أوراسيا ريفيو: السيسي جنرال وليس رئيسا.. ومصر ليست حليفا لأمريكا

السبت 20 أبريل 2019 09:04 ص

من المؤكد أن الكثيرين شعروا بالصدمة بسبب الاحتفاء غير العادي بالزيارة التي قام بها الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" إلى البيت الأبيض مؤخرا.

وكما هو متوقع، تم استقبال "السيسي" بحرارة في المكتب البيضاوي من قبل "دونالد ترامب"، في تجاهل واضح لعشرات الآلاف من السجناء السياسيين في السجون المصرية، بما في ذلك ما لا يقل عن 20 مواطنًا أمريكيًا مسجونين في مصر بتهم غامضة، وكذا لعملية إعادة انتخاب "السيسي" المشبوهة قبل عام بنسبة 97% من الأصوات والتي شابتها الكثير من الانتهاكات بعد أن اضطر المنافسون المحتملون إلى التنحي تحت ضغوط الدولة الدولة.

والأهم أنه تم تجاهل جهود "السيسي" الحالية لإعادة كتابة الدستور المصري (مرة أخرى) لتعزيز قبضته على السلطة حتى عام 2030 على الأقل تزامنا القمع المستمر لحرية التعبير الذي استهدف مجموعة واسعة من الكتاب.

ومن بين العديد من الكتاب المحتجزين حاليًا يقبع "جلال البحيري"، وهو شاعر وكاتب غنائي وناشط. ويقبع "البحيري" في السجن لمدة ثلاثة عشر شهراً حتى الآن بتهم تشمل "الانتماء لجماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وازدراء الدين، وإهانة الجيش"، وكل هذه التهم جميعًا كانت بسبب كتابته كلمات لأغنية يؤديها الفنان الشعبي "رامي عصام". 

 في ظل هذه الأجواء، يتعرض الصحفيون في مصر لخطر خاص. ووفقا للجنة حماية الصحفيين، تم سجن 25 صحفيا مصريا خلال عام 2018، وهو ثالث أكبر عدد في العالم بعد تركيا والصين. وتم منع "ديفيد كيركباتريك"، مدير مكتب القاهرة في نيويورك تايمز منذ فترة طويلة، من دخول البلاد مؤخرًا بسبب كتاب أصدره مؤخرا يبدو أنه أغضب النظام.

حتى الكتاب الذين لم يتم سجنهم بسبب عملهم يواجهون قيودًا ومضايقات تسعى إلى خنق أصواتهم. ويُقاضى الكاتب "علاء الأسواني" أمام محكمة عسكرية بتهمة "إهانة رئيس الدولة والتحريض على الكراهية ضد النظام" في روايته الأخيرة حول انتفاضة ميدان التحرير في عام 2011، "جمهورية كأن". وقد تم الإفراج عن المدون والناشط "علاء عبد الفتاح" الشهر الماضي بعد قضاء عقوبة بالسجن لمدة خمس سنوات لانتهاكه قانون الاحتجاج القمعي المصري، بشرط أن يذهب إلى مركز الشرطة كل مساء من الساعة 6 مساءً إلى 6 صباحًا، على مدار السنوات الخمس المقبلة.

كل هذا يؤدي إلى بيئة لا يستطيع فيها المواطنون المعارضة، ولا يستطيع الصحفيون الإبلاغ، ولا يمكن للفنانين تأليف الموسيقى دون خوف من الانتقام. ومن الواضح أن أي كلمة في مصر اليوم يمكن أن تعرض صاحبها للسجن. وهذه هي الدولة التي يقول "ترامب" إن رئيسها يقوم "بعمل رائع ".

وفي عصر التشكيك في الحقيقة والحقائق البديلة يصبح تحرير المصطلحات والدقة في استخدام الألفاظ أمورا ضرورية. ويوصف "السيسي" عادة في التقارير الإخبارية وتقارير مراكز الأبحاث على أنه "الرئيس السيسي". لكنه، في الواقع، مجرد ديكتاتور، وهو جنرال بالجيش استولى على السلطة في انقلاب عسكري عام 2013 أطاح بالرئيس "محمد مرسي"، وهو الإسلامي الذي تم انتخابه قبل عام في الانتخابات الأكثر حرية وتنافسية في تاريخ مصر.

ومهما تكن عيوبه وأوجه القصور لديه، فقد تم انتخاب "مرسي" رئيسًا من قبل شعب مصر في انتخابات تنافسية حقيقية هي الأولى والأخيرة وفي مصر. ومع ذلك، يقبع "مرسي" في سجن عسكري لأكثر من خمس سنوات حتى الآن، فيما يجلس الرجل الذي ألقاه في السجن في مقعده في قصر الرئاسة..

وفي ضوء ذلك فإن لدينا هنا اقتراح متواضع: وبوصفه رجلا عسكريا صعد إلى السلطة بالقوة، ينبغي أن يتم وصف "السيسي" بلقبه الصحيح وهو "الجنرال". وقد تم استخدام هذا المصطلح من قبل لوصف الديكتاتور الإسباني "فرانشيسكو فرانكو"، وديكتاتور تايوان "تشيانغ كاي شيك" و"رافائيل تروخيو" رئيس الدومينيكان. ويجب الآن ضم الجنرال "عبد الفتاح السيسي" لهذه القائمة المميّزة، في التقارير الإخبارية، وتعليقات مراكز البحوث، والتحليلات الأكاديمية".

وفي سياق تحرير المصطلحات، هناك كلمة أخرى يجب إلقاؤها في سلة المهملات وهي "التحالف".

عشية زيارة "السيسي" السابقة لواشنطن، اشترت الحكومة المصرية مساحة في مجلة "فورين بوليسي" لتزويد القراء الأمريكيين بمعلومات حول المزايا المفترضة لـ "التحالف المصري الأمريكي" والإصلاحات التي تقوم بها حكومة "السيسي".

ويزعم الإعلان أن الولايات المتحدة ومصر لديهما نفس وجهة النظر في العديد من القضايا وأن مصر واحدة من أقدم وأعمق حلفاء أمريكا في العالم العربي. وتفتخر السفارة المصرية في واشنطن على موقعها الإلكتروني أن "مصر كانت منذ فترة طويلة من بين الحلفاء الأكثر موثوقية وتأثيرا للولايات المتحدة."

إن الولايات المتحدة ومصر ليسوا حلفاء، ويجب على المعلقين التوقف عن استخدام كلمة "التحالف" في مناقشة العلاقة بين البلدين. لطالما كانت مصر مشكلة يجب إدارتها؛ وليس "حليفا" بأي معنى.

حتى في المعركة الوحيدة التي تتقاسم فيها الولايات المتحدة ومصر عدوًا مشتركًا، وهي الحرب ضد المتطرفين المرتبطين بتنظيم الدولة الإسلامية في سيناء، لم تقدم مصر الكثير من المساعدة ، حيث من المحتمل أن تساعد تكتيكاتها غير المرغوب فيها في توفير المزيد من المجندين للمتطرفين. علاوة على ذلك، فإن المبادرة الرئيسية للإدارة الحالية في المنطقة، وهي بناء تحالف عربي ضد إيران،تلقت ضربة قوية الأسبوع الماضي من جانب مصر، التي انسحبت رسميًا من التخطيط للمبادرة قبل أيام فقط من زيارة الجنرال "السيسي" للبيت الأبيض.

ومن المثير للاهتمام، أن بيان البيت الأبيض الرسمي الذي تم نشره بعد وقت قصير من اجتماع "ترامب - السيسي" في المكتب البيضاوي، والذي يعكس العمل الجيد للموظفين، لا يحتوي على كلمة "تحالف" ولكنه تضمن بدلاً من ذلك الإشارة إلى "العلاقة الاستراتيجية" بين البلدين.

المصدر | توماس ميليا - أوراسيا ريفيو

  كلمات مفتاحية