تحليل لواشنطون بوست: "نموذج اليمن" لن ينجح في العراق وسوريا

السبت 19 يوليو 2014 09:07 ص

كاثرين زيمرمان، واشنطون بوست، 17 يوليو 2014 - ترجمة: الخليج الجديد

يقول الرئيس أوباما إن الولايات المتحدة تتطلع إلى أن تكون سياستها في اليمن نموذجا لما يجب القيام به في العراق وسوريا. ولكن ما أسماه الرئيس بـ«النموذج اليمني» لم يكن ناجحًا كما يزعم البيت الأبيض؛ في الواقع، يعاني النموذج من خطر الانهيار. وسوف تفشل بالتأكيد محاولة تكرار هذا النموذج في ظروف أكثر صعوبة بكثير في العراق وسوريا.

خلفية قليلة: الولايات المتحدة تتعاون مع الحكومة اليمنية ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وتشمل القيادة العليا للقاعدة في جزيرة العرب سكرتير أسامة بن لادن السابق «ناصر الوحيشي»، وهو الآن المسؤول التنفيذي لتنظيم القاعدة؛ ومعتقل غوانتانامو السابق «إبراهيم الربيش»؛ وصانع متفجراتها، «إبراهيم حسن العسيري»، الذي يواصل استهداف الولايات المتحدة وشركات الطيران فيها.

تحدد إدارة أوباما أهدافها في اليمن من خلال منع هجمات القاعدة على مصالح الولايات المتحدة في الخارج والداخل. ولقد شكلت هذه الأهداف استراتيجية مكافحة الإرهاب التي تعتمد على الشراكة مع الرئيس عبد ربه منصور هادي لمحاربة القاعدة في اليمن دون استخدام للقوات الامريكية المقاتلة على الأرض. هذا النموذج هو الدعم الاستشاري والتدريبي الأمريكي المحدود لمساعدة شريك محلي في السيطرة على التهديد الارهابي.

وتعزز المساعدة العسكرية الأمريكية قدرات القوات المتنقلة لزيادة نطاق العمليات العسكرية اليمنية؛ كما يقوم أفراد الجيش الأمريكي بتدريب وتقديم المشورة للقوات المحلية وتوفير الخدمات اللوجستية الحاسمة والدعم الاستخباراتي لعمليات مكافحة الإرهاب اليمنية. وتستهدف الغارات الجوية الأمريكية زعماء القاعدة في جزيرة العرب وقادة المستويات الوسطى للتنظيم التي ​​تشارك في مؤامرات ضد المصالح الأمريكية.

وتكمن جاذبية النموذج اليمني في قلة تكلفتها والوجود الأمريكي المحدود على الأرض.

ولكن هل هذا الحل ناجح بالفعل؟ في الواقع، لا. لم تتوقف القاعدة في جزيرة العرب عن محاولة قتل الأميركيين منذ إنشائها في عام 2009. وهي من تقف وراء ما لا يقل عن ثلاثة محاولات لضرب الولايات المتحدة - في عام 2009، 2010 و 2012 - والتهديد الإرهابي الذي تسبب في إغلاق أكثر من 20 مكتب وسفارة دبلوماسية أمريكية في شمال أفريقيا و الشرق الأوسط في شهر أغسطس 2013. في عام 2011، وهو عام لم تسجل فيه محاولة هجوم على الولايات المتحدة، أوفدت القاعدة في جزيرة العرب قوة متمردة في جنوب اليمن، وأعلنت إقامة إمارة إسلامية في الأراضي التي سيطرت عليها. وفي الوقت الذي بدأ الجيش اليمني فيه في دفع تلك القوات للانسحاب مرة أخرى، انتهت عملياته قبل أن تقضي على كل ملاذات القاعدة في جزيرة العرب.  

كما أن انتصارات اليمن ضد القاعدة في جزيرة العرب هي انتصارات تكتيكية ومؤقتة على الأرجح. ركز الهجوم العسكري هذا الربيع على مخابيء التنظيم مثل معقل الجماعة الجبلي في المحفد. تأمل القوات اليمنية في تعطيل شبكة اتصالات القاعدة في جزيرة العرب والقضاء على معسكرات التدريب هناك. ولكن خلال عملية يمنية مماثلة في عام 2012، بدا أن القاعدة في جزيرة العرب تتراجع، ولكن فقط لتشن هجومًا مضادًا في وقت لاحق وتستعيد الأراضي التي خسرتها. وتشير الهجمات الأخيرة القاعدة في جزيرة العرب في المناطق التي تم تطهيرها إلى تكرار محتمل لهذا السيناريو.

والقضية الأساسية هي أن القوات اليمنية لم يتم إعدادها للمعركة التي بدأت في ظل حكم سلف الرئيس هادي. تتكون غالبية القوات المنخرطة في الحرب ضد القاعدة في جزيرة العرب من وحدات الجيش النظامي، التي لا تتلقى مساعدات مباشرة من الولايات المتحدة. يتم توجيه الجزء الأكبر من المساعدات العسكرية الأمريكية بدلا من ذلك نحو دعم عمليات مكافحة الإرهاب اليمنية، مثل الغارات لاعتقال خلايا القاعدة في جزيرة العرب وإحباط المؤامرات الإرهابية. ولكن الحرب في اليمن ليست في المقام الأول هي لمكافحة الإرهاب؛ وإنما هي لمكافحة التمرد. لن تضيع المساعدات العسكرية الأمريكية، ولكن سيكون تأثيرها محدودا طالما أن الجهد الرئيسي هو هجمات ضد مواقع القاعدة في جزيرة العرب.  

الافتراض الذي يكمن وراء تركيز الولايات المتحدة على قدرات اليمن في مكافحة الإرهاب هو أن القاعدة في جزيرة العرب هي في المقام الأول مشكلة إرهابية محلية يمكن معالجتها مع مرور الوقت من خلال القوات اليمنية. غير أن هذا الافتراض غير صحيح. تحول القاعدة في جزيرة العرب في عام 2011 إلى تمرد خلق متطلبات عسكرية جديدة والتي قد لا تكون اليمن قادرة على الوفاء بها. الوتيرة البطيئة لعمليات مكافحة الإرهاب اليمنية والأمريكية أعطت القاعدة مساحة لتجديد أنشطتها، ومن ثم يبقى تهديد القاعدة في جزيرة العرب قائمًا.

كما يحمل النموذج اليمني خطر كبير آخر. لتحقيق النجاح، يعتمد هذا النموذج على الالتزام المستمر بالرئيس هادي وحكومته. وللأسف، فإن هادي، مثل سلفه، لديه أولويات أخرى. عندما هددت انتفاضات الربيع العربي في 2011 الرئيس اليمني السابق «علي عبد الله صالح»، أعاد على الفور نشر القوات الحكومية التي كانت تقاتل القاعدة الى العاصمة لحماية نظامه. وبالمثل يواجه هادي تهديد أمني متزايد من حركة الحوثيين الشيعية التي يتقدم مقاتلوها جنوبا نحو صنعاء، العاصمة. دخل الحوثيون، الذين يتلقون الدعم من إيران، في صراعات مع الجيش اليمني ست مرات منذ عام 2004، وسوف تسنزف جهود الحكومة ضدهم على الأرجح الموارد العسكرية من المعركة ضد القاعدة في جزيرة العرب.  

باختصار، ليس فقط لم ينجح النموذج اليمني، ولكن الظروف التي وفرت بعض النجاحات في بعض الأحيان في اليمن ليست متوفرة في العراق أو سوريا. فهل تتوافر في تلك الدول – العراق وسوريا - الحكومة المتعاونة؟ أو القوة العسكرية المتماسكة؟ أو العدو المتناثر وغير منظم؟ لا، لا ولا. في نهاية المطاف، ولسوء الحظ، تكمن العناصر المشتركة بين الحالة في اليمن وتلك التي في والعراق وسوريا في أن المساعدات الأميركية غير كافية وهي مخصصة لقوة غير مستعدة - والفشل محتمل. 

  كلمات مفتاحية

العراق تحول إلي مقبرة: 65 ألف تفجير و109 ألف قتيل خلال 6 سنوات

قليل من الحلفاء كثير من الأعداء.. أخطاء فادحة للولايات المتحدة في اليمن وسوريا

إعادة إحياء اليمن: استعادة الاستقرار في شبه الجزيرة العربية