مخاطر تحول الصراع في اليمن إلى «حرب طائفية»

الثلاثاء 14 أبريل 2015 06:04 ص

ربما يزج القتال الذي يدور رحاه في أرجاء اليمن منذ ثلاثة أسابيع بالبلاد -التي ظل السنة والشيعة بها يصلون جنبا الى جنب في نفس المساجد طيلة قرون من الزمن- نحو حرب طائفية.

وينفي معظم المتقاتلين أنهم يخوضون هذا الصراع بدافع المذهب فيما يقول المتمردون الحوثيون الشيعة المتحالفون مع إيران إنهم يقومون بثورة مشروعة وتقول المملكة العربية السعودية إنها تقصف الحوثيين لحماية دولة اليمن.

ويقول رجال ميليشيات من الجنوب إنهم يدافعون عن وطنهم.

لكن ثمة شواهد تشير إلى أن الأحقاد الطائفية التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط منذ اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011 بدأت تتسلل إلى حرب اليمن يؤججها التنافس بين القوتين الاقليميتين السعودية وإيران.

والحروب والصراع على السلطة ليست بالأمر الجديد على اليمن وهو واحد من أكثر المجتمعات في العالم التي تشيع فيها الأسلحة بين السكان لكن التوجه الطائفي تجسد بصورة جلية في مقطع فيديو يتناقله مستخدمو فيسبوك في اليمن.

يظهر في المقطع مراهق يجلس معصوب العينين وهو يصرخ متوسلا إلى خاطفيه قائلا إنه يبلغ من العمر مجرد 13 عاما وقد اعتقله رجال ميليشيا فيما كان يقاتل في صفوف الحوثيين بمدينة عدن الجنوبية.

ويصرخ مسلح سني قائلا «لماذا جئت إلى هنا؟ نحن هنا دفاعا عن ديننا نحن نقاتل المرتدين والحوثيين .. أنتم لستم آدميين بل حيوانات».

وبعد ضربات جوية تشنها منذ ما يقرب من ثلاثة أسابيع السعودية وجيرانها من السنة بمنطقة الخليج ممن يعتبرون الحوثيين مجرد دمى في أيدي الإيرانيين يجازف اليمن بتقسيمه وفقا لاعتبارات طائفية.

وقال «محمود السالمي» أستاذ التاريخ بجامعة عدن إن هذا السيناريو محتمل إذا استمرت الحرب واستمر قتل الشبان وغزو البلدات وقصف المنازل مع استمرار تزايد نداءات الجماعات الدينية المتطرفة.

يقول الحوثيون إنهم يقاومون ما يرون انه تهميش من جانب الدولة منذ أكثر من عقد من الزمن لكن الميليشيا تدفعها الآن أيضا رغبة في اجتثاث تنظيم القاعدة السني المتشدد من اليمن.

ومع استشراء حالة الفوضى فثمة خطر من أن تستغل جميع الأطراف معتقداتها الدينية لتسوية حسابات قديمة.

ويشعر الجنوب -الذي كان دولة اشتراكية مستقلة من قبل- منذ زمن طويل بالغبن من الشمال ليس لأنه موطن للطائفة الزيدية الشيعية لكن لأن الجنوبيين يشعرون بان ميادين السياسة وموارد النفط حكر على الشماليين دون غيرهم.

وقال «السالمي» إن ثمة مشاعر قوية بالاضطهاد والمهانة بأن الشماليين يقومون بالغزو لكن نظرا لعدم وجود أي قيادة أو أي جيش فان الجماعات المسلحة تفتقر إلى التنظيم والانضباط وأن هذا الاستياء قد يتحول إلى اعتبارات طائفية بدلا من الاقليمية.

القاعدة تستهدف الحوثيين

وتتصاعد الهجمات القاتلة منذ أشهر بعد أن تجاوز المقاتلون الحوثيون معاقلهم الحصينة التقليدية المحدودة في المرتفعات الشمالية العام الماضي وبدأوا يوسعون نطاق سيطرتهم.

وركزت القاعدة -التي تخصصت في تنفيذ تفجيرات ضد الشيعة في العراق بغية إذكاء الصراع الطائفي- أنظارها على الحوثيين.

وصعد مسلحون من القاعدة الى حافلة في شرق اليمن في أغسطس/آب الماضي وقتلوا وطعنوا 14 جنديا بالجيش كانوا خارج نوبات عملهم لأنهم «حوثيون مرتدون».

وفي أشد الهجمات الطائفية فتكا فجر مهاجمون انتحاريون من السنة - زعموا انهم من تنظيم الدولة الاسلامية- أنفسهم في مسجدين للحوثيين بالعاصمة اليمنية صنعاء في 20 مارس آذار الماضي ما أسفر عن مقتل 137 مصليا.

وبدأ الحوثيون هجوما خاطفا باتجاه مدينة عدن الجنوبية قالوا إنها تستهدف ليس مجرد الرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي» المدعوم من السعودية بل أيضا متشددين سنة يعتقدون أنهم من حلفائه.

وقال «عبد الملك العجري» عضو المكتب السياسي لحركة الحوثيين الشيعية (أنصار الله) «أكبر مكون في اللجان الشعبية كان من القاعدة».

وتنفي الجماعة تلقي دعم عسكري من ايران وتقول إنها تقاتل بالنيابة عن جميع اليمنيين في حرب تمثل نضالا من أجل مستقبل اليمن وليست مجرد نزاع بين الطوائف.

ويصف «العجري» الصراع في اليمن بأنه سياسي صرف لكنه يقر بان بعض الأطراف قد تستغل الشق الطائفي لتحقيق مطامعها.

«أكثر خطورة مما تظن»

ويسعى كثير من الجنوبيين منذ زمن طويل للانفصال عن الشمال وربما كان الهجوم الضاري الذي يشنه الحوثيون فرصة سانحة لهم.

وقام مواطنون بتسليح أنفسهم دفاعا عن جبهة متشابكة تمتد مئات الكيلومترات على السواحل الجنوبية للبلاد وعبر الجبال والصحراوات.

وبدأت نداءات الاصطفاف من أجل قضية الجنوبيين تتخذ صبغة دينية مثلما يوضح بيان من جماعة تطلق على نفسها اسم «المقاومة الجنوبية» صدر الأسبوع الماضي.

وقال البيان «لزاما على أبناء الجنوب أن يوحدوا صفهم في إطار واحد لمواجهات هذا الظرف ولكي يستطيعوا دحر هذا العدوان الرافضي الخبيث»، مضيفا: «أما أنتم أيها الحوثيون الروافض فإن الأمر أخطر مما تظنون وأعظم مما تتصورون فإنكم باحتلالكم للجنوب قد فتحتم لأنفسكم بابا لن تستطيعوا إغلاقه ابدا».

واستغلت القاعدة القتال وتشظي الجيش اليمني للاستيلاء لفترة وجيزة الأسبوع الماضي على ميناء المكلا المطل على بحر العرب فيما بادر مقاتلون قبليون بردهم على أعقابهم.

وتقاتل القاعدة منذ أسابيع الى جانب صفوف رجال قبائل سنية ضد الحوثيين عدوهم المشترك، وتختلط الآن نزاعات مضى عليها عقود من الزمن على الارض والنفوذ والموارد مع التوتر الطائفي لتكون مزيجا ملتهبا.

وقال «جمال العولقي» أحد مقاتلي القبائل في مديرية الصعيد بمحافظة شبوة «هذه جماعة مذهبية شمالية مدعومة من إيران تريد احتلال أرضنا ولهذا نقاتلهم ولن نقبل بأي غريب يتحكم بنا»، مضيفا: «الحوثيون يحتجون بقتال القاعدة لكنهم في الأصل تحالفوا مع الرئيس السابق لأنهم من منطقة واحدة ومذهب واحد ويريدون احتلال أرضنا واستعبادنا والقبائل اليوم استولت على أربعة مواقع لجيش المخلوع صالح في ميفعة وعزان وتتقدم لتطهير شبوة منهم».

 

  كلمات مفتاحية

اليمن حرب طائفية إيران السعودية الحوثيون عاصفة الحزم القاعدة الميليشيات الجنوبية

«ستراتفور»: تركيا وباكستان لا ترغبان في تحول «عاصفة الحزم» إلى صراع طائفي

«ميدل إيست آي»: الصراعات الطائفية تلهب تجارة السلاح في الشرق الأوسط

الجيو ـ سياسي والطائفي في «عاصفة الحزم»

الرئيس السوداني: مستعدون لإرسال لواء من المشاة إلى اليمن .. والصراع ليس طائفيا

نائب رئيس الوزراء التركي: دول غير حكيمة تسعى لتقسيم اليمن طائفيا

هل استعد العرب للحرب الطائفية وأخطارها؟ وكيف سيكون رد فعل إيران "العدو الاكبر"؟

اليمن .. هذه البئر المخيفة

حرب الشرق الأوسط ليست طائفية

الطريق إلى جهنم الحرب الطائفية الشاملة