لماذا يتعثر مشروع مدينة الحرير الصينية في الكويت؟

الاثنين 10 يونيو 2019 05:06 ص

في مقدمة "رؤية الكويت 2035"، يهدف أحد المشروعات الضخمة إلى تحويل الطرف الشمالي من الخليج، ذو الكثافة السكانية القليلة، إلى مركز تجاري دولي. ووفقا لـ"دونغ تايكانغ"، رئيس الجمعية الصينية في الكويت، من المقرر أن تصبح المدينة الجديدة، التي تبلغ تكلفتها 100 مليار دولار وتسمى "مدينة الحرير"، منطقة حرة واسعة تقدم وتوفر خدمات إعادة الشحن للأسواق العراقية والإيرانية القريبة.

طموحات كبرى

وبالإضافة إلى العمل كمركز لوجستي، من المتوقع أن توفر "مدينة الحرير" على الأقل 200 ألف وظيفة، وأن تضم ما يصل إلى 700 ألف شخص. وستشمل مرافق ترفيهية، وأماكن للعمل، ومناطق للبيع بالتجزئة، وملعبا أولمبيا، ومطارا دوليا، وناطحة سحاب تدعى "برج مبارك الكبير".

ووفقا لـ"سارة أكبر"، العضو في الوكالة الكويتية لتنفيذ "مدينة الحرير" -التي تم حلها حاليا- فإن "ما تم تنفيذه حتى الآن يشمل المرحلة الأولى من ميناء "مبارك الكبير" الذي تبلغ تكلفته الإجمالية 9 مليارات دولار، وجزء من شبكة السكك الحديدية وجسر الشيخ جابر الأحمد الصباح". ويبلغ طول الجسر 36 كيلومترا، وتم افتتاحه في مايو/أيار 2019 لربط عاصمة البلاد بطريق "الصبية"، حيث تم بالفعل بناء محطة طاقة بقدرة 5 آلاف ميجاوات. وتم حل مجلس أمناء "مدينة الحرير" وجزيرة "بوبيان" دون تفسير عام، حيث تقول المصادر الحكومية ببساطة إنه سيتم تشكيل مجلس إدارة جديد قريبا.

ويأمل المسؤولون الكويتيون أن تصبح "مدينة الحرير" مكانا  يمكن أن تزدهر فيه الصناعة المالية وصناعة التكنولوجيا. ومن المتوقع الانتهاء منها في غضون 25 عاما، وسوف تعزز التنويع الاقتصادي للإمارة. وتمتلك الكويت سادس أكبر احتياطي نفطي في العالم، أي بما يمثل نحو 90% من عائدات الحكومة.

ولا تزال الخطط تفتقر للتفاصيل، وكان التقدم محدودا، مما أثار بعض الشكوك.

وفي مايو/أيار 2019، ذكرت "رويترز" أن الصين قد تشارك في إدارة ميناء "مبارك الكبير"، وإدارة حصة في المنطقة الاقتصادية. وقال "جوناثان فولتون"، مؤلف كتاب "علاقات الصين مع دول الخليج"، لـ "المونيتور"، إن الوفود الكويتية قد تواصلت مع الصين لدفع المشروع قدما.

وقال: "لقد رأى القادة الكويتيون فرصة لاستقطاب الشركات الصينية"، حيث عبرت الصين عن اهتمامها بربط "مدينة الحرير" الكويتية بمبادرتها الطموحة "الحزام والطريق" التي تتكلف عدة مليارات من الدولارات.

معارضة برلمانية

ومع ذلك، سيتعين على المشروع مواجهة معارضة من بعض أعضاء المعارضة الإسلامية في البرلمان الكويتي. ويعارض البرلمانيون المحافظون في الجمعية الوطنية الكويتية طموحات الصين العالمية. وقال عضو البرلمان الإسلامي "محمد هيف المطيري" لـ"المونيتور": "إذا لم يتوقفوا عن ذبح المسلمين الصينيين، فسوف تعرقل محادثات مدينة الحرير معهم".

وكان "المطيري" يشير إلى الاحتجاز التعسفي من جانب السلطات الصينية لنحو مليون مسلم ينتمون إلى الأقلية العرقية التركية في "شينجيانغ"، وهي مقاطعة في شمال غرب الصين. وقالت "هيومن رايتس ووتش"، في فبراير/شباط 2019، إنه "في تلك المعسكرات، تتعرض أقلية الإيغور للتلقين السياسي القسري، ويجبرون على التخلي عن عقيدتهم، ويتعرضون لسوء المعاملة، والتعذيب في بعض الحالات". وبالتحالف مع أعضاء البرلمان الآخرين، يعتزم "المطيري" تشكيل مجموعة برلمانية معارضة تمنع الاستثمارات الصينية في الكويت. وقال: "مدينة الحرير أداة قوة سياسية للحكومة الكويتية، يمكنها من خلالها إجبار الصين على إنهاء القمع ضد الجاليات المسلمة".

وزعم ممثل جمهورية الصين الشعبية في الكويت أن هذه المزاعم "لا أساس لها من الصحة"، مضيفا لـ"المونيتور" أن الوفود الدولية "مرحب بها لزيارة الصين ومشاهدة حياة المسلمين بأعينهم". ورغم ذلك فإن الوصول غير المقيد إلى "شينجيانغ" قد لا يكون بهذه البساطة.

وبالإضافة إلى المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان، يخشى العديد من البرلمانيين الكويتيين أيضا من أن المنطقة التي ستُبنى عليها "مدينة الحرير" قد تعمل "كدولة داخل دولة"، تحكمها قوانين ليبرالية خاصة تقع خارج نطاق ولاية الكويت، التي تحكمها جزئيا الشريعة الإسلامية.

ووفقا لـ "محمد الدلال"، وهو برلماني كويتي من جماعة "الإخوان المسلمون"، فإن احتمال وجود قوانين مستوحاة من الغرب للسيطرة على المناطق الشمالية في الكويت "أمر غير مقبول بالنسبة لغالبية الكويتيين". وعلق "المطيري" قائلا إنه في مواجهة مثل هذه الأخطار، مثل تقنين المشروبات الكحولية والسماح بالعلاقات خارج إطار الزواج والشذوذ الجنسي "فإننا بحاجة لحماية ثقافتنا الإسلامية".

وتتصور "أكبر" مدينة الحرير كبيئة دولية جذابة تختلف عن البر الرئيسي في الكويت، حيث تغذي المدينة نمو الكويت وروابطها بالاقتصاد العالمي. ونقلت صحيفة "كويت تايمز"، عن مسؤول حكومي كبير، قوله إن المشروع يهدف أيضا إلى تجنب "البيروقراطية المؤلمة".

وقالت "أكبر": "في مدينة الحرير، يجب أن نكون أكثر فاعلية مما هو عليه الحال في المدن الرئيسية الخاضعة للنظام الكويتي الحالي. يجب أن تكون الشروط التجارية مختلفة، وكذلك القدرة على تنفيذ المشاريع".

ويعتقد النائب الأول لرئيس الوزراء الكويتي، الشيخ "ناصر صباح الأحمد الصباح"، أن البيئة التنظيمية لـ"مدينة الحرير" ستشجع صحة المنافسة والنمو الاقتصادي.

ووفقا لمصادر مطلعة على الموضوع، من المتوقع أن يتم نقاش برلماني حول الأمر بعد الصيف، بمجرد تقديم مشروع قانون إلى البرلمان.

المصدر | سباستيان كاستلر - المونيتور

  كلمات مفتاحية