لماذا يتمتع "أمير التعذيب" البحريني بالحرية في بريطانيا؟

الخميس 21 فبراير 2019 04:02 ص

قفزت علاقة بريطانيا مع حلفائها في الخليج إلى دائرة الضوء خلال الأشهر الأخيرة مع حكاية تجسس فريدة من نوعها وسط مشهد إعلامي بريطاني كانت تسيطر عليه أخبار خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، عاد الأكاديمي البريطاني "ماثيو هيدجز" (31 سنة) إلى بريطانيا بعد أن قضى 7 أشهر في سجن إماراتي، معظمها في السجن الانفرادي، بتهم "التجسس".

وصلت قصة "هيدجز"، التي تلقت في البداية القليل من الاهتمام، إلى المنصات الرئيسية لوسائل الإعلام بعد إعلان بريطانيا عنها، إذ أعلنت الإمارات، حليفة بريطانيا، أنها تتهم "هيدجز" بأنه "جاسوس" لجهاز الاستخبارات البريطاني في حين ينفي "هيدجز" وحكومته هذا الاتهام.

استرعت قصة "هيدجز" الانتباه إلى تاريخ بريطانيا الطويل والمعقد في منح الحصانة لبعض الأشخاص خاصة عندما يتعلق الأمر بمزاعم التعذيب التي يرتكبها حلفاؤها في دول الخليج، وتذكرنا بشخصية "أمير التعذيب" في البحرين، الأمير "ناصر بن حمد".

لا يزال يتمتع الأمير بامتياز ومتعة السياحة في بريطانيا رغم الأدلة الواضحة على تورطه في انتهاكات خلال انتفاضة البحرين عام 2011.

تعرض "هيدجز" لانتهاكات خلال فترة سجنه في الإمارات، ويبدو أن هذا الأمر فاجأ الحكومة البريطانية، لكن الغريب هو ردها الفاتر على تعذيبه على الرغم من حقيقة أن الإمارات تعد أحد حلفاء المملكة المتحدة الرئيسيين في منطقة الشرق الأوسط.

اتهمت زوجته "دانييلا تيخادا"، التي قادت لمدة 7 أشهر حملة لإطلاق سراح زوجها، حكومة بريطانيا بتجاهل طلباتها المستمرة للحصول على المساعدة.

وأظهر رد بريطانيا على قصة "هيدجز" مثالاً آخر على التساهل الذي تبديه لندن إزاء تصرفات حكومات الخليج العربي.

ولا يستطيع الناشطون إلا أن يتذكروا كيف؟ ولماذا لا يزال "أمير التعذيب" سيئ السمعة في البحرين يتمتع بحريته خلال الزيارة؟

"أمير التعذيب" في البحرين

قبل وقت طويل من تجاهل حكومة بريطانيا تعذيب أحد مواطنيها على يد حليفها، واجهت تحديا قانونيا في الداخل لدورها في حماية عضو سيئ السمعة في البحرين، وهو ابن الملك، الأمير "ناصر بن حمد".

سُمي "أمير التعذيب" من قبل المعارضين لمشاركته في تعذيب الناشطين الذين شاركوا في ثورة البحرين عام 2011.

وكان الأمير الشاب قال في أحد تغريداته: "لو كنت مسؤولًا، فسأبقيهم مدى الحياة (في السجن)".

كان "بن حمد"، البالغ من العمر 24 عامًا في بداية انتفاضة البحرين في عام 2011، من بين المسؤولين المطالبين بالقمع الوحشي للمحتجين في النظام الحاكم في البحرين.

وبصفته رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، أنشأ "بن حمد" لجنة خاصة "لتحديد ومعاقبة أكثر من 150 من أعضاء المجتمع الرياضي" الذين شاركوا في الاحتجاجات عام 2011، حسب منظمة "أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين" (ADHRB).

كما دعا علانية إلى "جدار يسقط على رؤوس (المتظاهرين)… حتى لو كانوا رياضيين البحرين جزيرة ولا يوجد مكان يفرون منه".

وبدلا من مواجهة القضاء في البحرين، قام الملك بترقية الأمير الشاب لرتبة قائد الحرس الملكي البحريني في 19 يونيو/حزيران 2011.

وتعود علاقة الأمير مع بريطانيا إلى عام 2006 عندما تخرج في "أكاديمية ساندهيرست" العسكرية في البلاد وعمره 19 عاما.

 

 

ووفي ظل هذا التاريخ البريطاني الطويل من منح الحاصنة للحلفاء، ربما لم يعتقد "أمير التعذيب" أن زيارة بريطانيا يمكن أن تسبب له مشاكل، لكن بعد وقت قصير من قيامه بتعذيب المحتجين البحرينيين، قام متظاهر آخر، يُعرف باسم "ف. ف" بالوصول إلى بريطانيا ونجح في طلب اللجوء.

ما يعني أن بريطانيا اعترفت بمطالبات "ف. ف" المشروعة، بما في ذلك مخاوفه من الانتقام إذا اضطر إلى العودة إلى البحرين، وكتبت منظمة "ADHRB" أن "ف. ف" يزعم أن "بن حمد" كان "متورطا في التعذيب".

لكن بعد عام من ذلك، اختارت حكومة بريطانيا منح "أمير التعذيب" الحصانة عندما دعا "ف. ف" لاعتقاله خلال زيارته في يوليو/تموز 2012 لأولمبياد لندن بصفته رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، بدلا من ذلك، شوهد "بن حمد" في قسم الشخصيات المهمة في أحد الملاعب في لندن في ذلك اليوم.

 

 

القصة لم تكن قد انتهت بعد، ففي أكتوبر/تشرين الأول 2014، قضت المحكمة العليا في لندن بأن "بن حمد" لم يكن محصنا من الملاحقة القضائية بشأن دعاوى التعذيب؛ ما أدى إلى إحياء الآمال بإمكانية القبض عليه.

وكما ذكرت صحيفة "الغارديان"، تم نقل الملف إلى فريق جرائم الحرب التابع لقيادة شرطة مكافحة الإرهاب في لندن، وأعلن الأخير بعد ذلك أنه "على أساس الملف المقدم إليه، فإن الشرطة لن تحقق في الأمر".

جزء من السبب وراء قرار شرطة العاصمة عدم التحقيق كان ببساطة أن الشهود الرئيسيين ما زالوا في السجون البحرينية، وبالتالي لا يمكن إجراء مقابلات معهم.

بالمناسبة، جادل ممثلو "بن حمد" بحجة مماثلة، قائلين إن مزاعم "ف. ف" "لم يتم نظرها من قبل محكمة بريطانية، وأنه لم تكن هناك أي عمليات تحقيقات" بحق الأمير البحريني.

بعبارة أخرى، جادل محاميي "بن حمد" بأنه لا يمكن نظر مزاعم "ف. ف" في المحاكم البريطانية دون الاعتراف بأن السبب هو أن الشهود الرئيسيين لا يمكن أن يكونوا موجودين في أي محكمة أو يجيبون عن أي أسئلة من الشرطة البريطانية.

وبعد بضعة أشهر فقط، في مارس/آذار 2015، قام "بن حمد" بتحميل فيديو له وهو يركض عبر حديقة "هايد بارك" في لندن، لتتجدد دعوات اعتقاله.

في الواقع، هو يسافر بانتظام إلى بريطانيا منذ الاتهامات بما في ذلك الاستمتاع بعرض "ويندسور" الملكي السنوي للخيول مع الملكة "إليزابيث الثانية" ووالده ملك البحرين.

وجددت حالة الإفلات من العقاب هذه التساؤلات حول ما إذا كانت بريطانيا تفي بالتزاماتها الدولية، لا سيما اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من المعاملة والمعاقبة القاسية واللإنسانية والمهينة لعام 1987، التي تنص على "وجوب قيام الدول بتجريم التعذيب وملاحقة المسؤولين العموميين الدول الأخرى عند تواجدهم على أراضي الدولة".

وقعت بريطانيا على الاتفاقية في 15 مارس/آذار 1985 وصدقت عليها في 8 ديسمبر/كانون الأول 1988، عند التوقيع على اتفاقية مناهضة التعذيب، أضافت بريطانيا أيضا: "تحتفظ بريطانيا بالحق في صياغة أي تحفظات أو تفسيرات قد تراها ضرورية عند التصديق على الاتفاقية".

المصدر | globalvoices - Joey Ayoub

  كلمات مفتاحية

البحرين ناصر بن حمد أمير التعذيب بريطانيا حقوق الإنسان في البحرين