«المونيتور»: الجيش التركي يكبح طموحات السياسيين نحو تدخل عسكري في سوريا والعراق

الثلاثاء 5 مايو 2015 07:05 ص

شهدت الفترة الأخيرة حديثًا كثيرًا في الأخبار والمقالات في الإعلام التركي والغربي حول شن تركيا عملية عسكرية ضد سوريا وإيران. فعلى سبيل المثال، كتبت «الهافنجتون بوست» مقالة تدعي بها أن هناك احتمالات لعملية عسكرية مشتركة بين السعودية وتركيا في سوريا، بناءً على مصادر مطلعة حول المحادثات التي تتوسط بها قطر بين تركيا والسعودية لترتيب تحالف سني إقليمي. معلق آخر ادعى أن الأحداث تجاوزت مرحلة الاحتمالية، وأنقرة الآن تعد لتدخل عسكري في سوريا لإنشاء محطة عازلة هناك.

في 30 نيسان/أبريل، بمقالة بصحيفة «ميليت» التركية عنوانها «جنود أتراك في سوريا»، تربط «آسلي آيدنتشاشباش» هذه الادعاءات بالانتخابات العامة في 7 حزيران/يونيو، حيث كتبت أنها كانت تسمع في المحادثات بالغرف الجانبية: أن تحالفًا سنيًّا من تركيا والسعودية وقطر والكويت يُعِد لاقتحام سوريا، واختتمت مقالتها بالسؤال: «هل ستأخذ أنقرة خطوة أخرى وتتحرك لإنشاء مناطق آمنة داخل سوريا بالشهور أو حتى الأسابيع القادمة؟ هل ستفاجئنا الصحف التركية، المشغولة حاليًا بالانتخابات الجارية، بمانشيت: جنود أتراك في سوريا؟».

ادعاء علني آخر حول هذه الخطوط قاله «دينجر مير محمد فرات»، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية السابق، والمرشح البرلماني الحالي لحزب الشعوب الديمقراطي، الموالي للأكراد، والذي حذر من أن فشل حزب الشعوب الديمقراطي بتجاوز نسبة 10٪ في الانتخابات في سوريا قد يؤدي لشغب كبير، محذرًا من أن «شعور حكومة العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب أردوغان بالخطر، سيدفعها -بلا تردد- لبدء حرب في بلد آخر لتأجيل الانتخابات».

بالنظر لتأثيرات لهذه الادعاءات، فإن كل العيون الآن على أنقرة. تحدثت «المونيتور» لعدد من المصادر الأمنية، الذين طلبوا جميعًا إخفاء هُويتهم، قالوا: إن احتمالية عملية برية ضد سوريا أو العراق ليست الآن على جدول أعمال أنقرة.

إحدى المصادر قالت كذلك: «إذا كانت هذه الادعاءات صحيحة لهم، فلن أكون في أنقرة اليوم، بل على الحدود السورية أو العراقية»، مضيفًا أن كلا من الجيش التركي والقوة الجوية في المبدأ ضد عمليات كبيرة في سوريا والعراق.

أربعة أسباب

 وتابع المصدر «اليوم؛ واقعية الجيش هي أفضل نظام لدينا لكبح صناع قرار في تركيا»، مضيفًا أنه: «لا تركيا، ولا الجيش التركي، يستطيعون تحمل نتائج تدخل الجيش التركي، بالنظر لعناصره التقليديين في وحدات الجيش والبر، في المستنقع العسكري السوري. الجنود التقليديون لا يستطيعون الصمود في سوريا بدون دعم قوات المعارضة السورية، الذين لا يمكن تحديد ولاءهم بوضوح».

أورد المصدر أربعة مخاطر رئيسة لأية عمليات برية عسكرية ضد سوريا:

أولا: ستؤدي العملية لجلب الخراب لأمن الحدود التركية، التي تعاني أساسًا من مشاكل قانونية وبنيوية، وقد تنقل الاشتباكات داخل سوريا إلى تركيا. قال المصدر: «فكر فقط بالتدفع اللوجستي للوحدات التي ستدخل سوريا. السير وحده سيربك الحدود أكثر». مصدر آخر أخبر المونيتور أنه: «في اللحظة التي يعبر بها الجيش التركي الحدود السورية، فإن أمن الحدود السورية التركية سينهار تمامًا».

ثانيا: الجيش التركي ليس متشجعًا للتعاون مع الفصائل السورية المعارضة. التدخل سيتطلب بلا شك التعاون مع الفصائل الإسلامية الراديكالية، مما قد يؤدي، أساسًا، لإيذاء صورة تركيا العالمية المتضررة ويرفع النظرة لتركيا على أنها دولة تدعم الإرهاب.

ثالثا: أقصر احتمال بالنسبة لأنقرة لنهاية الأزمة السورية هو عامان أو ثلاثة إضافية؛ لذلك فإن التدخل يعني مشاركة طويلة الأمد للجيش التركي داخل سوريا.

رابعا: تدخل مثل هذا قد يجبر الجيش التركي على التعامل مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني، الذي يسيطر على مناطق شمال سوريا. رد فعل الجيش على التقارير حول تعاونه مع حزب الاتحاد أثناء إجلاء ضريح «سليمان شاه» من شمال سوريا كان انعكاسًا لهذا التخوف.

الموصل وطموح «أردوغان»

خبير آخر قدم تحليلاً شبيهًا، حيث قال: إنه لا توجد احتمالية لعملية عسكرية تقليدية ضد سوريا، ولا توجد استعدادات لاحتمالية كهذه، مضيفًا: «اليوم نركز فقط على أمن الحدود. إذا أرادت تركيا دخول سوريا، كنا قمنا بذلك أثناء مبادلة الرهائن من السفارة في الموصل أو أثناء إجلاء ضريح سليمان شاه».

بالنظر لهذين النظرتين، فإن السؤال الذي يخطر بالبال هو حول لعب تركيا دورًا أكثر تأثيرًا في عملية كبيرة للتحالف، الذي تقوده أمريكا، لتحرير الموصل من «تنظيم الدولة».

بحسب خبراء، نوع من هذا التدخل الفعال في عملية الموصل يبدو، لأسباب تاريخية وسياسية واستراتيجية، أكثر منطقية لصناع القرار الأتراك أكثر من عملية ضد سوريا. تاريخيًّا، عدت الموصل عادة «أعمالاً غير منتهية» لأنها داخل الميثاق الوطني التركي الشهير، الذي يوجد بالذاكرة الجمعية للشعب التركي، ويحمل حضورًا رمزيًّا للهُوية الوطنية. «لذلك، تمثل الموصل، سياسيًّا، هدفًا أكثر منطقية لـ«أردوغان» من سوريا. إتمام «أردوغان» مهمةً لم يكملها مؤسس تركيا الحديث «مصطفى كمال أتاتورك»، واعتباره، تاريخيًّا،«محتل الموصل»، قد يرفع مظهره السياسي المحلي بشكل كبير.

لا يبدو أن هناك عائقًا استراتيجيًّا يمنع تركيا من المشاركة في معركة الموصل. يملك حزب العدالة والتنمية علاقات جيدة مع حكومة كردستان، التي أسست لإدارة عملية شمال العراق، وبمكاسبها في السنوات الأخيرة أخذت خطوات كبيرة نحو تحويل نفسها لإدارة حقيقية.

مصادر في أنقرة تعتقد أن حكومة كردستان تصر على أخذ أنقرة لدور عسكري أكثر فعالية بقتال «تنظيم الدولة» في العراق. دور كبير كهذا قد يكون مضادا للتأثير العسكري الإيراني المتنامي والمزعج في العراق. دوري كضابط عسكري سابق كان لي مهمات اتصال في كركوك والموصل خلال 2003 و2004 وراقبت التأثير التركي على القبائل السنية والتنظيمات الأخرى، خصوصًا في الموصل، أستطيع القول أن الجالية السنية في تلك المدينة ستكون منفتحة على تعاون يجب أن تستغله تركيا لأخذ دور أكثر فعالية.

وبالمجمل، من الصعب القول بدقة أن صناع القرار الأتراك يخططون لعملية عسكرية. في مقالة سابقة، لخصتُ الدعم الذي تستطيع تركيا تقديمه لعملية الموصل. جدير بالذكر هنا أن عملية ضد «تنظيم الدولة» في العراق تتطور بشكل أبطأ من المتوقع، ولا يبدو أن أي شيء سيتم قبل انتخابات حزيران/يونيو، نافيًا بذلك العناوين الإخبارية المتوقعة التي تظهر «أردوغان» على أنه «محتل الموصل».

إحدى العوامل التي تهيمن على بقية الظروف هي: المسعى الواقعي للجيش التركي تجاه الأحداث في سوريا والعراق. من المعلوم أن القائد العام للقوات المسلحة الجنرال «نجدت أوزال»، والذي تنتهي مدته في آب/أغسطس، وخليفته المتوقع القائد الحالي للقوات البرية الجنرال «حولوسي آقار»، يفضلان مساعي حكيمة حذرة تستبعد المغامرات العسكرية في العراق وسوريا. في سياسة تركيا تبدو أنها فقدت مكابحها، بسبب هيمنة «أردوغان»، فإن آلية الكبح الوحيدة الواقعية في إقليم عسكري خطير هو المسعى الواقعي والمنطقي للجيش.

يحصل الشخص على انطباع أن الجنود قد عادوا للسيطرة، لكن هذه المرة الأمور مختلفة. هدفهم هو أخذ تركيا لانتخابات ديمقراطية بدون حادث كبير سببه فقدان السيطرة. بالطبع، على الجيش استخدام واقعيته وكوابحه، داخل حدود الديمقراطية والحكم المدني، لكبح طموحات السياسيين.

هل يستطيع الجيش الحفاظ على ذلك حتى الانتخابات؟ بالطبع، عندما يتعلق الأمر بسوريا، لكنهم قد يفشلون بخصوص الموصل.

 

  كلمات مفتاحية

تركيا سوريا العراق أردوغان الجيش التركي

«أردوغان» يصادق على مشروع قانون لنشر قوات تركية في قطر

الثمن الباهظ للتدخل وعدم التدخل في سورية

الجيش التركي ينفذ عملية عسكرية داخل سوريا لنقل ضريح «سليمان شاه»

«أردوغان»: «لم نشهد خلافات في وجهات النظر مع قطر» .. و«تميم» يتطلع للاستفادة من الجيش التركي

رئيس أركان الجيش التركي يرفض دعوة نظيره الأمريكي لحضور اجتماع دولي حول «داعش»

وزير الدفاع الأمريكي: إقامة منطقة آمنة في سوريا يتطلب «مهمة قتالية كبيرة»

رئيس وزراء تركيا ينفي التخطيط لتدخل عسكري في سوريا

ملامح معركة ”تحرير حلب“: حماسة إقليمية وخشية أميركية

ضغوط سعودية على فصائل سورية لعدم المشاركة في مؤتمر مصري يروج لبقاء «الأسد»

«فاينانشيال تايمز»: العراق مصدر قلق للولايات المتحدة.. و«أوباما» ضحية

استطلاع رأي: 55% من الفرنسيين يؤيدون تدخلا عسكريا لبلادهم في سوريا

أجندات تركيا وإيران المتصارعة في العراق: من سيحوز ماذا؟

مصادر: الجيش التركي يعارض مطالب الحكومة بالتدخل في سوريا

الأتراك يرحبون بالجيش وسط توترات حدودية لكنهم يخشون المجهول من سوريا

لقاء مغلق بين رئيس أركان الجيش التركي ونظيره الأمريكي في أنقرة

الجيش التركي يحتل المركز الثامن بقائمة أقوى جيوش العالم