استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

جدلية «المدني» و«العسكري» و«الديني» عربياً

الاثنين 10 يونيو 2019 11:06 ص

جدلية «المدني» و«العسكري» و«الديني» عربياً

ظهور «العسكري» بالزيّ المدني لا يشكّل ضماناً كافياً لتطبيق الدساتير والقوانين بروحها ونصوصها!

العسكريون في السلطة يعجبون من مسألة «الدولة المدنية» فهم اعتمدوا دائماً على «مدنيين» في إدارة شؤون الدولة.

في الجزائر يخوض «المدني» مواجهة استطاع «العسكري» حتى الآن التعايش مع سلميّتها، بل استطاع الاثنان تحييد «الديني»!

لا يتفق المطالبون بـ«مدنية الدولة» على مؤداها النهائي بل على أن عسكرة الدولة راكم التجاوزات وأن المدنيين يتحمّلون تبعاتها.

الشأن «المدني» من دساتير وقوانين ليس واضحاً في الواقع، ولم يكن هناك حرصٌ على تأسيسه واحترامه وتكريسه في الحياة السياسية.  

أدى تديّن «العسكري» وتعسكر «الديني» في السودان إلى إقصاء «المدني» الذي أعادته الأزمة الاقتصادية مطالباً بالخبز والحرية والتغيير.

*     *     *

أثار الحدثان السوداني والجزائري جدلاً مفتوحاً حول «المدني» و«العسكري»، لكنه لا يقتصر عليهما، إذ أن كل الدول والمجتمعات التي تشهد تحوّلات منذ مطلع هذا العقد دخلت في ما هو أكثر من الجدل، إذ انزلقت إلى صراعات دامية.

وفي أحيان كثيرة كان «الديني» أيضاً وسط هذا الخضم، ما أوحى لوهلة، وتحت إلحاح الشارع، بأن هناك سعياً دؤوباً إلى تعريف دقيق لكل من تلك المفاهيم الثلاثة.

وأن التوصّل إلى تصالح ومن ثمَّ تعايش في ما بينها هو الهدف، نظرياً على الأقل، غير أن الناتج حتى الآن بقي في إطار تثبيت كل طرف في موقعه الذي يعتقد أنه هو وحده من يحتكر الصواب والصالح العام.

عندما يكون العسكريون في السلطة يعجبون من مسألة «الدولة المدنية»، خصوصاً أنهم اعتمدوا دائماً على «مدنيين» في إدارة شؤون الدولة. لكن ظهور «العسكري» بالزيّ المدني لا يشكّل ضماناً كافياً لتطبيق الدساتير والقوانين، بروحها ونصوصها.

ليس المطالبون بـ«مدنية الدولة» متفقين على مؤداها النهائي، وإنما هم متفقون على أن عسكرة الدولة راكم الكثير من التجاوزات، وأن المدنيين هم الذين يتحمّلون تبعاتها.

الأكيد أنهم لا ينكرون الدور المركزي المهم للعسكريين لكنهم يريدونه في إطار الدولة وتحت سقفها. والدولة - بعيداً عن أي تفلسف متكلّف - تبقى مجالاً عمومياً يتشاركه الجميع ويتحصّنون بشرعيته.

كلٌّ يعرف موقعه ويحاول تطويره، و«المدني» لا موقع له، لكن له كل المواقع في آنٍ. وعندما تصدّى «العسكري» في مصر والجزائر لـ«الديني» أو المتنكّر بالدين للاستحواذ على السلطة كان موقف «المدني» واضحاً بانحيازه إلى «العسكري» في هذه المهمة تحديداً، سواء لأنها حصراً من اختصاصه أو لأن لدى «المدني» اقتناعاً عميقاً بأن «الديني» المسيّس بات عبئاً على المجتمع وليس مؤهلاً لإدارة الدولة.

لعل ما يظهره الجدل العربي حول هذه المفاهيم أن الشأن «المدني» الذي تعبّر عنه الدساتير والقوانين ليس واضحاً على أرض الواقع، ولم يكن هناك حرصٌ على تأسيسه واحترامه وتكريسه في الحياة السياسية.

«العسكري» يتمسك بأولوية بعده الأمني، لكن محاولة «الديني» احتكار البعد الأخلاقي أدّيا إلى احتقار «المدني» وإنكاره إلى حد أنه يبدو كما لو أنه شأن غريب عن العقل العربي أو دخيل على ثقافته.

على العكس، لا يحتقر «المدني» الشأنين «العسكري» و«الديني» ولا ينكرهما، كونهما منبثقين منه، وكونه الفضاء الذي يتنافسان عليه، لكنه يريد لكلٍّ منهما أن يتعلّم كيف يلزم حدوده. فلا فائدة من حكم يسوده التسلّط إذا لم يكن هاجساً بإرادة الشعب «المدني».

في الجزائر يخوض «المدني» مواجهة استطاع «العسكري» حتى الآن التعايش مع قواعد سلميّتها، بل استطاع الاثنان تحييد «الديني» الذي يعرف أنهما يحمّلانه مسؤولية «عشرية العنف» في تسعينيات القرن الماضي لكنه (الديني) يتربص بهما ويراهن على فشلهما متمنّياً ألّا ينجحا في التوافق سلميّاً، وإذا سنحت له الفرصة فلن يدخّر جهداً للعب على تناقضات موجودة طبيعياً في صفوف «المدني».

أما في السودان فيبدو المخاض أكثر تعقيداً، إذ أن النظام السابق حرص على تأمين بقائه بنسج تداخلات سياسية ووظيفية بين تديّن «العسكري» وتعسكر «الديني»، ما أدى إلى إقصاء «المدني» الذي أعادته الأزمة الاقتصادية إلى الواجهة مطالباً بالخبز ومن ثمَّ بالحرية والتغيير.

* عبد الوهاب بدرخان كاتب وصحفي لبناني

المصدر | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية