استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

باتريك كوكبرن: تواطؤ السعودية في ظهور داعش

الجمعة 18 يوليو 2014 12:07 م

باتريك كوكبرن، كونتربانش 15/7/2014 - ترجمة: الخليج الجديد

 ما مدى تواطؤ السعودية في في سيطرة داعش على جزء كبير من شمال العراق، وهل تزكي السعودية تصعيد الصراع السني الشيعي في العالم الإسلامي؟

قبل الحادي عشر من سبتمر، «اجتمع بندر بن سلطان» الذي كان سفيرا للسعودية في واشنطن والذي صار بعد ذلك رئيسا للمخابرات السعودية، برئيس المخابرات البريطانية السرية MI6، السيد «ريتشارد ديرلوف». أخبره السيد بندر: «إن اليوم ليس ببعيد حين يشعر مليار مسلم سني أنه احتملوا ما يكفي من الشيعة».

كما أن اللحظة الحاسمة التي توقعها الأمير بندر قد حانت بالنسبة للكثير من الشيعة، حيث تلعب السعودية دورا مهما في الدفع نحو هذه اللحظة من خلال دعم الجهاد ضد الشيعة في العراق وسوريا. ومنذ السيطرة على الموصل من قبل الدولة الإسلامية في العراق والشام في 10 يونيو، قتل الكثير من الأطفال والنساء الشيعة في قرى بجنوب كركوك.

وفي الموصل، هدمت المساجد الشيعية وكذلك أضرحتهم، واستولى مقاتلو الدولة الإسلامية على 4000 منزل للشيعة بالقرب من مدينة تركمان في تل العفار وجعلوها كغنائم حرب. والأمر ببساطة هو أنه من الخطورة الآن أن يكون لك علاقة بالشيعة أو أي من المذاهب المتعلقة بهم كالعلوية فذلك بمثابة أن تكون يهوديا بالنسبة للنازيين الذي سيطروا على أجزاء كبيرة من أوروبا في عام 1940.

لا يوجد شك حول دقة ما قاله الأمير بندر، أمين عام مجلس الأمن القومي السعودي منذ 2005 والمدير العام للاستخبارات السعودية بين 2012 و 2014، وهما عامين حرجين للغاية حيث قام مجاهدون على غرار القاعدة بالسيطرة على المعارضة السنية المسلحة في العراق وسوريا. متحدثا للمعهد الملكي للخدمات المتحدة الأسبوع الماضي، أكد «ديرلوف» ما قاله الأمير «بندر» قائلا أن كلماته كان لها وقع تقشعر منه الأبدان في الحقيقة.

إنه لا يشكك في أن التمويل الكبير والمستمر من المانحين في السعودية وقطر، لمن تغض الحكومة عنهم الطرف، قد لعب دورا مركزيا في ظهور الدولة الإسلامية في العراق وسوريا في المناطق السنية في العراق. وقال، «إن هذه الأشياء وبكل بساطة لا تحدث بطريقة عفوية». يبدو الأمر واقعيا ذلك لأن القيادة القبلية والطائفية في المقاطعات ذات الغالبية السنية هي قريبة جدا للسعودية وكذلك دول الخليج التي تدفع لهم، ولن يقوموا بدعم الدولة الإسلامية إلى بموافقة دول الخليج وعلى رأسها السعودية.

كما أن ما أظهره السيد ديرلوف من أنه سوف يأتي يوم حساب للشيعة مثلما قال الأمير بندر، يظهر أن السعودية متورطة في الثورة السنية التي تقودها الدولة الإسلامية، وهو ما لم يثر استغرابا. كما أن تغطية خطاب «ديرلوف» قد ركزت في المقابل على المعنى الرئيسي المتمثل في أن التهديد القادم من الدولة الإسلامية للغرب يتنامى وذلك لأنه وعلى خلاف قاعدة بن لادن فإنها قد تورطت في قتال جديد إسلامي إسلامي. وللأسف الشديد، فإن المسيحيين في المناطق التي سيطرت عليها الدولة الإسلامية يجدون أن ذلك غير حقيقي حيث يتم هدم كنائسهم ويضطرون إلى ترك المنطقة. كما أن الفرق بين القاعدة والدولة الإسلامية هي أن الأخيرة أكثر تنظيما بكثير، فإذا ما قرروا مهاجمة أهداف غربية فإن النتائج ستكون كارثية.

كما أن توقع الأمير «بندر»، والذي كان في قلب السياسة الأمنية السعودية، لمدة أكثر من ثلاثة عقود، بأن 100 مليون شيعي في الشرق الأوسط يواجهون كارثة على يد الأغلبية السنية، سوف تعمل على إقناع الشيعة بأنهم ضحايا للحملة التي تقودها السعودية من أجل الإطاحة بهم. وقال أحد المعلقين العراقيين، «إن الشيعة بوجه عام خائفون للغاية بعدما حدث في شمال العراق». ويرى الشيعة أن التهديد ليس عسكريا فقط وإنما ينبع التهديد من توسع سيطرة الإسلام السني الوهابي، وهو الإسلام المتزمت الذي تتبناه للسعودية، والذي يقول بأن الشيعة وغيرها من الطوائف الإسلامية غير السنية هم كفار.

ويقول «ديرلوف» أنه ليس لديه معرفة داخلية منذ أن تقاعد من منصبه في MI6 منذ 10 سنوات. ولكن بالرجوع إلى الخبرة الماضية فإنه يرى التفكير الاستراتيجي السعودي قد تشكل من خلال معتقدين عميقين:

  • أولا، إنهم مقتنعون بأنه لا يمكن أن يكون هناك أي شرعية أو تحد مقبول للنقاء الإسلامي الموجود في المذهب الوهابي كحماة لأقدس مقدسات الإسلام.
  • ولكن، ربما كان من أهم أسباب تعميق المواجهة السنية الشيعية هو اعتقاد السعوديين بأنهم هم فقط من يمثلون الإسلام الصحيح وبذلك فإنهم يؤيدون أي عمل عسكري ضد الشيعة.

دائما ما تقوم الحكومات الغربية بتهوين الارتباط بين السعودية ومعتقداتها الوهابية من ناحية، وكذلك بين السعودية والجهاديين من ناحية أخرى سواء  ذلك الذي رعاه «أسامة بن لادن» أو ذاك الذي رعاه «أبو بكر البغدادي». لا يوجد شيء تآمري أو سري حول هذه الروابط: فقد كان هناك 15 من 19 من أولئك الذين نفذوا هجمات الحادي عشر من سبتمبر سعوديين حيث كان «بن لادن» وكثير من المانحين الممولين للعملية من السعودية. كما أن الاختلاف بين القاعدة والدولة الإسلامية ربما يكون مبالغا فيه: عندما قتل «بن لادن» على يد القوات الأمريكية في 2011، أصدر البغدادي تصريحا ينعيه وكذلك توعدت الدولة الإسلامية بشن 100 هجوم انتقاما لمقتله.

غير أنه دائما ما كان هناك مشهد ثاني من السياسة السعودية تجاه نموذج القاعدة الجهادي يتعارض مع توجه الأمير «بندر» ويرى الجهاديين كتهديد للمملكة. ويبين ديرلوف هذا السلوك من خلال أنه مباشرة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر قد زار العاصمة السعودية الرياض مع توني بلير.

وهو يذكر أن الرئيس السابق للاستخبارات العامة السعودية «قد صرخ تجاهي في مكتبه وهو يقول: إن هذه الأحداث (11 سبتمبر) طعنة في الغرب. إنها على المدى المتوسط ليست أكثر من سلسلة من المآسي الشخصية. إن ما يريده هؤلاء الإرهابيون هو تدمير البيت السعودي وإعادة تشكيل الشرق الأوسط». وفي هذه الأحداث تبنت السعودية كلا من السياستين، تشجيع الجهاديين كأداة مفيدة للسعودية ضد النفوذ الشيعي بالخارج، إلى جانب قمعهم بالداخل لأنهم يمثلون تهديدا للوضع الراهن. وهذه هي السياسة المزدوجة التي انهارت العام الماضي.

إن تعاطف السعودية مع الميليشيات المعادية للشيعة هو أمر موثق في ملفات أمريكية رسمية. كتبت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة «هيلاري كلينتون» في ديسمبر 2009 في جواب أظهرته ويكيليكس، «تظل السعودية داعما ماديا كبيرا للقاعدة وطالبان وجماعات إرهابية أخرى». وقالت إن السعودية اتخذت موقفا معاديا للقاعدة لأنها أصبحت تمثل تهديدا داخليا وليس بسبب أنشطتها بالخارج. وربما تتغير هذه السياسة الآن بعد إعفاء الأمير «بندر» من منصبه كرئيس للمخابرات هذا العام. غير أن التغيير جاء متأخرا جدا.

إن مشكلة السعوديين هي أن محاولاتهم، منذ أن ترك بندر منصبه، لخلق تكتل معادي للمالكي والأسد قد فشلت. ومن خلال السعي وراء إضعاف المالكي والأسد لمصلحة الفصائل السنية الأكثر اعتدالا، فإن السعودية وحلفائها بشكل عملي لعبة في يد الدولة الإسلامية والتي تسيطر الآن على المعارضة السنية في سوريا والعراق. خصومهم في الموصل، وكما حدث من قبل في عاصمتها السورية الرقة، غير مسلحين، وقد أجبروا على أن يقسموا بالولاء للخلافة وإن حاولوا المقاومة فسيكون مصيرهم القتل.  

على الغرب أن يدفع ثمنا لتحالفه مع السعودية ودول الخليج والتي دائما ما اتجذبت إلى الجهاد السني أكثر من الديمقراطية. وهنك مثال قوي على المعايير المزدوجة للقوى الغربية والمتمثل في دعم السعودية لقمع التظاهرات السلمية المطالبة بالديمقراطية من قبل الغالبية الشيعية في البحرين في مارس 2011. أرسلت السعودية حوالي 1500 من قواتها إلى البحرين حيث انتهت التظاهرات هناك بمذبحة وكذلك هدمت مساحد ومقابر شيعية.

الذريعة الذي ساقتها أمريكا وبريطانيا هي أن الأسرة الحاكمة السنية في البحرين تتابع مواصلة حوار وطني وكذلك الإصلاح. ولكن تلك الذريعة بدت غير وجيه الأسبوع الماضي عندما قامت البحرين بطرد دبلوماسي أمريكي بارز، متخصص في حقوق الإنسان، وذلك لمقابلته قادة أكبر حزب شيعي معارض، الوفاق. وقد غرد هذا المسؤول على حسابه على تويتر قائلا إن تصرف الحكومة البحرينية ليس تجاهي وإنما تجاه الحوار الوطني.

إن القوى الغربية وحلفائهم في المنطقة طالما تهربوا من النقد لدورهم في استمرار الحرب في العراق. وقد لاموا رئيس الوزراء العراقي نور المالكي سرا وعلانية على قمع وتهميش الأقلية السنية وهو ما دفعهم لدعم الثورة التي تقودها الدولة الإسلامية. قام المالكي بما يكفي ليثير غضب السنة وكان جزءا من ذلك أنه أراد أن يخيف المصوتين الشيعة لدعمه في انتخابات 30 أبريل من خلال ادعاء أنه حامي الشيعة من الثورة السنية.

ولكن مع كل أخطائه الهائلة، فليست اخفاقات المالكي هي السبب وراء تفكك الدولة العراقية. إن ما زعزع استقرار العراق منذ 2011 وحتى الآن  هو الثورة السنية في سوريا وسيطرة المجاهدين على هذه الثورة، هؤلاء المجاهدين الذين طالما مولهم مانحون سعوديون وقطريون وكويتيون وإماراتيون. مرة بعد مرة، حذر السياسيون العراقيون بأنه إذا لم تضع الحرب الأهلية السورية أوزارها فإن القادة الغربيين يطلقون إشارة البدء بإعادة بدء الصراع العراقي. وقال قائد عراقي في بغداد الأسبوع الماضي، «إنني أعتقد أنهم لا يصدقوننا وأنهم يركزون جهدهم للتخلص من الرئيس بشار الأسد».

بالطبع ربما يقول السياسيون الأمريكيون والبريطانيون أنهم كانوا في وضع لا يمكنهم من إنهاء الصراع في سوريا. ولكن هذا تضليل ومغاير للحقيقة. مع الإصرار على أن مفاوضات السلام لا بد وأن تقوم على الإطاحة بالأسد من السلطة، فإن هذا أمر لن يحدث أبدا وخصوصا وأن الأسد يسيطر على معظم المدن في البلاد وقواته تتقدم. وبذلك فإن أمريكا وبريطانيا على يقين بأن هذه الحرب ستستمر.

إن المستفيد الأكبر من كل ذلك هي الدولة الإسلامية في العراق وسوريا والتي ظهرت خلال الأسبوعين الماضيين آخر موقع للمعارضة في شرقي سوريا. كما أن الأكراد في الشمال وممثلي القاعدة الرسميين، جبهة النصرة، يترنحون تحت وطأة تأثير قوات الدولة الإسلامية التي تسيطر على أسلحة الجيش. كما أنها أيضا تسيطر على الكثير من آبار سوريا النفطية التي فقدت سوريا السيطرة عليها بالفعل. 

  كلمات مفتاحية