استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

افتتاحية يدعوت آحرنوت: "الجرف" صامد أما الحكومة فأقل!

الأربعاء 16 يوليو 2014 12:07 م

ناحوم برنياع،  يديعوت - مقال افتتاحي - 16/7/2014

كان أمس يوما غير لامع من عملية الجيش الاسرائيلي في غزة، لا لأنه سقط أول فقيد اسرائيلي فقط وهو مواطن أصابته قذيفة راجمة صواريخ، ولا لأن حماس برهنت على أنه بقي لها ما يكفي من القوة لرفض وقف اطلاق النار الذي عُرض عليها واطلاق نحو من 100 قذيفة صاروخية على بلدات بعيدة وقريبة. كان ذلك يوما غير حسن لأن المبادرة والقرار على ما يحدث في المواجهة انتقلا الى حماس في الأساس. وكان الانطباع أن اسرائيل تُجر دون هدف لنهاية ودون استراتيجية ودون رب بيت. ولذلك تأثيرات عسكرية خطيرة وتأثيرات سياسية. إن اسرائيل عندها متحدث ممتاز اسمه بنيامين نتنياهو وليس لها رئيس وزراء.

نشأ منذ بدأت العملية فرق بين خطابة قيادة الحكومة العليا وبين الواقع وهو فرق كان يزداد سعة من يوم لآخر. فقد وعدت الخطابة بالحسم وبأنه اذا لم يُخضع القصف الجوي غزة فان القوات البرية ستكمل المهمة فالخطط جاهزة والألوية مستعدة وكل ما يُحتاج اليه اصدار أمر.

وكان للجيش الاسرائيلي تصور مختلف، فهم في القيادة العسكرية العليا رأوا أن العملية جولة اخرى لا تختلف بماهيتها عن "الرصاص المصبوب" أو "عمود السحاب" لكن في ظروف مُحسنة. وكان التحسن قياسا بالجولتين السابقتين في مجالين، الاول الدفاع، فقد ضاءلت منظومة القبة الحديدية الى أقل قدر المعاناة في الجبهة الداخلية ومنحت المستوى السياسي مجال مداورة؛ والثاني الواقع الذي سينشأ في اليوم التالي. فمصر التي سلكت في عهد مرسي مثل راعية لحماس أصبحت تراها الآن عدوا. وحماس معزولة في العالم العربي.

قاسوا في الجيش الاسرائيلي الانجاز بمعايير الزمان. وكان النموذج – ويا للمفارقة في ذلك – حرب لبنان الثانية في 2006. فان تلك الحرب التي سجلت في وعي أكثر الاسرائيليين على أنها فشل لاذع تعتبر في الجيش الاسرائيلي اذا نُظر الى الوراء نجاحا ينبغي الطموح اليه. فقد امتنع حزب الله في السنوات الثماني التي مرت منذ ذلك الحين عن الهجوم على اسرائيل. فاذا سلك اسماعيل هنية بعد انتهاء العملية سلوك حسن نصر الله فذلك يكفي.

ونقول بعبارة اخرى إن الجيش الاسرائيلي يرى أن العملية ترمي الى أن تكون عقابا، أي لطمة لا ضربة قاضية. ويُشك في أن يكون أحد ما في قيادة الجيش الاسرائيلي العليا يؤمن بأنه من الممكن عمليا القضاء بالضربة القاضية على منظمة كحماس بعملية برية أو بغيرها. ويُشك في أن يؤمن شخص ما بأن هذه النتيجة تتسق ومصالح دولة اسرائيل الامنية.

وتبنى نتنياهو ويعلون في واقع الامر التصور العسكري فلم يُحدد هدف العملية وتجنب نتنياهو أن يلزم نفسه شيئا ما كي لا يرتد عليه الالتزام مثل عصا مرتدة، لكنه تسرب الى الخارج بالتدريج، فقد صار الهدف أن تصبح حماس ضعيفة. فما معنى ضعيفة، وما مقدار هذا الضعف؟ لا يعلم أحد لكن كان من الواضح أن قصد حكومة اسرائيل هو أن تستمر حماس على حكم غزة.

إن هذا التصور جعل سياسة الحكومة في تناقض. فاذا كانت اسرائيل تسلم بحكم حماس لغزة فلماذا بذلت الحكومة كل ما تستطيع وكل علاقاتها كي تمنع الـ 43 ألفا من عمال حماس الحصول على رواتبهم؛ ولماذا أدارت حملة دعائية عالمية تعترض على انشاء حكومة وحدة فلسطينية؛ ولماذا ضغطت على دول ومنظمات للامتناع عن كل صلة بحماس؛ ولماذا تطلب الآن الى تلك الحكومات أن تتحدث الى حماس وأن تقنعها بالموافقة على وقف اطلاق النار.

وهناك تناقض آخر: لأنه اذا كان الحديث فقط عن عملية عقاب فلماذا السير في المكان نفسه. إنه ليحسن أن يُعلن من طرف واحد بعد يومين أو ثلاثة من ايام القصف أننا استنفدنا الامر. لأن القصف بعد ذلك لم يُفض الى انجازات مدهشة وكانت الصور من غزة قاسية ومُضرة وأثبتت حماس قدرة على الصمود.

يملك الساسة طريقة واحدة لازالة التناقض وهي القاء المسؤولية على آخرين؛ على الجيش الاسرائيلي مثلا. ويمكن دائما أن يُزعم أن الجيش لم يُرد احتلال غزة؛ ويمكن دائما أن يُزعم أن المستوى السياسي طلب الاستمرار في القتال حتى الحسم لكن الجيش الاسرائيلي نفدت أهدافه وكان ما يشبه ذلك في الماضي.

يوجد في قيادة الجيش الاسرائيلي العليا ضباط أذكياء لاحظوا التحدي وواجهوه. ولم يعرضوا على اعضاء المجلس العسكري المصغر خطة مفصلة لمداورة برية، لكنهم أكدوا وكرروا التأكيد أن عندهم خطة جاهزة. واذا أصدر المجلس العسكري المصغر أمرا فستخرج القوات في طريقها. وقد اعترفوا في عمليات عسكرية في الماضي بأن نوعية الاهداف تقل كلما طال القصف، ولم تكن الحال كذلك هذه المرة فقد أعلن الجيش الاسرائيلي أن عنده أهداف وفيرة. فاذا استقر رأي المجلس العسكري المصغر على استمرار القصف فان سلاح الجو سيستمر على القصف يوما آخر واسبوعا آخر وشهرا آخر.

بيد أن نتنياهو يصعب عليه اتخاذ قرار. وهذه هي ميزته وهذا هو نقصه. وقد أجرى في اثناء الاسبوع ما لا يحصى من النقاشات كان يطول بعضها الى ما بعد منتصف الليل، ومناقشات خلال النهار. وترك نتنياهو لكل مشترك أن يخطب خطبته واستمع لكل واحد استماعا حسنا وكان الجو جديا يكاد يكون اكاديميا. ولن تستطيع أية لجنة تحقيق أن تزعم أنه عمل عملا بصورة متسرعة أو أنه لم يُمكّن كل الآراء من التعبير عن نفسها. وكان ينتهي بهم الامر الى تحديد نقاش آخر في الغد ثم آخر ثم آخر. وأدرك الجميع في نهاية المطاف أن النقاشات لا ترمي الى أن تؤدي الى قرارات لأنها حلت محلها.

أمس، حينما شعر نتنياهو بأن الحكومة تتفكك وبأن كل وزير وشأنه، وبأن كل وزير يعمل لحسابه الشخصي والسياسي في اليوم الذي يلي نتنياهو، عزل نائب وزير الدفاع داني دنون. وما كان يجوز تعيين دنون من البداية. وليس هو متطرفا يمينيا بل هو وغد صغير. وهو بتحرشاته وصم في كل يوم اللقب الرسمي الفخم الذي مُنح له. فاذا كان مقعد دنون هو الضحية الوحيدة للمواجهة في غزة فستكون العملية كاملة.

لكن ليس دنون مشكلة نتنياهو بل عضوا المجلس الامني المصغر ليبرمان وبينيت. فانتقادهما لادارة العملية يُضعف صلاحية نتنياهو ويضائل مجال مداورته ويسلبه ناخبين. وهو لا يستطيع أن يعزلهما لأنه لا حكومة له من غيرهما. يستطيع فقط أن يناضلهما نضالا مضادا غير مباشر زاعما أنهما في النقاشات الداخلية أكثر اعتدالا منهما في تصريحاتهما الخارجية. ويرفض ليبرمان هذا الزعم بكلتا يديه، فهو يقول إنه يقول الكلمات نفسها بالضبط في المجلس الامني المصغر وفي الخارج ايضا.

يطلب هذان الاثنان كل واحد باسلوبه عملية احتلال في غزة. وكان ليبرمان يطلب مثل هذه العملية منذ سنين. لكن المشكلة أنهما لا يملكان خطة مقنعة لا لعملية السيطرة ولا لليوم التالي. وإن التأليف بين استمرار اطلاق الصواريخ من غزة والانتقاد القاسي في الداخل من قيادة الحكومة العليا قد يجر نتنياهو الى اماكن لا يريدها. وليبرمان يعرف نتنياهو أفضل منا جميعا وهو يعلم أن الجرف ليس صامدا كثيرا.

 
 

  كلمات مفتاحية