توقعات ستراتفور: ضربة أمريكية ضد إيران والجيش يتشبث بالسلطة في الجزائر

الثلاثاء 18 يونيو 2019 07:06 ص

نشر مركز "ستراتفور" الاستخباراتي الأمريكي توقعاته لمسار السياسة العالمية خلال الربع الثالث من العام الحالي 2019، وخص الموقع جزءا من هذه التوقعات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يستعرضها "الخليج الجديد" خلال الأسطر التالية.

محاصرة إيران

بينما تكثف الولايات المتحدة من جهودها لشل إيران اقتصاديا من خلال فرض العقوبات عليها هذا الربع، فإنها ستعمل بشكل تدريجي على تعزيز انتشارها البحري وزيادة أعداد قواتها لردع طهران ووكلائها الإقليميين - بما في ذلك ميليشيا "حزب الله" اللبنانية المسلحة - عن مهاجمة مصالح الولايات المتحدة.

ويمكن لإيران أن ترد بعدد من الطرق، مثل تكثيف المضايقات البحرية في الخليج العربي، والقيام بحرب إلكترونية، واستخدام وكلائها لشن هجمات، وربما استئناف برنامجها النووي.

وفي شهر مايو/أيار، أعلنت طهران مهلة مدتها 60 يوما للموقعين على خطة العمل المشتركة الشاملة، حيث طالبت الدول الأوروبية بمراجعة حزمة العقوبات الحالية إذا أرادوا إبقاء إيران في إطار الاتفاق النووي.

وعندما تنتهي المهلة المحددة في 7 يوليو/تموز، من المرجح أن تنتهك إيران بعض عناصر خطة العمل المشتركة الشاملة، لاسيما البنود التي تنظم حجم مخزونات إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب والماء الثقيل.

وسوف تواصل إيران توسيع البنية التحتية اللازمة لإعادة برنامجها النووي بسرعة إلى مستويات ما قبل عام 2015، ولكن في محاولة لترك الباب مفتوحا أمام الاتحاد الأوروبي، فسوف تتحرك بحذر.

على سبيل المثال، قد تختار طهران أن تظل تحت عتبة التخصيب المشار إليها في الاتفاق النووي، البالغة 3.67%. وفي حالة اتخاذ طهران إجراءات أكثر تطرفا، مثل العودة إلى مستويات التخصيب قبل خطة العمل المشتركة الشاملة، أي نسبة 20%، فسوف تضغط المزيد من العناصر المتشددة في الإدارة الأمريكية من أجل ضربات عقابية، على الرغم من أن البيت الأبيض لا يزال يرغب في دفع إيران إلى طاولة التفاوض.

وعلى الرغم من احتمال حدوث ضربة محدودة ضد القوات أو الأصول الإيرانية في هذا الربع، فسوف يعمل الوسطاء المحتملين، بما في ذلك عُمان وسويسرا والكويت واليابان، بحماسة، لإنشاء قناة اتصال بين واشنطن وطهران لتجنب التصعيد العسكري.

وعلى عكس ما يرغب فيه الجانب الأمريكي، فلن تستسلم إيران للضغط الاقتصادي، ولن تشارك في مفاوضات سياسية أوسع مع البيت الأبيض في وجود "ترامب".

وردا على ذلك، من المحتمل أن تزداد العقوبات الأمريكية، ومن المحتمل أن تشمل جميع الصادرات غير النفطية المتبقية، باستثناء المواد الغذائية.

وسيؤدي التراجع في إيرادات الصادرات إلى الإضرار بقدرة إيران على شراء المواد الغذائية والسلع الإنسانية، مما يزيد من احتمال الاضطرابات الاقتصادية في جميع أنحاء البلاد، وعلى الرغم من أن الحكومة الإيرانية سوف تتخذ إجراءات صارمة ضد التلاعب في الأسعار والمعارضة العلنية، فسوف تسن في نفس الوقت إصلاحات لمساعدة القطاع الخاص.

وفي النهاية، سوف تتدهور العلاقات بين إيران والاتحاد الأوروبي حتما في هذا الربع؛ لأن بروكسل ستفشل في توفير شبكة أمان اقتصادية كافية لطهران. ونتيجة لذلك، ستزداد العزلة الدبلوماسية للجمهورية الإسلامية.

منافسة كبرى في سوريا

وبالنظر إلى الطبيعة المتصدعة لساحة المعركة السورية، فمن المحتمل أن نشهد في هذا الربع زيادة في التوتر بين العدد الهائل من القوات العسكرية الأجنبية العاملة داخل البلاد وحولها، مع زيادة الاختلافات بين الدول صاحبة المصالح في سوريا.

ومع ذلك، فإن خطوط الاتصالات الحالية، ومداولات وقف التصعيد، ستمنع مثل هذه الاشتباكات، المتعمدة أو غير المتعمدة، من أن تتحول إلى مواجهة كبيرة. 

ومن المرجح أن تكون تركيا أول الأطراف الضالعة في أول حادث لإطلاق النار، حيث تعد هي الضامن الأمني ​​الرئيسي في إدلب التي يسيطر عليها المعارضون المسلحون في شمال غرب سوريا.

ومن المحتمل أن تشتبك القوات التركية مع قوات النظام السوري أو المستشارين الروس، أو فيلق القدس التابعة للحرس الثوري الإسلامي، وكلهم يريدون رؤية دمشق تستعيد السيطرة الكاملة على محافظة إدلب. وبعيدا عن تركيا، التي تتمتع بقدرة قتالية كبيرة على طول الحدود السورية، من الممكن وقوع اشتباكات بين (إسرائيل) وإيران، وبين الولايات المتحدة وإيران، وحتى بين واشنطن ودمشق.

وبسبب المخاطر الكامنة للتصعيد، ستضطر الحكومة السورية إلى قمع رغبتها في استعادة إدلب في هذا الربع، لاسيما وأن حلفاء دمشق من الروس والإيرانيين ينصحون بالحذر، لأنهم يرغبون في تجنب النشاط العسكري الذي يدفع القوات التركية إلى المعركة.

وحتى مع ذلك، فإن احتمال توجيه ضربات أمريكية ضد النظام السوري، ردا على استخدام الأسلحة الكيماوية، سوف يبقى قائما تماما مثل الضربات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية.

 وتزيد الغارات الجوية الإسرائيلية والأمريكية من احتمال الاشتباك دون قصد مع روسيا، لكن الوسائل الدبلوماسية الراسخة لوقف التصعيد ستساعد في التخفيف من الأضرار الجانبية، ومنع الأزمات العسكرية الكبرى من الاشتعال هذا الربع.

تركيا تكافح داخليا

وسوف يستخدم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا سياسات قومية لمحاولة تعزيز شرعيته السياسية الداخلية هذا الربع تزامنا مع إعادة انتخابات بلدية إسطنبول، ويمكن أن يأتي ذلك على حساب توتر العلاقات الخارجية لأنقرة، وتعريض البلاد لمخاطر اقتصادية طويلة الأجل.

وسوف يصوت سكان أكبر مدينة في تركيا وفي عقولهم الاقتصاد الهش في البلاد، الذي يتميز حاليا بعملة متقلبة، وعبء دين كبير، وتراجع في الاستهلاك، مما ينتقص من جاذبية حزب العدالة والتنمية.

ومع ذلك، سوف يبذل الحزب كل ما في وسعه لتحقيق الفوز. وسوف يساعد توسيع الحكومة لنطاق جهودها في التنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، ​​زيادة العمليات المسلحة المناهضة للأكراد في العراق وسوريا، في تأجيج الروح القومية في الداخل، حتى لو كانت هذه اللغة سوف تثير قلق حلفاء تركيا في الاتحاد الأوروبي.

وقبل الاجتماع الصيفي المحتمل بين الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" والرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، تحاول واشنطن وأنقرة إيجاد حلولا وسطا فيما يتعلق بسوريا، ومشتريات تركيا من نظام الدفاع الجوي الروسي "إس-400"، والعلاقات الاقتصادية التركية مع إيران.

وهناك عدد من المحفزات المحتملة التي ستؤثر على العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا خلال هذا الربع، بما في ذلك العقوبات الأمريكية المحتملة على الغاز الطبيعي، مصدر الطاقة الحيوي لأنقرة، والتزام تركيا بصفقة الـ "إس-400" مع روسيا وكذلك التزام حكومة "أردوغان" على المدى الطويل بالحفاظ على وجودها في سوريا.

الجيش تمسك بالسلطة في الجزائر

وتبحث السلطة القائمة في الجزائر عن قنوات جديدة للحوار السياسي مع المعارضة في هذا الربع لإرضاء حركة الاحتجاج الشجاعة التي تطالب بإصلاح سياسي شامل.

وعلى الرغم من أن الحكومة المدنية، المدعومة من الجيش، لن تسمح بالإصلاحات السياسية التي تهدد حصتها في السلطة ستكون هناك مناقشات مشروعة حول التعديلات الدستورية ودور منظمات المجتمع المدني في السياسة الحكومية على المدى الطويل.

وبعد استقالة الرئيس الجزائري "عبدالعزيز بوتفليقة" المفاجئة في أبريل/نيسان، استحوذ الجيش سلطات الرئاسة السابقة لنفسه، بما في ذلك السيطرة على الشرطة والاستخبارات.

ومع ذلك، تهدد الاضطرابات المدنية المستمرة قدرة قوات الأمن على الحفاظ على السلام، مما يحد من استعداد الجيش لتولي المزيد من السلطات السياسية.

وفي الوقت نفسه، فإن الاقتصاد الجزائري في حاجة ماسة إلى إدارة اقتصادية أكثر حكمة، مما يعني أن أي إعلان عن إصلاحات اقتصادية شعبوية قد تلبي المطالب الفورية للمتظاهرين سوف تقوض الجهود المستقبلية لتحقيق التوازن المالي والنمو الحقيقي.

ثم هناك مسألة انتهاء ولاية الرئيس المؤقت في 9 يوليو/تموز. ومع تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى، ستفشل الحكومة الجزائرية في معالجة الأزمات الاقتصادية، التي ستتصاعد على مدار الربع وهو ما سيؤدي إلى مزيد من الاحتجاجات والاضطرابات دون حل سياسي.

انتخابات جديدة في (إسرائيل)

وفي محاولة للبقاء في السلطة بعد انتخابات أخرى استنزف فيها رأسماله السياسي، سوف يتحمل رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" المخاطر ويدفع النظام السياسي الإسرائيلي إلى أقصى حدوده لضمان البقاء في السلطة.

وقد يؤدي هذا بدوره إلى اندلاع صراع بين (إسرائيل) وحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وبين (إسرائيل) وحزب الله، وبين (إسرائيل) وإيران. وسوف يضطر "نتنياهو" إلى إيجاد حلفاء على هامش الطيف السياسي الإسرائيلي لضمان النصر الانتخابي والتغلب على اتهامات الفساد التي تلاحقه.

وفي هذه الأثناء، سترد (إسرائيل) بشدة على أي تحركات قبل من حماس وحزب الله أو إيران. وإلى جانب تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، تزيد هذه العاصفة السياسية من خطر نشوب صراع كبير على حدود (إسرائيل) طوال هذا الربع.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية