استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

انحطاط بلا قعر في البهية أم الدنيا.. مصر

السبت 9 مارس 2019 04:03 ص

وقع مؤخرا حادث قطار على أحد أرصفة محطة رمسيس المركزية للسكك الحديد في القاهرة، أسفر عن وقوع 28 ضحية فقدوا حياتهم، وعن أكثر من 50 مصاباً، كان بعضهم يهرول على الارصفة ككتلة نار محترقة بينما لا إطفّاء ولا إطفائيين في تلك المحطة ولا من يحزنون.

صيانة شبكة السكك الحديد تكلف 10 مليار جنيه أو 570 مليون دولار بحسابات التاريخ الذي تقدّم فيه وزير النقل بالاقتراح (منتصف 2017) الذي رفضه السيسي. أما ما قاله في المناسبة فيكاد يكون أفدح من كل الحوادث التي تودي كل عام بمئات الأرواح لاهتراء كل شبكات النقل..

من سكك حديد في بلد مترامي الأطراف كمصر، الى حوادث الطرق البائسة (ما عدا الدائرية والالتفافية منها، التي تخصص للوصل بين المدن الجديدة، تماماً كما تفعل إسرائيل مع مستوطناتها)، الى حوادث سقوط الاوتوبيسات في الترع المائية المكشوفة على جانبي الطرق وفوق الجسور والمعابر، الى الغرق في وسائل النقل البحري.. افدح، لأن هذه التصريحات (الموثقة في فيديوهات متوفرة) تكشف عن المنطق الذي يسند كل تلك الخسارات.

قال في مؤتمر صحافي، مباشرة بعد حادث وقع منذ عامين حين تصادم قطاران في منطقة خورشيد بالإسكندرية، فتسبب بوفاة 49 إنساناً وإصابة أكثر من 140 آخرين:

"العشرة مليار دول لو حطيتهم في البنك هآخد عليهم فايدة 10 في المئة، يعني مليار جنيه في السنة، وبفايدة الأيام دي هآخد 2 مليار".

وبديلاً عن ذلك التوظيف غير المجدي، طلب السيسي من الوزير رفع سعر التذكرة، فيتم تمويل الإصلاح المطلوب من جيوب مستعملي القطارات:

و"لو آجي أزود التذكرة جنيه على المواطن يقولي أنا غلبان مش قادر، وأنا كمان غلبان مش قادر". هكذا نصاً حرفياً!

ما الذي تكلفه العاصمة الادارية الجديدة التي باشر الرئيس ببنائها؟ 90 مليار جنيه على الأقل، وكلفتها تتجاوز ذلك بكثير، و"أكبر" مسجد في العالم، و"أكبر كنيسة" وهلم جرا.. وتلك بنيت لتمجده وليس لتمجيد الخالق.

أما الفقراء فعبء ثقيل، بشرٌ لا فائدة منهم، فائضين عن الحاجة.. الى آخر المفردات الفاشية التي كانت تقال تلميحاً فصارت صريحة.

ويقال إن السيسي يفكر ببناء "أكبر" سجن لوجود عشرات الألوف من المعتقلين السياسيين الذين ضاقت بهم السجون المتاحة.

هذا عدا الفرقاطات والطائرات العسكرية بمليارات الدولارات التي يشتريها لارضاء الحكومة الفرنسية، أي كنوع من الرشوة لبلاد "حقوق الانسان" و"القيم العالمية الواحدة"، وأسلحة متنوعة ومتقدمة من سوى فرنسا للقمع اذا دعت الحاجة، وهي – الحاجة - ماثلة دوماً.

وأما ما لا يقل بشاعة عن السيسي فهم اتباعه. أحدهم، وهو الأكثر حلماً ورحمة يقول: "كارثة أي نعم، لكن يتم استخدامها بشكل مغرض للتغطية على نجاح مؤتمر شرم الشيخ الباهر، ومداولات تعديل الدستور الضرورية من أجل مستقبل المسيرة الوطنية"!

وإحداهن تقول: "الحادث عمل ارهابي مدبر والسوّاق اخواني"، ودليلها انه من قرية "كرداسة" (في محافظة الجيزة!)، مضيفة انه ليس كل الضحايا الفقراء يستحقون التعاطف، لأنهم "بيحبوا الإرهابيين ومجرمين وخاطفي أطفال ومش مصطفين مع الدولة"، ودليلها: "حتى بصوا على بطايقهم وحتلاقوا فيه منهم ناس من كرداسة برضه"!

هؤلاء يريدون على الارجح حجز شقق لهم في العاصمة الجديدة والتخلص من "قرف الفقرا والبِتاع" الذين تكتظ بهم شوارع القاهرة والاسكندرية، ومناظر الفلاحين "المعدمين والمتسخين".. وهم متطابقون مع زعيمهم المحبوب. وفي الماضي الذي ليس ببعيد، اعتبر جمال مبارك أن "مصر النافعة" لا يتجاوز تعدادها 5 ملايين مواطن.

وقال عبد المنعم سعيد في مقابلة تلفزيونية عندما بدأت تظاهرات يناير 2011، وكان وقتها رئيس مجلس إدارة مؤسسة الاهرام (وهي امبرطورية) ورئيس "مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية" وعضواً بمجلس الشورى، وركناً أساسياً في لجنة السياسات في "الحزب الوطني" وفي هيئة التطبيع مع اسرائيل..

وما زال لليوم في مناصب حساسة: "حنعمل إيه للعشر ملايين مصري يللي عايشين على أكل البطاطس في الاحياء المحيطة بالقاهرة".. وهو محق، فهم فعلاً لم يتذوقوا الكافيار ليعرفوا الفارق! يا للعبء على كاهل السيسي وقبله مبارك.. يستحقون الشفقة فعلاً!

* د. نهلة الشهال كاتبة وناشطة لبنانية، رئيسة تحرير "السفير العربي".

  كلمات مفتاحية