استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

رحيل غرايبة: صواريخ غزة

الخميس 17 يوليو 2014 01:07 ص

د. رحيل محمد غرايبة، الدستور، 17\7\2014

أحدثت صواريخ غزة دويّاً هائلاً في الفضاء الدولي، فضلاً عن فضاء فلسطين، وأثارت جدلاً واسعاً في المشهد السياسي والاعلامي، تراوح بين التهويل والمبالغة من جهة والتهوين والتسخيف من الجهة الأخرى، أما عن الكيفية التي لا جدال فيها ولا خلاف أن صواريخ المقاومة الفلسطينية هو الوجه الجديد للمعركة الطويلة الأمد بين الكيان المحتل وبين العرب والفلسطينيين منذ عشرات السنين، وان هذه الصواريخ التي يصفها «عباس» وآخرون بالعبثية أو «ألعاب نارية» هي نقطة الضغط الوحيدة المؤثرة من الطرف العربي.

لو افترضنا أن صاروخ غزة عبارة عن حجر مصقول يتم قذفه عبر مقلاع عملاق من أرض غزة ليصل الى هستدروت، وايلات، وتل ابيب، وحيفا، فإن ذلك يعد عملاً إبداعياً، وفعلاً ايجابياً ومقاومة فاعلة ومؤثرة، في ظل الإمكانات الفلسطينية المتوافرة، والحصار المحكم المفروض على غزة براً وبحراً وجواً منذ سنوات طويلة، ويعبر عن إرادة فلسطينية صلبة لا تلين ولا تنكسر تحت مطارق العدوان، وغطرسة جيش الاحتلال الذي يملك قوة عسكرية ضخمة تتصف بأعلى مستويات التطور التقني.

الحقيقة التي فرضت نفسها على الصراع تقول أن صاروخ غزة انتزع توازناً في الرعب بين الطرفين المتصارعين، لم تستطع كل الأدوات الأخرى احداثه من جيوش عربية وأنظمة تصدٍّ وصمود، وترسانات كيماوية وغير كيماوية، وبراميل متفجرة وطائرات سوخوي التي ضلت طريقها نحو الجولان وفلسطين، وقصفت حمولتها في حلب ودرعا ودير الزور والفلوجة والأنبار.

صاروخ غزة يحكي قصة انقلاب الصورة التي شاهدها معظم سكان العالم، قصة الجندي الصهيوني المدجج بالسلاح، الذي يلبس الخوذة العسكرية والبذلة الواقية، ويطارد الطفل الفلسطيني الأعزل، الذي انحنى نحو الأرض والتقط حجراً، فتوقف الجندي مرعوباً والتفت الصبي نحوه فانقلب الجندي هارباً بسلاحه، وأصبح الطفل يطارده بحجر يحمله بيده النحيلة، فهي الصورة نفسها والمشهد نفسه، عندما تبادر «اسرائيل» الى اعلان قبول المبادرة المصرية، قبل أن تسمع رد المقاومة، وما كان «لاسرائيل» أن تقبل بوقف اطلاق النار لولا هذا الصاروخ الذي فرض حظر التجول على الصهاينة في المدن الكبرى، واضطر مجلس الوزراء الصهيوني للانعقاد في الملجأ المجهّز تحت الأرض، وأصيب عدد كبير منهم بالصدمة النفسية.

الفلسطينيون في غزة لا يملكون سلاحاً نوويّاً، ولا طائرات اف 16 ولا سوخوي ولا مدافع ثقيلة، ولكنهم يملكون ارادة التشبث بالأرض والتمسك بالحق، ويملكون عزيمة الصمود والثبات، والصبر على لؤم العدو وتخاذل الصديق، ويملكون الأمل بالنصر القادم لا محالة، مهما طال الزمن، ومهما كان فارق القوة، وزيادة عدد الشهداء الذي يعوضه الفارق النفسي الهائل بين الشعبين..

الحقيقة الأكثر نصوعاً ووضوحاً، أن صاروخ غزة تفوق على كل ألوان العمل السياسي في الداخل والخارج، لأنه اللغة الوحيدة التي يفهمها العدو، الذي لم تفلح كل المعاهدات والاتفاقيات السلمية العديدة في وقف آلته التدميرية من سحق جماجم الأطفال ونثر أدمغة المدنيين ودمائهم على الجدران والسيارات المحروقة، ولم تفلح معه كل بيانات الشجب والإدانة، ولا المؤتمرات والندوات السياسية، التي تعقد في الفنادق الرحبة في أغلب عواصم العالم.

الدرس البليغ الذي يجب تعلمه، أن النسبة الأكبر من الأموال والموازنات يجب أن تنفق في هذا الجانب، من اجل تطوير هذه الصواريخ على حساب المسارب الأخرى، السياسية والاعلامية باهظة التكاليف، والدرس الأكثر بلاغة أن صناع الفجر الحقيقي هم أولئك المنغرسون بأرضهم وديارهم المرابطون على المحتل من ترابهم، الذين يستحقون الدعم والاسناد من أجل تطوير قدراتهم وتعزيز صمودهم وثباتهم، وغير ذلك كله يأتي في عداد العبث واللعب ومضيعة الوقت والجهد.

 

  كلمات مفتاحية