نمو الصين: حقائق وتحديات!

الأربعاء 25 فبراير 2015 02:02 ص

بينما يقود رئيس الوزراء «لي كيجيانغ» الصين صوب تراجع معدلات النمو، يتساءل خبراء الاقتصاد عن المدى الذي يصبح عنده تباطؤ ثاني أكبر اقتصاد في العالم أكثر من أن يُحتمل؟

ويعتقد المهووسون بالأرقام دوماً أن اقتصاد الصين يجب أن ينمو بمعدل من سبعة إلى ثمانية في المئة سنوياً على الأقل لتوفير وظائف كافية وازدهار يحول دون إغراق ميدان تيانانمين بالمتظاهرين. لكن ماذا لو كانت الصين تعمل بالفعل على خفض معدلات الإنتاج بشكل كبير عند خمسة في المئة على الأرجح من دون حدوث اضطرابات ملحوظة؟ وماذا عسى ذلك أن يعني للتوقعات الاقتصادية في القارة الآسيوية على مدار الأعوام الخمسة المقبلة؟

أنشأت شركة «أوكسفورد إيكونومكس» للاستشارات ما أسمته «مؤشر لي»، تحاول من خلاله تقدير النمو الصيني باستخدام مقاييس مثل «إنتاج الكهرباء» و«النمو الائتماني» و«الشحن باستخدام السكك الحديدية». وعلى النقيض من رقم إجمالي الناتج المحلي المعلن رسمياً، تشير تلك البيانات إلى أن نمو الاقتصاد الصيني تراجع إلى أقل من خمسة في المئة منذ بضعة أشهر وحتى الآن. ورغم أن البعض قد ينتقد تأكيد المؤشر على الصناعات الثقيلة، فالحقيقة هي أن بيانات إجمالي الناتج المحلي والتجارة الصينية الرسمية ليست أكثر موثوقية.

وإذا كان «مؤشر لي» صائباً، فذلك يعني أنه ربما تكون هناك عتبة للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي في الصين أقل بكثير مما كان مفترضاً في السابق. وتفسير شركة الاستشارات، رغم أنه فني بالأساس، يمكن تلخيصه في أنه مع انخفاض النمو السكاني، وخصوصاً الصينيين في سن العمل، من المرجح أن يتباطأ معدل النمو الاقتصادي اللازم للحفاظ على الوظائف، إلى 5٪ بحلول عام 2020، حسبما تقول «كلير هوارث» المحللة لدى «أكسفورد».

وبينما تزعم الأمم المتحدة أن تعداد السكان الصينيين في سن العمل لن يبدأ في التناقص حتى عام 2016، فإن التحليل الاقتصادي يشي بخلاف ذلك. فبين عامي 1979 و2013 نمت معدلات التوظيف في المناطق الحضرية بنحو 3.7٪ سنوياً، مع نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 9.8٪. وشجع ذلك وجهة النظر القائلة بأن معدلات النمو المرتفعة كانت مطلوبة لتوفير مستويات مقبولة من الوظائف والحفاظ على الاستقرار. وأوضح رئيس الوزراء «لي» في عام 2013، أن النمو فوق 7٪ لا يزال أولوية ضرورية للصين.

بيد أن ندرة العمال الآن في المدن تقود إلى ارتفاعات كبيرة في أجورهم. وربما تختفي العمالة الرخيصة في الصين أسرع من المتوقع، ما يعني أن النمو السكاني في المناطق الحضرية يقترب من 2٪ فقط بين عامي 2014 و2020.

وفي الوقت ذاته، ثمة أسباب كثيرة للاعتقاد بأن إجمالي الناتج المحلي الصيني مبالغ فيه، مثلما تزعم أكسفورد. وعليه ربما تكون نسبة نمو الوظائف في المدن إلى إجمالي الناتج المحلي المطلوب لتفادي الاحتجاجات مبالغ فيها أيضاً. وقد يكون من الممكن تحقيق ديناميكيات تعداد سكان المدن والاستقرار الاجتماعي على مدار الأعوام المقبلة بمعدل نمو اقتصادي يتراوح بين 4.5 و5 في المئة.

ولعل هذه أخبار جيدة من وجه وسيئة من آخر بالنسبة للاقتصاد العالمي. فهي سيئة لأن تباطؤ النمو الصيني سيجرد العالم من محرك نمو محوري آخر في خضم التراجع الحالي للطلب.. وجيدة لأن «لي» والرئيس «شي جينبينج» أكثر انفتاحاً على إعادة التوازن إلى اقتصاد بلادهما.

 

* ويليام بيسيك محلل اقتصادي أميركي متخصص في الشؤون الآسيوية

  كلمات مفتاحية

نمو الصين حقائق تحديات لي كيجيانغ شي جينبينغ الاقتصاد العالمي الناتج المحلي

الصين والهند توقعان 26 اتفاقا تجاريا بقيمة 22 مليار دولار

العملاق الصيني في أفريقيا.. من السيطرة الاقتصادية للنفوذ السياسي والعسكري