التنافس الملكي السعودي يزلزل الشرق الأوسط

الخميس 18 أبريل 2019 07:04 ص

تخيل عائلة مكونة من 43 من الإخوة، لكل منهم العشرات من الأطفال، ومئات من الأحفاد، وكل واحد منهم واثق من أنه هو الجدير بأن يكون الملك. هذا، باختصار هو وصف العائلة المالكة السعودية.

ويحدد النظام السعودي التقليدي أن تمر الخلافة بين الإخوة، أي بين أبناء مؤسس المملكة "عبدالعزيز بن سعود". ولقد خدم هذا النظام غرضه جيدا، لكن تم تغييره في عام 2007، عندما أنشأ الملك "عبدالله" مجلس البيعة، وهو تجمع عائلي له سلطة اختيار ولي العهد وتعيين الملك التالي. إلا أن "عبدالله" لم ينفذ قراره، واختار بدلا من ذلك أولياء العهد من تلقاء نفسه، حيث اختار أخويه، الأمير "سلطان" والأمير "نايف"، لكن توفي كل منهما لأسباب طبيعية قبل أن تتاح له الفرصة لاعتلاء عرش المملكة، قبل أن يختار شقيقه "سلمان" لخلافتهما في الموقع ذاته.

وأثار قرار "عبدالله" بتغيير نظام الخلافة، ثم قراره بتعيين أخيه غير الشقيق الأمير "مقرن" نائبا لرئيس الوزراء، ووليا لولي العهد، وهو المنصب يعتبر تقليديا نقطة انطلاق للعرش، غضب الجناح السديري من العائلة المالكة، وهم أبناء الأميرة "حصة بنت أحمد السديري"، وهي واحدة من أكثر زوجات المؤسس الملك "ابن سعود" قربا له. وقد شعر هؤلاء الأمراء بأن الملك "عبدالله" كان يحاول إبعادهم عن السلطة، مع تقوية فصائل العائلة المالكة الأخرى. وعندما اقترب الملك المسن من الموت، تكثف الصراع تحت السطح.

وعندما توفي "عبدالله"، في يناير/كانون الثاني 2015، أعلن ولي عهده "سلمان"، من الفصيل "السديري"، نفسه ملكا. وهرع معسكره للعمل ضد بقية أفراد الأسرة، حيث سرعان ما أطاح "سلمان" بنجلي الملك الراحل من منصبيهما كحاكمين لمكة والرياض. وفي وقت لاحق، تم فصل مسؤولين كبار آخرين منهم من الديوان الملكي، فيما فقد ولي العهد "مقرن" مكانه في خط الخلافة. وكان الأمير "أحمد بن عبدالعزيز"، هو الأجدر بولاية العهد وفقا للنظام القديم، ولكن تم تجاوزه وتعيين أمراء من الجيل التالي لخلافة العرش.

وبعد عامين من الاضطرابات في المملكة، من وفاة الملك "عبدالله" إلى بداية عام 2017، أصبح نجل "سلمان"، "محمد بن سلمان"، وليا للعهد، في خطوة غير معتادة.

وبدا أن الملك "سلمان" وابنه يسيران في طريق آمن لإخراج منافسيهما من مواقع السلطة، حتى انفجرت قضية "خاشقجي". وقد رأى العديد من أفراد العائلة المالكة فرصة للتخلص من الملك "سلمان"، وتقليص سلطات ابنه إلى حد كبير، في أعقاب الإدانة الدولية لمقتل الصحفي من قبل عملاء الحكومة السعودية. وعبر تشكيل كتلة من الحلفاء الذين يروجون للحكم الرشيد، أصدر هؤلاء الأعضاء مؤخرا بيانا يدعم الأمير "أحمد"، شقيق الملك، الذي عاد إلى المملكة، ودعوه لتولي العرش حتى يقرر الشعب السعودي مستقبله.

وكان هذا أول عرض مفتوح للمعارضة داخل العائلة المالكة السعودية، حيث اعتقد البعض أن سلوك ولي العهد يدفع المملكة نحو مواجهة داخلية غير معتادة فضلا عن إغضاب الدول الغربية.

لكن الذين يدعون إلى استبدال "بن سلمان" قد يجدون أنفسهم في خطر. فبعد كل شيء، أثبت ولي العهد بالفعل استعداده لخرق القواعد عند مواجهة المنافسين، عبر اعتقال العشرات من الأمراء ورجال الأعمال وابتزازهم لأجل أموالهم مقابل إطلاق سراحهم. ويعرف أعضاء المعارضة في العائلة المالكة أنهم يخاطرون بفقدان الكثير حال معارضة "بن سلمان".

وبقدر ما هو معروف، يقف قادة الجيش والمخابرات، الذين عينهم "بن سلمان" العام الماضي، إلى جانبه. كما أنه يتمتع بدعم غير محدود تقريبا من الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب". علاوة على ذلك، يمكن للأمير أن يعتمد على دعم جيل العائلة المالكة الأصغر سنا، والكثير منهم محبطون بسبب التعيينات المتكررة للرجال المسنين والمرضى كملوك، ويطالبون باختيار الحكام من جيلهم. وفي عمر الـ33 عاما، يمثل "بن سلمان" هذا الجيل. ولكنه من ناحية أخرى، يمثل أيضا فرعا من العائلة لا تحبه الفروع الأخرى، التي تشعر بأنها مستبعدة من مناصب الحكومة الأعلى.

وسوف يتم النظر إلى أي محاولة لإقصاء ولي العهد من السلطة على أنه عمل متمرد وخيانة تنتهك التقاليد الأسرية. ومن الواضح للجميع أن مثل هذه المحاولة حال حدوثها وفلشها ستكون كافية له للشروع في حملة تطهير واسعة ضد خصومه، مع عواقب لا يمكن التنبؤ بها بالنسبة للمملكة وعلاقاتها مع العالم. ويبذل "بن سلمان" الآن جهودا هائلة للهروب من تبعات "قضية خاشقجي"، لكنه أصبح أميرا ضعيفا، في أسرة لم تظهر المغفرة حتى الآن للملوك والأمراء الذين يخطئون. ومن الواضح أنه ارتكب خطأ مفرطا بالنسبة للعائلة.

المصدر | هآرتس

  كلمات مفتاحية