تشير التطورات الواردة من الجزائر إلى أن النظام هناك بات متفاجئا من كم الرفض الشعبي للتوجهات الجديدة التي أعلن عنها الرئيس "عبدالعزيز بوتفليقة"، في خطابه، منذ نحو أسبوع، وهو ما شجع المعارضة أيضا على رفض المشاركة في الحكومة الجزائرية الجديدة، بقيادة "نور الدين بدوي"، مما يهدد بانهيارها قبل أن تبدأ.
وفي الوقت الذي شرع فيه الدبلوماسي المخضرم، "الأخضر الإبراهيمي" باستقبال شخصيات معارضة للحديث إليها، تحاول بعض الجهات إقناع شخصيات لديها وزن ومصداقية في الشارع الجزائري من أجل القبول بلعب دور في الإشراف على المرحلة الانتقالية.
ويقول متابعون إن الزخم الذي اكتسبته حركة الاحتجاجات الجزائرية أعطى للمعارضين قوة غير مسبوقة، جعلها ترفع سقف مطالبها، لترفض تماما عودة الوجوه القديمة والمحسوبة على نظام "بوتفليقة" إلى الواجهة مجددا.
ويزداد رفض حكومة "نور الدين بدوي"، كونه كان وزيرا للداخلية في الحكومة السابقة، مما اعتبره الجزائريون محاولة جديدة من النظام لخداعهم، عبر الإتيان بحكومة جديدة لكن وجوهها من الحكومة القديمة، لكنها فقط مطعمة ببعض الوجوه الجديدة.
ولا تستبعد مصادر، في ظل هذه التطورات، أن يتراجع "بدوي" عن تكليفه بتشكيل الحكومة، بالنظر إلى الرفض الذي قوبل به.
من جهته شرع الدبلوماسي الجزائري "الأخضر الإبراهيمي" في استقبال شخصيات من المعارضة، والحديث إليها لمعرفة توجهاتها ورؤيتها للخروج من الأزمة، وعرض تصور السلطة لتسيير المرحلة الانتقالية، وهو ما أثار نوعا من الفتنة داخل صفوف المعارضة، خاصة وأن "الإبراهيمي" التقى بعدد من شخصيات المعارضة دون غيرها، وهو ما لم يستسغه أولئك الذين لم يلتقوا بالدبلوماسي المحنك.
في المقابل تتواصل الانشقاقات داخل حزب "جبهة التحرير الوطني" (الحاكم) إذ أعلن 72 من محافظي الحزب في بيان، دعمهم للحراك الشعبي، داعين منسق القيادة الحالية "معاذ بوشارب" إلى الاستقالة من منصبه، الذي وصفوه بغير الشرعي، كما أيد المحافظون الذين اجتمعوا الأحد في مدينة البويرة (150 كيلومترا شرق العاصمة) الحراك الشعبي، مؤكدين تبني المطالب المشروعة التي يرفعها.
واعتبر الموقعون على البيان أنهم يرفضون كل القرارات الصادرة عن هيئة تسيير الحزب التي يقودها "بوشارب"، واصفين إياها بالهيئة غير الشرعية، مع التأكيد على أن اللجنة المركزية يجب أن تجتمع في أقرب فرصة من أجل انتخاب قيادة شرعية للحزب.