استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ربط أسعار العملات بالدولار

الأربعاء 3 أبريل 2019 01:04 م

ربط أسعار العملات بالدولار

أمريكا وحدها تطبع نقودا بدون رصيد أو غطاء أو مبرّر والدولارات المطبوعة قروض عليها بدون فوائد.

كل دولار يصدر عن البنك الاحتياطي الأميركي يحمل عليه التزاما مساوياً للقيمة الاسمية المكتوبة على العملة.

هل ستعود بريطانيا لتعزيز موقف الإسترليني كعملة دولية ومرجعاً لأسعار صرف عملات بعض الدول أو الكيانات الصغيرة التابعة؟

شجّع الطلب على الدولار أمريكا على طباعة مزيد من الدولارات خاصة بعد تخلّيها في 1972 عن تحويل الدولار إلى ذهب.

عالم جديد متداخل الصراعات وعلى صندوق النقد العربي والصندوق العربي للتنمية التفكير في استراتيجية للحفاظ على الموارد المالية العربية.

*     *     *

تربط معظم دول العالم أسعار عملتها وتثبتها بالدولار الأميركي عند سعر صرف محدد، ولا تسمح لهذا السعر بالتذبذب، إلا ضمن حدود ضيقة جداً. ويقدّر عدد الدول التي تتبع هذا الأسلوب حوالي 66 دولة.

ولكنّ هناك دولا صغيرة واقعة قريباً من الأراضي الأميركية ممن جعلت الدولار عملتها القانونية. ومن هذه الدول، على سبيل المثال، الإكوادور، والسلفادور، وشرق تيمور، وجزر المارشال، الواقعة في المحيط الهادئ بين هاواي والفيليبين. وغيرها من الجزر والكيانات الصغيرة.

وتوجد دول تربط عملتها باليورو على أساس أنه أيضاً عملة ثابتة ومستقرّة، وإن كان بعضها يسمح بهامشٍ من التذبذب فوق سعر الصرف، أو تحته، أوسع مما عليه الحال مع الدولار الأميركي.

وعدا عن الـ17 دولة الداخلة في الاتحاد النقدي الأوروبي، هنالك دول لها عملتها الخاصة، وهي عضو في الاتحاد الأوروبي، ولكنها تربط أسعار عملتها باليورو، مثل بلغاريا وإستونيا ولثوانيا.

وهناك دول أخرى تستخدم اليورو مرجعية ضمن سلة من العملات لتي تضم، بجانب اليورو، كلا من الدولار والين الياباني واليوان الصيني والجنيه الإسترليني والفرنك السويسري.

وليس معروفاً، حتى هذه اللحظة، ما إذا كانت المملكة المتحدة ستستمر في السير نحو الخروج من الاتحاد الأوروبي (Brexit).

لكن لو افترضنا حصوله، فهل ستعود المملكة المتحدة إلى سعيها لتعزيز موقف الجنيه الإسترليني، ليكون عملة دولية، ومرجعاً لأسعار صرف عملات بعض الدول الصغيرة أو الكيانات الصغيرة التابعة لها؟

وما الذي سيحصل مع جبل طارق، وإيرلندا الشمالية، وكذلك اسكتلندا التي تصدر عملتها الخاصة المربوطة ربطاً محكماً بالجنيه الإسترليني؟

شهد العالم، خلال العقدين الأخيرين، نجاح سياسة ربط العملات بالدولار أو باليورو أو بسلة عملات. ومكّن هذا الأمر الولايات المتحدة من تحقيق مكاسب كثيرة في العالم.

ومن أبرز هذه المكاسب أن الدول التي تربط عملاتها بالدولار تسعى إلى أن يبقى لديها رصيد كبير من الدولارات ضمن احتياطاتها الرسمية والمُدارة من قبل السلطات النقدية والبنوك المركزية في هذه الدول. ولذلك، بقي الطلب على الدولار مرتفعاً.

وقد شجّع هذا الطلب الولايات المتحدة، خصوصا أنها تخلّت عام 1972 عن قاعدة تحويل الدولار إلى ذهب، على طباعة مزيد من الدولارات.

وإذا طبعت الولايات المتحدة، على سبيل المثال، ورقة نقد من فئة المائة دولار، فإن طرحها عملة في الأسواق العالمية سيعود على الولايات المتحدة بربح يتجاوز 99.5 دولارا بعد خصم كلفة الطباعة، والتخزين، والتوريد، وكلفة حرق الأوراق النقدية التالفة، واستبدالها بوحدات عملة جديدة.

ويسمى الفارق بين كلفة طباعة ورقة العملة من الدولارات وقيمتها الاسمية "سينيوراج" seigniorage (رسم سكّ العملات) كما اجتُهِدَ في ترجمتها، رغم تحفّظي على هذا التعبير.

وقد أصبحت الولايات المتحدة الدولة الوحيدة القادرة على طباعة النقود أو سكّها من دون رصيد، أو حتى من دون مبرّر. ويمكن أن نعتبر أن هذه الدولارات المطبوعة قروض على الولايات المتحدة بدون فوائد، وذلك لأن كل دولار يصدر عن البنك الاحتياطي الأميركي يحمل التزاماً على هذا البنك، مساوياً للقيمة الاسمية المكتوبة على العملة. وهذا ما يشكل جزءاً مهماً من الديون السيادية على الولايات المتحدة تجاه العالم.

ومع أن مجموع الديون السيادية الأميركية الداخلية والخارجية حوالي 21.97 مليار دولار، في نهاية اليوم الأخير أو 31 ديسمبر/كانون الأول من عام 2018، أو ثلث الديون السيادية العالمية، علماً أن حوالي 5.6 مليارات من هذه الديون داخلي، والباقي مقترض من الشعب الأميركي ومن العالم.

وأمام هذا الواقع، لا تأبه الولايات المتحدة التي تصدر الدولارات عبر العجز في الموازنة والعجز في ميزانها التجاري كثيراً له، لأن العالم يبقى عطِشاً لهذه الدولارات، لأنها عملةٌ مقبولة من الجميع، والجميع يريد مزيدا منها لشراء حاجاته وخدماته من الأسواق العالمية.

ولذلك، وفي ضوء الطلب، تمكّنت الولايات المتحدة من الاستمرار في إصدار نقود جديدة محققة أرباحاً مقابل غرم قليل، يتمثل في أن سعر الفائدة على الدولارات المصدّرة يساوي صفراً، وسعر الفائدة على ودائع الدولار يتراوح بين السالب واثنين ونصف حدا أعلى على الودائع، لأجلٍ لا يقل عن ستة أشهر.

ولذلك، نجحت سياسة ربط سعر صرف معظم عملات دول العالم بالدولار، وبدعم من صندوق النقد الدولي، ما أوجد مناخاً نقدياً مستقراً.

لكن هذا لا يعني أن الوضع الراهن سيبقى على حاله، فإذا تمكنت دول البريكس (BRICS)، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، من الاتفاق على مقياس (numeraire) جديد، كحقوق السحب الخاص، أو عن طريق وحدة جديدة بأوزان متفقٍ عليها من عملات الدول الخمس، فسيضعف الربط بالدولار، وستجد دول كثيرة، مع مرور الوقت، أن الأجدى لها ربط عملاتها بالدولار من ناحية، وبحقوق السحب الخاصة أو بالوحدة الجديدة من ناحية أخرى.

ولكن السؤال الذي يبقى: ماذا سيحصل عندما يتوقف تمويل المعاملات التبادلية في العالم بالعملات الحقيقية، وتوقف الناس عن استخدام العملات الورقية والمعدنية، وصاروا يستخدمون وحدات نقد إلكترونية في فضاء الفينتيك (FINTECH

هل ستقبل الدول المنافسة أن تعطي أميركا رخصة جديدة للهيمنة على العالم والتلاعب به، عبر جعل الدولار وحدة القياس للمعاملات الدولية، وحيث تجري المقاصة داخل الولايات المتحدة، وحيث لا يقبل أي تحويل بهذه العملة إلا عبر السويفت (SWIFT)؟ وإعطاء الولايات المتحدة قدرة مذهلة على التحكم في اقتصاد الأفراد والشركات والدول؟

إننا مقبلون على عالم جديد، ما تزال خطوط الصراع فيه متداخلةً. وعلى كل من صندوق النقد العربي والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية أن يبدآ في التفكير في استراتيجية للحفاظ على الموارد المالية العربية.

* د. جواد العناني خبير اقتصادي، نائب رئيس الوزراء رئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق.

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية