي داخلي".

فيما شنت المواقع الإخبارية المقربة من دحلان حملة دعائية قاسية ضد الرجوب وقطر، وأكد محرر "صوت فتح الإخباري" أن المحضر يكشف "مؤامرة أمريكية صهيونية تحاك سرًا برعاية قطر، وجزء من جهود الرجوب مع قطر وحماس لترسيخ أوهامه كرئيس مُنتظر،لكنه أخطأ حين أبلغ قطر بنهاية وجود دحلان في فتح".

لكن نائب رئيس المجلس التشريعي حسن خريشة استبعد في حديث لصحيفة الأخبار اللبنانية، وصول أحد لكرسي الرئاسة إلا بالانتخابات، والرجوب رسب في الانتخابات التشريعية 2006، فكيف يمكنه وصول الرئاسة؟ كما أن ورود اسمه في المحضر يعني استحالة فوزه لاحقاً، وسيعتبر محاولة لفرضه رئيساً، مما سينزع عنه الغطاء الشعبي والرسمي، ويدخله في مواجهة مع الفلسطينيين.

حماس التي تجاهلت الموضوع بالكلية، ولم تعقب عليه، تحدث "المونيتور" هاتفياً مع أحد مسئوليها المقيم في الخارج، ويتردد على الدوحة، الذي لم يؤكد حقيقة المحضر المسرب أو ينفيه، لكنه اعتبر أن الرجوب من الخيارات الأساسية في فتح لمرحلة ما بعد عباس، لأنه لم يرتبط بسنوات الانقسام السيئة، وحاول مد جسور التواصل مع حماس على الدوام، ورغم عمله لحسابات شخصية، فهذا أمر لا يعيبه.

 وختم حديثه: حماس لا تتدخل في شئون تنظيمية فتحاوية داخلية، هم أدرى بمرشحهم الرئاسي القادم، لكن يهمنا كحركة وطنية فلسطينية أن تكون فتح في حالة تعافي وتماسك قوي بعيدا عن محاولات الاستقطاب الإقليمي والتدخلات الإسرائيلية، التي ستحاول فرض مرشح على حساب آخر، علماً أن حماس ستدرس خوض الانتخابات الرئاسية، سواء ترشيحاً من داخلها، أو دعماً لمرشح آخر.

وهو ما أعلنه موسى أبو مرزوق،نائب رئيس المكتب السياسي لحماس بحواره الحصري مع "المونيتور".

"المونيتور" سأل ذات المسئول في حماس من الخارج: هل تدعمون الرجوب مرشحاً لانتخابات الرئاسة القادمة؟ فأجاب: واقعنا الفلسطيني يشبه منطقة الرمال المتحركة، كل يوم هناك جديد، دعنا ننتظر، ولا نستبعد شيئاً، أو نقرره سلفاً.

 

  كلمات مفتاحية