غزة من خارج العلبة: المال مقابل الصواريخ

الجمعة 18 يوليو 2014 12:07 م

ايال عوفر، معاريف، 17 يوليو/تموز 2014

هذا الحل لن تسمعوه من رجال الجيش. عندهم يكون التردد هو فقط بين "الهجوم الجوي فقط" وبين "الخطوة البرية". ولدى السياسيين ايضا لا يوجد سوى خيارين في مركزهما يظهر "تصفية حماس" او على الاقل "جباية ثمن اليم". ثمة من يريد أن يتخلص من حماس كي يتوج ابو مازن من جديد على غزة وثمة من يعيد الحكم الاسرائيلي على غزة.

 ولكن يوجد خيار آخر. من أجل الوصول اليه، ينبغي التحليل باختصار مصالح حماس واسرائيل.

 قبل اندلاع الجولة الحالية، فوجئت المنظومة الاستخبارية من "اتفاق المصالحة" وعلى الفور من توقيعه تبين السبب الحقيقي لازمة حماس: ازمة السيولة النقدية. هذه ليست المرة الاولى التي تكون فيها أزمة كهذه في القطاع. ولدى حماس حل فوري لمثل هذه الازمة: فهي تطلق النار كي تغير الوضع. احدى الازمات السابقة، في تشرين الاول 2008، ادت الى تنقيط الصواريخ الذي أصبح طوفانا، وألزم اسرائيل بالخروج الى حملة "الرصاص المصبوب". نتائج الحملة كانت ان المليارات تدفقت الى غزة لاغراض "اعادة البناء". واضح أن حماس، التي تحكم في غزة، نجحت في أن تضع يدها على قسم من المقدرات التي تدفقت في 2009 – 2010 الى القطاع. كما أن أحداث "مرمرة" في 2010 أدت الى رفع جزء هام من الحصار الاقتصادي الاسرائيلي على غزة.

 ولكن الوضع هذه المرة مختلف، الحكم في مصر تغير فأغلق (هذه المرة على نحو تام) أنفاق التهريب. ولهذا فقد اضطرت حماس الى ايجاد سبيل جديد من خلال المنظومة البنكية، للحصول على الاموال لدفع الرواتب. وليس هناك مثل السلطة الفلسطينية (قناة الاموال التي تتلقى كل سنة المليارات من العالم) للمساعدة في تبييض الاموال. فالعالم متسامح تجاه المال الذي يمر عبر منظومة البنوك الفلسطينية ولا يفحص ما هي غاياته النهائية. غير أن هذه المرة رفض أبو مازن التعاون، والبنوك العربية خافت من التورط. قبل نحو شهر، حتى قبل اختطاف الفتى الفلسطيني، نشبت في غزة "ازمة الرواتب" وأدت الى اغلاق البنوك. رفضت حماس السماح لرجال فتح بتلقي المال طالما لا يتلقى 40 الف من رجالها (معظمهم شرطة وحملة سلاح) المال، الذي أملوا في أن يحصلوا عليه من السلطة الفلسطينية أو من التبرعات التي وعدت بتحويلها قطر الى غزة.

 بالمقابل، ينبغي أن نحلل بازميل حاد المصلحة الاسرائيلية: 1. الهدوء الامني. 2. منع تسلح غزة وتجريدها من السلاح الموجود هناك. 3. عدم تلقي من جديد المسؤولية السياسية - الاقتصادية عن غزة.

 عندما لا ننظر الا عبر المنشور العسكري، لا يمكن ان نحقق هذه الاهداف الثلاثة. فالحل الامني الكامل من شأنه ان يجرنا الى سيطرة عديدة السنين على غزة. كما أن محاولات تغيير الحكم هناك تبعث بذكريات مريرة من ايام حملة "الصنوبر الكبير" التي تحولت الى حرب لبنان الاولى. اما حماس من جهتها فمعنية بالحفاظ على حكمها الاقتصادي - السياسي في غزة وتقاتل في سبيل ذلك. فما العمل إذن؟

 التغيير الذي طرأ في مصر اضاف عنصرا ايجابيا لم يكن قائما، سواء في اثناء حكم مبارك أم في "عمود السحاب" والذي نشأ في اثناء حكم الاخوان المسلمين والرئيس المصري مرسي في مصر. اما مصر السيسي فتمنع اليوم استمرار تهريب الوسائل القتالية الى غزة لاعتباراتها هي.

 وبالتالي، يمكن التفكير بحل يخدم مصالح كل الاطراف: المال مقابل الصواريخ.

 نعم، قد يبدو هذا هاذيا لرجال الجيش، ولكن يجب أن نتذكر بان النجاح في تعطيل قسم هام من السلاح الكيميائي لدى الاسد بدا في حينه هاذيا للخبراء على انواعهم. ولكن هذا يحصل. في سوريا ايضا مصلحة الاسد كانت الحفاظ على حكمه مقابل تسليم قسم من السلاح. في غزة يمكن تنفيذ ذلك بشكل أكثر اتساعا: يجب ضمان دعم مالي كبير لحماس لتنمية غزة اقتصاديا، وكذا فتح كامل لمعبر رفح أمام حركة المسافرين والبضائع. كل ذلك مقابل تسليم الصواريخ التي توجد في حوزتها وفي حوزة باقي المنظمات الى قوة دولية/ عموم عربية. هذه القوة تكلف بتجريد غزة ونزع قدرتها الصاروخية. اما التسليح التالي فيمنعه المصريون. وهم ايضا في ضائقة مالية، وسيكسبون من تحولهم الى بوابة اقتصادية لغزة الجديدة.

  كلمات مفتاحية