«ستراتفور»: لماذا تراجعت تركيا عن هجومها على سنجار؟

الاثنين 2 أبريل 2018 06:04 ص

عمد الجيش العراقي مؤقتا إلى وقف انتشار الجيش التركي في سنجار، محبطا بذلك عملية توغل يمكن أن تثير التوتر الدبلوماسي بين بغداد وأنقرة؛ ولكن تركيا ﻣﺎ زاﻟت ﻣﻟﺗزﻣﺔ ﺑﻌﻣﻟﯾﺎﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ أﻧﺣﺎء ﺷﻣﺎل اﻟﻌراق ﻓﻲ ظل ﻣﺣﺎرﺑﺔ ﺣزب اﻟﻌﻣﺎل اﻟﮐردﺳﺗﺎﻧﻲ. كما ستتعاون الحكومتان العراقية وحكومة إقليم شمال العراق الكردية مع عمليات أنقرة ضد «حزب العمال الكردستاني» القريبة من الحدود التركية لمحاولة تجنب المزيد من النشاط العسكري المدمر في أماكن أخرى.

تحليل

كما حدث في عدد من المرات خلال فترات الصراع الأخيرة في العراق، عاد جبل سنجار النائي إلى دائرة الضوء من جديد حيث نشرت بغداد قوات في المنطقة في شمال غرب العراق في 26 مارس/أذار، بعد أن هدد الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» بشن هجوم في المنطقة لطرد مقاتلين من «حزب العمال الكردستاني»، وعلى الرغم من أن تركيا تتراجع، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كانت أنقرة ستشعر بالارتياح للسماح للقوات العراقية بالسيطرة على سنجار، ويمكن أن يمر هذا الوضع في اتجاهات مختلفة.

تفتقر سنجار، إلى الموارد الطبيعية وتحيط بها مساحات شاسعة من الصحراء، ومع ذلك، فإنها تعد منطقة استراتيجية، للعراق وتركيا على حد سواء، وتعتبرالمنطقة، الممتدة على جانبي الخط الفاصل بين سلطة حكومة إقليم كردستان وسلطة الحكومة العراقية في بغداد موطنا للأزيديين، ولا يزال الأيزيديون، وهم أقلية دينية، يتعافون من الدمار والاضطهاد الذي أحدثه «الدولة الإسلامية» بهم بين عامي 2014 و2017، وما زالت هناك بقايا من الجماعة الجهادية في صحارى جنوب سنجار، وفي الواقع كان «إرهاب» تنظيم «الدولة الإسلامية» هو من مهد الطريق للمواجهة الحالية في المنطقة بين بغداد وأنقرة.

عندما اجتاح تنظيم «الدولة الإسلامية» شمال العراق في عام 2014، تراجعت الميليشيات العراقية والكردية، تاركة المجتمع المحلي الإيزيدي يدافع عن نفسه وفي هذا الفراغ تحركت بعض الميليشيات ذات العلاقات مع «حزب العمال الكردستاني» إلى المنطقة وبدأت بتدريب الأيزيديين لمحاربة الجهاديين، ولم تنسى القوات الأيزيدية المقاتلة المعروفة بوحدات مقاومة سنجار تعرضها للخداع من قبل الحكومتين العراقية والكردية.

وفي الوقت نفسه، رغم شعورهم بالامتنان لجهود «حزب العمال الكردستاني» للقتال نيابة عنهم، كان الأيزيديون حذرين من وجود المجموعة في سنجار فـ«حزب العمال الكردستاني» في النهاية هو منظمة إرهابية مصنفة دوليا وهي تشن تمردا ضد الحكومة التركية منذ عقود، وتقوم أنقرة بعمليات ضدها منذ مدة طويلة، بما في ذلك الغارات الجوية على جبال شمال قنديل العراقية، بل إن تركيا تعتبر سنجار جزءا من مجالها في إطار الاستراتيجية العثمانية الجديدة التي تنتهجها في سوريا والعراق.

وتعد هذه النظرة مثيرة للقلق ليس فقط بالنسبة لللأيزيديين ولكن أيضا بالنسبة للحكومة العراقية، وبغض النظر عن التعاون في تأمين حدودهما المشتركة، فإن بغداد لا ترغب في السماح لقوات تركيا العسكرية بالوصول إلى العراق، خشية تعرض سيادتها للخطر حيث إن الحفاظ على سلطتها الكاملة على البلاد له أهمية خاصة مع اقتراب الانتخابات في شهر مايو/أيار، حيث يعارض عدد كبير من الناخبين العراقيين انتشار النفوذ التركي في شمال العراق.

قد تكون العملية العراقية التركية المشتركة ضد «حزب العمال الكردستاني» ممكنة بعد التصويت -على الرغم من إصرار بغداد على عكس ذلك- لكن يجب أن يقتصر الأمر على المنطقة الحدودية الأقل إثارة للجدل.

ومنذ ذلك الحين، أقر «أردوغان» علنا على الأقل، بأن عملية نشر القوات العراقية قد «تحل جزئيا» المشكلة في سنجار مع «حزب العمال الكردستاني»، في حين أكد رئيس الوزراء التركي لبغداد أنه لن يتم إجراء أي عملية ضد الحزب دون إشعارها.

مخاطر

وتعتبر تحركات بغداد في سنجار انتكاسة نسبية لتركيا، لكنها لن تخفف من تصميمها على محاربة «حزب العمال الكردستاني» في شمال العراق ومع استمرار أنقرة في بحث قضية سنجار مع الحكومة العراقية، فإن الكثير من المخاطر الأخرى تنتظرها حيث تستطيع وحدات «الحشد الشعبي» وهي مجموعة مكونة من ميليشيات شيعية عراقية مدعومة في معظمها من إيران مواجهة القوات التركية حول سنجار، حيث انتشر مقاتلوها هناك منذ هزيمة «الدولة الإسلامية».

وعلاوة على ذلك، كلما شعرت تركيا بأن العراق يعيق طريقها في سنجار، ستكون العلاقات الدبلوماسية مع بغداد أكثر توترا، وفي هذه الأثناء، ستواصل حكومة إقليم كردستان المشلولة في أربيل صراعها لصد التقدم التركي في أقصى شمال العراق، وفي محاولة لمنع نشاط عسكري أكبر في أماكن أخرى، قد تتعاون أربيل، مثل بغداد، مع أنقرة في بعض عمليات مكافحة «حزب العمال الكردستاني».

ويعتبر جبل سنجار مجرد منطقة واحدة من بين العديد من المناطق في العراق التي ترك التنوع العرقي والثقافي والديني بابها مفتوحا أمام تدخل قوى أجنبية مثل تركيا. لكن رغم كل قوتها العسكرية، تواجه تركيا في في شمال العراق حواجز سياسية ودبلوماسية لم تواجهها في شمال سوريا. وبغض النظر عن مدى قوة قواتها المسلحة، فإن تفاوض أنقرة على هذه هذه الأمور لن يكون أمرا سهلا.

  كلمات مفتاحية

تركيا العراق سوريا سنجار حزب العمال الكردستاني

سوريا والبلقان.. تركيا تراقب أعداءها على جبهات متعددة

توافق تركي كردستاني على تفعيل اتفاق تطبيع أوضاع سنجار العراقية