استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ولا كلمة واحدة عن جرائم حرب

الأحد 20 يوليو 2014 01:07 ص

جدعون ليفي، هآرتس، 17/7/2014

أدلة من الواقع على أن اسرائيل أصبحت دولة شديدة اليمينية تكره النقد وتأباه.

 لنفرض أن كل شيء أصبح على هيئتهم وعلى صورتهم، ولنفرض أن الدولة صارت تبدو كما يريدون – إنني أشك كثيرا في أن يريدوا العيش فيها. وأنا أكتب "هم" لأنني لا أعرف كيف أُعرفهم، فلم يعد الامر منذ زمن أمر اليمين المتطرف والمعتدل فقط، ولا أمر الوسط واليسار – الوسط فقط، ولا أمر الجموع، بل صار الامر أمر الجميع تقريبا. إن روحا سيئة تغطي الآن الجميع تقريبا هي روح عصر اسرائيل الحقيقية في 2014. فاذا سيطرت سيطرة كاملة كما تبدو الامور الآن فلن يريدوا أن يعيشوا في اسرائيلهم الجديدة هذه التي هي من صنع أيديهم.

 لن تحتمل دولة اسرائيل الجديدة بعد الآن كل رأي شاذ وكل فكرة بديلة. ولن نذكر أفكارا دسائسية بل إن اثارة اسئلة يسألها قليلون ستُحظر حظرا باتا. سيتحدث الشعب في جوق، في جوق فقط موحد كجوق الجيش الاحمر. وسيتحدث الاعلام ايضا بصوت واحد متلو مباشرة من أوراق رسائل يمليها عليه متحدثو الحكومة والجيش.

 ليس كل ذلك حلما فقد اصبح هذا الكابوس حاضرا هنا. إنه مقولة "هدوء، يطلقون النار" في زمن الحرب وفي زمن الهدوء ايضا. وسيكون النقد محصورا في مجالات واضحة، فيجوز انتقاد الزحام في الفصول الدراسية وأسعار جبن الكوتج وأرباب المال وأسعار القهوة في مطار بن غوريون. ويجوز ايضا انتقاد المسرح والسينما، وكل ذلك في حدود الذوق الحسن بالطبع. وتباح تحقيقات عن رؤساء البلديات ومطربين أخفوا الضرائب وساسة أقالوا مساعدات بيوتهم، لكن لا كلمة عن جرائم حرب. وستكافح الصحف المقاتلة حوادث الطرق لكن من المعلوم أنها لن تكافح تعليمات اطلاق النار. ولا بأس في الحديث عن عائلات الجريمة، أما جرائم الاحتلال والمستوطنات والاستيطان فهي خارج المجال. وسيكون التنبؤ بحالة الجو حرا من كل رقابة.

 تتغير الصورة في زمن الحرب بالطبع: فالمدافع تهدر ولا يجوز الآن حتى القرقرة. ويجوز انتقاد الجيش وجهاز الامن لكن من جهة واحدة فقط: لماذا لم ندع الجيش الاسرائيلي ينتصر، ودعوه "ينهي العمل"؛ ويضربهم ضربا قويا ويقصفهم ويسحقهم أكثر ويحتل أكثر ويقطع الكهرباء ويقوي الحصار ويزيد القتل والألم والدمار بقدر المستطاع؛ وتعظيم بطولة الجنود وإكثار الحديث عن جرأة الطيارين. واعادة العرب الى العصر الحجري واعادة غزة الى العصور الوسطى. إن هذا يجوز. وقول إن هذا الجيش هو الأعظم اخلاقا في العالم ينبغي الاكثار منه بقدر المستطاع، أما الشك في ذلك فمحرم. ويجوز ايضا أن تُظهر نفسك بمظهر الضحية بلا تحديد. وأن يُنصب الجهل هدفا وطنيا، وأن تُخرَج صحيفة "هآرتس" خارج القانون.

 سيكون من المحرم في اسرائيل الجديدة وصف معاناة الطرف الآخر، ويُسمح في الاكثر بصور رورشاخ من غرفة الطيار دون وجه ودون دم. فأما الاشارة الخفية الى عدالته فتستتبع السجن؛ وأما العطف على ألمه فخيانة مقرونة بعقابها. وينبغي الى أن ينشأ حكم بالاعدام – وقد أصبح قادما – الحكم بالسجن المؤبد أو ربما بالرجم في الميدان العام كما تريد الأكثرية. وتريد الأكثرية ايضا احتلال غزة وضرب ايران، والتبول على القانون الدولي وطرد اعضاء الكنيست العرب وكل عرب اسرائيل وكل اليساريين. وسيكون مطلبهم، فاسرائيل الجديدة لن تشمئز من كل ذلك. وستصبح أكثر تدينا أيضا مثل دولة شريعة يهودية: فقد صارت توجد أدلة على حرب مقدسة في سبيل الله في غزة الآن. وستبقى اللوطية أمرا مباحا فهي صالحة للسياحة، لكن شتيمة "قطعة لوطي" ستتوج باعتبارها الشتيمة الرسمية. وسيصبح جهاز القضاء الجديد صادقا مع نفسه آخر الامر فيكون قانون لليهود وقانون آخر للعرب حتى في سفر القوانين لا في المحاكم فقط.

 ستصبح اسرائيل الجديدة منبوذة حقا في العالم. وستختفي تماما بقايا مشايعتها الاخيرة التي من جملة البواعث عليها اصوات المعارضة التي ما زالت تصدر منها. إن الامر صغير علينا، فامريكا في جيبنا وحتى إن لم تكن فليس ذلك فظيعا. ستصبح اسرائيل دولة حصار يهودي، يهودي تماما دون عرب ودون يساريين ودون صحف ودون نقد. فقولوا الآن بصدق هل تودون العيش فيها؟ لقد أصبحت موجودة هنا تقريبا.


 

 

 

  كلمات مفتاحية