الاتفاق النووي: انتصار مؤقت للواقعيين من كلا الطرفين

الأحد 5 أبريل 2015 12:04 م

إنها لحظة انتصار البراغماتيين حاليا، بينما الصقور لا يزالون يحلقون.

يبدو أن الترتيبات الناشئة بشأن البرامج النووية الإيرانية التي تم إعلانها يوم الخميس الماضي جاءت إيجابية لكلا الجانبين. فقط أولئك الذين لا يريدون أي اتفاق هم الذين يرون خلاف ذلك.

ونجحت الولايات المتحدة وشركاؤها خلال المحادثات السويسرية في انتزاع تقليص حجم المنشآت النووية الإيرانية وفحصها بموجب حقوق تفتيش قوية، ما يزيد من فترة الإنذار لمواجهة التحايل الإيراني من بضعة أشهر إلى عام على الأقل. وفي المقابل حصلت طهران على تخفيف العقوبات الاقتصادية.

لكن المفاجأة السارة من وراء هذه الخطوة الأخيرة تجاه الموعد النهائي 30 يونيو/حزيران تطغى حاليا على الفائزين والخاسرين الحقيقيين، والاحتمالات والمخاطر الاستراتيجية الجديدة.

الفائزون الحقيقيون في هذه الجولة من المحادثات هم الواقعيون والعمليون في كل من واشنطن وطهران، أما الخاسرون فهم الأيدلوجيون والصقور. يعتقد الأيدلوجيون، وهو أمر بالغ الأهمية، أن الاتفاق الجديد جيد لكنه لا يمنح السعادة المطلقة. ويتمنى  الصقور، بشكل خال من الواقعية، استسلاما إيرانيا مطلقا مهما كانت النتائج.

ما يحاول البراجماتيون حقا تأسيسه هو إقامة حوار استراتيجي يفتح الباب لتخفيف التوترات الخطيرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وبشكل خاص؛ هذا بالضبط ما يحاول القادة على الجانبين قوله. البراغماتيون الرئيسيون هم الرئيس الإيراني «حسن روحاني» ووزير الخارجية «جواد ظريف» والرئيس «باراك أوباما» ووزير الخارجية «جون كيري». ويدعم الأمريكيين، بشكل كبير، في هذا النهج شركاؤهم في المفاوضات، بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والاتحاد الأوروبي.

أما ما يريده الواقعيون على كلا الجانبين هو الحوار الاستراتيجي الذي يتناول الأحقاد الكامنة المتبادلة ونقاط عدم الثقة والقضايا المضطربة في منطقة الشرق الأوسط. لكنهم لا يستطيعون الوصول إلى هذه الأولويات الاستراتيجية دون التوصل أولا إلى أماكن تسوية مرضية بشأن القضية النووية. ومن الناحية السياسية، تأتي القضية النووية أولا. وعندئذ فقط يمكنهم الحصول على المفاوضات اللازمة للمعارك المستعرة في سوريا والعراق واليمن وليبيا، والمعارك بين السنة بقيادة السعودية والشيعة الذين تقودهم إيران. وعندئذ فقط يمكنهم الوصول إلى هذه الشكوك المتبادلة والسائدة الآن.

أمريكا وإيران لديهما مصالح مشتركة حقيقية. وعملت إيران وواشنطن معا في المراحل الأولى من الحرب الأفغانية لمحاربة طالبان وتنظيم القاعدة. ويتعاون البلدان في الحرب ضد الجهاديين في العراق وسوريا. ويرى البراغماتيون الأمريكيون أن «أصدقاءهم» من السعودية ودول الخليج قد فعلوا في الواقع الكثير والكثير ضد مصالح الولايات المتحدة في جميع أنحاء هذه المنطقة أكثر مما فعلته إيران. وزودت دول الخليج الجهاديين بالسلاح والمال لتجعل منهم خطرا. وكانت الرياض المحرك الرئيسي وراء هذا المدارس الدينية التي نشرت كراهية الولايات وما تقوم به.

وعلى النقيض، هناك جزء كبير من الإيرانيين بالتأكيد موالي للولايات المتحدة. إنهم يتصورون علاقات جيدة مع أمريكا باعتبارها المفتاح لحياة أفضل اقتصاديا وسياسيا. كما أنهم يدافعون عن علاقات اقتصادية أفضل، على الرغم من أنهم يشاهدون بوضوح الفوائد قصيرة الأجل لرجال الدين اليمينين المرتشين الذين يديرون البلاد. واحتشد هؤلاء الإيرانيون يوم الجمعة في المطار أمس الجمعة ليهتفوا لـ«ظريف» لدى عودته من سويسرا. ووفقا لاستطلاعات الرأي، فإن غالبية كبيرة من الأمريكيين يفضلون أيضا تحسين العلاقات مع إيران.

وبدون ارتكاب خطأ واحد، يدرك الواقعيون الأمريكيون جيدا المخاطر التي تدار في هذه الصفقة النووية الناشئة. إنهم ليسوا واقعيين من أجل لا شيء. أكبر كابوس هو أنه مع رفع العقوبات الاقتصادية في معظمها على مدى السنتين أو الثلاث سنوات المقبلة، سيتم تعزيز الاقتصاد الإيراني بما فيه الكفاية للسماح لصقور طهران الجسورة ببدء التحايل ونزع الغطاء النووي. وفي ذلك الوقت، ربما يقدّرون جيدا أن الولايات المتحدة لن تكون في وضع يمكنها إعادة فرض معظم العقوبات الاقتصادية. وربما يخلص الملالي إلى أن روسيا والصين، وربما حتى بعض الأوروبيين سوف يقبلون بخيانات إيران.

هذا هو الكابوس المشترك لدى الصقور والبراغماتيين على حد سواء، ووصل فريق «أوباما» لمرحلة أنه يظهر الآن استعداده لهذه المخاطر. أولا: التأكيد على الرفع التدريجي للعقوبات الأمريكية والدولية. ثانيا: التأكيد على أن أنظمة التفتيش ستضبط أي محاولة إيرانية لانتهاك الاتفاق. ليس هناك شيء مغلق تماما، لكن حقوق التفتيش مضطرة لأن تمتد لتشمل المتفق عليه وغير المتفق عليه. لقد مارست طهران الخداع والتحايل من قبل. ثالثا: ضرورة العمل مع شركائها الآن من أجل خطة تفاعل قوية، وعلى الفور، للتصدي لأي انتهاكات محتملة. ويتعين أن يتم الإعلان عن هذه الخطة قبل إبرام الاتفاق النهائي.

يجب على «أوباما» ألا يفترض أن المفاوضات النووية مع إيران تتحدث عن نفسها. ويتعين عليه أن يقوم بشرح مدى تأثيرها على مجمل العلاقات المستقبلية مع إيران. ويتعين على أصدقاء واشنطن وشركائها التقليديين في المنطقة، دول الخليج والأردن ومصر وإسرائيل، أن يدركوا كيف تكون حقيقة العلاقات الناشئة مع إيران في إطار الصورة المكتملة المشهد. وعلى «أوباما »أن يشرح كيف ستتم حماية مصالحهم. إقناع هؤلاء الأصدقاء في المنطقة هو أيضا ضروري لإقناع النقاد في الكونجرس أن سياسته تجاه إيران لها معنى.

لقد قام «أوباما» ببداية جيدة يوم الخميس بتأكيده على أن الطريقة التي يحاول القيام به مع الاتفاق النووي هي أفضل بكثير من البدائل. ولكن هذا لا يكفي.

وعلى وجه التحديد، يحتاج «أوباما» أن يضع سياسة معقولة فيما يخص القضايا التالية: هل الولايات المتحدة ببساطة تدعم ما تقوم به السعودية في اليمن أم أنها تحاول لعب دور الراعي في صنع السلام؟ وما هي خطة هزيمة «الدولة الإسلامية »التي تثبت أن هزيمة التنظيم الذي بسط نفوذه على مناطق في دول عدة هدف حقيقي وليس مجرد أوهام؟ كيف يمكن للولايات المتحدة أن تساعد في إعادة المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية إلى مسارها؟

ولكي يكون مقنعا في التعامل مع هذه المشاكل، فإن على السيد «أوباما» أن يسعى لطمأنة الإسرائيليين أن الالتزام الأمريكي بأمنهم قوي كما كان دائما.

فاز الواقعيون الأمريكيون والإيرانيون بهذه الجولة الماضية بدون فارق كبير يذكر. الصقور في كلا الجانبين هم أقوى سياسيا من الواقعيين. لهذا السبب تأخرت المحادثات في لوزان إلى ما هو أبعد من الموعد النهائي، ولهذا كانت النتائج النهائية مبهمة وتحيط بها الشكوك. من الآن وحتى الموعد النهائي في 30 يونيو/حزيران سوف يضطر الواقعيون على كلا الطرفين الاستمرار في مساعدة بعضهم البعض وإلا سيفشلون. 

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة إيران الاتفاق النووي السعودية

«فورين بوليسي»: اتفاق إيران النووي يهدد توازن القوة الدقيق في الشرق الأوسط

هل تهاجم (إسرائيل) منشآت إيران النووية كما فعلت في العراق وسوريا؟

لماذا تعد إيران هي الفائز الأكبر من الاتفاق النووي؟

الاتفاق النووي قد يعني تدفق مزيد من النفط الإيراني .. لكن بعد 2015

السعودية تراقب الاتفاق الايراني وعينها على امتلاك برنامج نووي

التوصل لإطار اتفاق نووي يُنهي العقوبات على إيران مقابل تقييد أنشطة التخصيب

خمس عقبات تهدد اتفاق إيران النووي

«الجارديان»: إيران تشكك في «ورقة الوقائع» الأمريكية الخاصة بالاتفاق النووي

ماذا بعد اتفاق لوزان؟

3 جماعات ضغط يهودية وعربية وإيرانية في أمريكا ترحب بالاتفاق النووي مع إيران

أمريكا تؤكد رفع عقوبات إيران تدريجيا وترفض تضمن الاتفاق اعترافا بوجود (إسرائيل)

«رويترز»: المؤسسة الإيرانية تواجه مخاطر إذا فشل الاتفاق النووي

طهران والغرب: صفقة ملغومة أم حل حقيقي؟

اتفاق إيران قد يتعثر بسبب مراقبة أنشطة نووية حساسة