حماس والنظام المصري يتباعدان خلال حرب غزّة

الأحد 13 يوليو 2014 01:07 ص

عدنان أبو عامر، المونيتور، 12\7\2014

لم تفلح الاتّصالات بين "حماس" ومصر بمنع اندلاع الهجوم الإسرائيليّ فجر الثلثاء 8/7، من منع وقوع المواجهة الجارية هذه الأيّام في غزة، وفقاً لما علمه "المونيتور" من أوساط مطّلعة في غزّة والقاهرة.

وفي حين أعلن وزير الخارجيّة المصريّ سامح شكري في 5/7 أنّ مصر تبذل جهوداً للتهدئة بين الفلسطينيّين وإسرائيل.

أكّد رئيس دائرة العلاقات الخارجيّة في "حماس" أسامة حمدان في 4/7 "عدم قبوله بوجود تهدئة لا ترفع حصار غزّة"، نافياً "وجود جهود حقيقيّة لإبرامها"، لافتاً إلى أنّ "مصر لم تتدخل في تحقيق التّهدئة".

تهدئة مقابل تهدئة

وعلم "المونيتور" من أوساط مطّلعة فلسطينيّة ومصريّة، أنّ المخابرات المصريّة طلبت في 4/7 من زعيم الجهاد الإسلاميّ رمضان شلح التّواصل مع "حماس"، لتمديد التهدئة المتّفق عليها بعد حرب 2012، لكن الأخير رفض أن يكون وسيطاً بين مصر و"حماس"، لأنّه في الخندق ذاته مع "حماس"، ممّا أثار غضب القاهرة، التي لم تبد تحمّساً لاستمرار جهودها في التهدئة، علماً أنّ اتّصالات مصر و"حماس" شبه منقطعة منذ الإطاحة بالرئيس محمود مرسي العام الماضي، وهذا ما تحدّث عنه "المونيتور" في مقال سابق.

وقبل هجوم إسرائيل على غزّة فجر 8/7، أعلنت قناة "الجزيرة مباشر مصر" أنّ "رئيس جهاز المخابرات المصريّة اللواء فريد التهامي زار تل أبيب قبل ساعات من الحرب، والتقى قيادات أمنيّة إسرائيليّة، والرئيس عبد الفتاح السيسي أعطى الموافقة المبدئيّة لإسرائيل على شنّ عمليّة عسكريّة على غزّة لتدمير حماس".

وإذ رفض مسؤول في "حماس" بغزة تأكيد أو نفي هذه الأنباء، قال: "ما يفنّد هذه التسريبات أن تبذل مصر جهوداً جادة، وتمارس ضغوطاً على إسرائيل، لوقف مهاجمة غزة على مدار 3 أيام متتالية، رغم أنّ المسافة بين غزّة والحدود الشرقيّة لمصر لا تزيد عن 6 كم، والجنود المصريون يسمعون ويرون بالعين المجردة القصف الإسرائيليّ".

 أضاف: "ليس مفهوماً ترافق العدوان الإسرائيليّ على غزّة مع إغلاق معبر رفح، بما يمنع دخول المساعدات الطبيّة وسفر المصابين للعلاج، ونحن ننتظر موقفاً وطنيّاً يلائم مصر، بما يحفظ الدمّ الفلسطينيّ، ويمنع إسرائيل من استباحة غزّة".

وفي وقت لاحق، أعلنت مصر فتح معبر رفح في 10/7 لإخراج المصابين من غزّة وإدخال المساعدات.

وقد كان خطاب الرئيس السيسي في ذكرى حرب أكتوبر 1973، مساء 7/7، لافتاً في عدم تعرّضه للقصف الإسرائيليّ على غزّة.

واقتصر التحرّك المصريّ على تلقّي السيسي اتّصالاً من الرّئيس محمود عبّاس مساء 8/7، وتعهّد له بالعمل على وقف الهجوم الإسرائيليّ على غزّة في أسرع وقت ممكن.

وهذا ما دفع بأستاذ العلوم السياسيّة في القاهرة وحيد عبد المجيد للقول إلى صحيفة "الوطن" المصريّة إنّ "الموقف المصريّ تجاه حرب غزّة يعاني كثيراُ من القصور، ويجب التّعامل معه على أنّه عدوان إسرائيليّ مرفوض شكلًا وموضوعًا، وعدم الاكتفاء بالوساطة بين "حماس" وإسرائيل، ويعكس الانشغال السياسيّ بالصراع الداخليّ مع الإخوان المسلمين".

 أمّا رئيس المكتب السياسيّ لـ"حماس" خالد مشعل فقال مساء 9/7، في حديثه عن حرب غزة: "تلقّيت عشرات الاتّصالات تطالب بالتّهدئة مع إسرائيل، لكنّي رفضت ‏كون إسرائيل من بدأت عدوانها".

وكان لافتاً عدم ذكره لمصر صراحة، ممّا يؤكّد أنّ هناك حالاً من القطيعة في العلاقات معها.

وسطاء جدد 

إنّ التطوّر الأبرز في الحرب الدّائرة على غزّة، ما أعلنته كتائب القسّام في 8/7 أنها أطلقت على قصفها الصاروخيّ على إسرائيل اسم "عمليّة العاشر من رمضان"، وأهدتها إلى أرواح شهداء الجيش المصريّ في حرب أكتوبر عام 1973.

وذكر مسؤول إعلاميّ في "حماس" مقيم في الخارج: إنّ "هذه التسمية مقصودة، بهدف إزالة غسل الدماغ الذي فعله الإعلام للشعب المصريّ ضد حماس".

ولدى التواصل هاتفيّاً مع عضو سابق بمجلس الشعب المصريّ رفض الكشف عن هويته، أشار إلى أن "مصر قد لا تبدو مستعجلة في وقف العدوان الإسرائيليّ على غزّة، لأنّ السياسة الخارجيّة المصريّة مرتبطة بالسياسة الداخليّة، ومن الواضح أنّ السيسي يعتبر أنّ "حماس" في غزّة هي امتداد للإخوان المسلمين في مصر. ولذلكّ لا نتوقّع أن يذرف الكثير من الدموع إذا وجّهت إسرائيل ضربة قويّة ضدها".

وكان ملفتاً ما أشار إليه تقدير موقف نشره اليوم 10/7 "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في قطر، الذي يديره المفكر العربيّ عزمي بشارة، وجاء فيه: "مصر ليست متحمّسة حالياً للتوسّط لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، فهي تشارك تل أبيب في أهدافها بأن تدفع حماس وغزة ثمنًا أعلى".

إنّ الجديد في الساعات الأخيرة، ما أوردته صحيفة "العربيّ الجديد" الصادرة في لندن، عن اتصالات دوليّة وعربيّة لتهدئة الموقف في غزّة، عبر اتّصالات هاتفية بين الأمين العام للأمم المتّحدة بان كي مون، وأمير قطر الشيخ تميم، وبين وزير الخارجيّة الأميركيّ جون كيري، ونظيره القطريّ خالد العطية، بعد تمنّع مصر عن القيام بوساطة لوقف إطلاق النّار، رغبة منها بترك إسرائيل توجّه ضربة قاصمة لـ"حماس".

كشف مسؤول فلسطينيّ في غزّة قام بدور الوسيط لتهدئة التوتّر في العلاقة بين "حماس" ومصر، لـ"المونيتور" عن "وجود أطراف غير مصر دخلت على خط وقف إطلاق النار، خصوصاً قطر وتركيا، إلاّ أنّ مصر لن تسمح بسحب الملف الفلسطينيّ من يديها"، مرجّحاً أن "تبدأ اتصالاتها الجديّة بين حماس وإسرائيل إذا علمت بانطلاق اتّصالات جديّة من دول أخرى".

أخيراً، تنهي الحرب الإسرائيليّة على غزّة يومها الثالث، وما زال التّواصل بين "حماس" ومصر شبه مقطوع، بحسب مصدر مطلع في "حماس" أبلغ "المونيتور" بذلك، وقال: "ما تعرضه القاهرة تهدئة مقابل تهدئة أمر غير مقبول بالنّسبة إلى "حماس". لقد رفضنا هذا المطلب قبل هذه الضحايا والدماء في الأيّام الأخيرة، وسيزداد رفضنا له بعدها، فلن تكون هذه التضحيات من دون ثمن، ومطالبنا معروفة بالنّسبة إلى الإخوة المصريين".

  كلمات مفتاحية