استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الحال المرعب للعالم! "

الثلاثاء 21 مايو 2019 12:05 م

يقول علماء البيئة – وهم من بين من وقّع العام الفائت على عريضة عالمية حملت آلاف الاسماء المحترمة والموثوقة – أن الحياة على الكرة الارضية مهددة بشكل جدي بسبب تصرفات البشر. هناك تسارع مذهل في الانقراض التام للأنواع الحية، الحيوانية والنباتية، مع ما يعنيه ذلك من اختلال عميق في التوازن الايكولوجي لكوكبنا.

وهو اختلال مميت، بلغ وتيرة مخيفة في العقود القليلة الماضية. والملوِّثون ليسوا فحسب البشر العاديين وفق النمط السائد في حياتهم اليومية - وهو ليس اجبارياً، بل خيار ناجم عن انفلات الاستهلاك وعن ثقافة الاستهتار – بل هي الصناعات الثقيلة على أشكالها، والحروب. أي هي سياسات القوى المهيمنة في السلطة والاقتصاد.

ولكن علماء البيئة هؤلاء يقولون أيضاً أن الارض ستجدد نفسها وتتعافى خلال بضع سنوات لو غاب الانسان عنها! وهو تقدير قد يدعم تصورات نهاية العالم apocalypse ومعها المتشائمين والمستسلمين على أنواعهم. لكنه تقدير علمي بحت.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!

وفي افتتاح مهرجان "كان" للسينما منذ أيام، حذّر رئيسه لهذا العام، المخرج المكسيكي ألخاندرو إيناريتو، من حرب عالمية جديدة، مشيراً الى اجواء تشبة 1939.

وتحدث عن "الحنَق والغضب والأكاذيب والجهل" باعتبارها الصفات التي تميز القادة المتحكمين بالعالم، وبالطبع عن الحائط الذي ينوي ترامب بناؤه بين الولايات المتحدة والمكسيك لمنع الهجرة، ونعت هذا الاجراء وسواه بـ"الحلول الوهمية".

.. وفي الاثناء، كانت واشنطن ترسل المزيد من القطع العسكرية الى منطقة الخليج، وتحرك طائرات بي 52 من قواعدها هناك، وتجلي رعاياها من العراق، كما أوقفت دول أوروبية برامج التدريب المدني المختلفة فيه ورحّلت مبعوثيها منه.

وبدا أن الحرب مع إيران صارت "محتملة" أو أنها لم تعد مستبعدة تماماً. وتميل الاراء الى تحميل مسئولية هذا المنحى الى نصائح جون بولتون، مستشار الرئيس للأمن القومي، وأحد مفبركي الحرب ضد العراق في زمانها.

وهو سيقوم خلال أيام بجولة في أوروبا لدعم قوى وأحزاب اليمين المتطرف، الفاشي وشبه الفاشي، فيها. والرجل بذلك يمتلك تصوراً استراتيجياً عن العالم "كما يجب أن يكون"، ويسعى لتطبيقه.

وهو يحظى بتأييد وزير الدفاع الجديد باتريك شانَهان، الذي عمل كل حياته في الصناعة الحربية الامريكية العملاقة التي تمتص نصف ميزانية البلاد!

ويضاف الى بولتون وشانهان ونائب الرئيس بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو (الذي يكاد لا يبرح منطقتنا..)، يضاف إليهم تحريض نتنياهو الدائم ضد إيران باعتبارها الخطر رقم واحد.

وهذا الاخير يحلم، على طريقة الصبية الصغار في المدارس الابتدائية، بانه يمكن شطب من يضايقه بضربة قدم غاضبة في الجدار، فيختفي الخصم!

وهو يتشارك في أحلامه الصبيانية تلك مع قادة الخليج الجدد، بن سلمان وبن زايد، وهم "حربجية" أيضاً، ويبدو أنهم يظنونها من ألعاب "الاتاري" التي أمضوا طفولتهم ومراهقتهم أمام شاشاتها. ولعل الجهل (الصفة الرابعة التي ذكرها المخرج المكسيكي) تجعلهم غير مدركين للأخطار المباشرة التي ستقع حينذاك على بلدانهم، بل وعليهم هم شخصياً.. ولكن لا بأس.

.. في الاثناء، أطلقت القوات الاسرائيلية النار على متظاهري غزة بمناسبة ذكرى النكبة في 15 أيار/ مايو، واسقطت شهداء وعشرات الجرحى. ولكن انتباه العالم كان مشدوداً الى مشاهد وعواطف أخرى.

بل لم ينتبه الناس الى تمكّن قراصنة الأنترنت (الـ"هاكرز") من تخريب بث مسابقة "يوروفيجن" الغنائية التي تجري في تل أبيب هذا العام، بارسال صور انفجارات وهمية في شوارع المدينة تخللت المشاهد.

وبالطبع تموه هذه الاجواء ما يجري في اليمن حيث تَفتتح الحرب عليه عامها الخامس، متسببة بالمجاعة والكوليرا. ويعتقد ترامب وربْعه أنها "ضرورية" وستستمر باعتبارها جزء من المنازلة مع طهران.

ومنذ أيام، في ليل الثامن من رمضان، هجم على المعتصمين السلميين أمام مقر رئاسة الجمهورية في السودان، مسلحون "مجهولون" اطلقوا النار عشوائياً، فسقط 6 شبان بينهم ضابط في الجيش كان بقربهم ويؤازرهم، ومئات الجرحى. وتبرأ المجلس العسكري الانتقالي، بلسان رئيسه الجنرال برهان، من الحادث واستنكره ووعد بمحاسبة الفاعلين..

لكنه يعلم أنها قد تكون خطوة أقدم عليها نائبه، الجنرال "حميدتي" قائد "قوات الدعم السريع" شبه النظامية (التي كان قد أسسها البشير، من بين سواها). وهو بطل فظاعات دارفور، والرجل الذي اختارته السعودية والامارات ليكون بطلها الحالي..

هناك صراع على السلطة في الخرطوم، وقد خُيِّر الجنرال "حميدتي" بين نيابة الرئاسة وبين الاستمرار في قيادة قواته تلك والذهاب بها الى مهام "حماية الحدود"، أي مغادرة العاصمة، فادّعى انه اختار هذا المنصب الأخير..

لكنه فعلياً يريد الاثنان معاً، بل يريد أن يترقى الى رئاسة المجلس بدلاً من البرهان، مستنداً الى الدعم المالي الخليجي المتدفق عليه والدعم اللوجستي المصري.. بينما تميزت التحركات الشعبية في السودان طوال الاشهر الخمسة الفائتة بقوة سلميتها وجماهيريتها وبمتانة وحصافة ممثليها وسياسييها.

وبدت وكانها قادرة - بفضل هذه الصفات جميعها – على موازنة "الوسخ" السلطوي البشع، وعلى تعطيل أذاه باقل الخسائر الممكنة، وعلى قيادة مفاوضات مع المجلس العسكري الانتقالي أعلن عن نجاحها قبل أن يَجدّ هذا الجديد..

وهنا ايضاً، ورغم ريادية هذه التجربة الملهمة (ومثيلتها مما يجري في الجزائر وما زال قائماً لم يعطله لا صيام ولا مراوغات)، فهي قد تُنسى أو تفوت على الانتباه بحكم الأشباح المنفلتة المشكِّلة لما هو أعظم.. الله يستر!

* د. نهلة الشهال كاتبة وناشطة لبنانية رئيسة تحرير "السفير العربي".

المصدر | السفير العربي

  كلمات مفتاحية