ذا إنترسبت: ترامب يمنح بن سلمان حصانة من عواقب مقتل خاشقجي

الجمعة 21 يونيو 2019 11:06 ص

يوم الأربعاء الماضي، أصدرت الأمم المتحدة نتائج تحقيق دام 5 أشهر في مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي".

وباستخدام التسجيلات وأدلة الطب الشرعي من داخل قنصلية المملكة العربية السعودية في إسطنبول، حيث تم قتل "خاشقجي"، يعرض التقرير المؤلف من 100 صفحة تفاصيل اللحظات الأخيرة المروعة في حياة الصحفي. وأشار التقرير إلى أن "خاشقجي" قاوم أولا ضد قتلته، وبعد ذلك "تم حقنه بمهدئ، ثم خنقه باستخدام كيس بلاستيكي".

وتلقي مؤلفة التقرير، "أغنيس كالمارد"، المقررة الخاصة لوكالة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، بالذنب في جريمة القتل على السعودية، مع التشديد على "المسؤولية الفردية" لكثير من كبار المسؤولين.

وقال التقرير إن هناك "أدلة موثوق بها" على التورط المباشر لولي العهد السعودي "محمد بن سلمان". ووصف التقرير اغتيال "خاشقجي" بأنه "إعدام متعمد"، و"قتل خارج نطاق القضاء" تعد الدولة السعودية مسؤولة عنه بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان".

ودعت "كالمارد" الأمين العام للأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق جنائي دولي.

كما أشارت "كالمارد" إلى "النفي المستمر من قبل المملكة لمعرفتها بمكان خاشقجي"، و"تنظيف مسرح الجريمة" في أعقاب القتل، وافتقار المملكة للشفافية، وجهود التستر، وإعاقة إنفاذ القانون التركي، كأدلة على رغبة المملكة في عرقلة العدالة.

كما أعربت عن أسفها لمقاضاة السعودية "السرية" لـ 11 سعوديا يُعتقد أنهم مرتبطون بالجريمة، وأنهم تمت محاكمتهم بهدوء ودون الكشف عن هوياتهم داخل المملكة. ووفقا للتقرير، فشلت هذه الإجراءات السعودية في الوفاء بالمعايير الدولية، وبناء عليه، يجب تسليم مسؤولية التحقيق إلى المجتمع الدولي.

وعززت النتائج مصداقية الرأي العام، الذي حمل الحكومة السعودية بالفعل، و"بن سلمان" شخصيا، مسؤولية وفاة "خاشقجي". ومع زيادة عدد التفاصيل المؤكدة، يعكس التقرير أيضا إلى حد كبير استنتاجات مجتمع الاستخبارات الأمريكي، الذي أعلن بعد شهر من القتل أن "ولي العهد" أمر على الأرجح بقتل "خاشقجي".

وخصت "كالمارد" الولايات المتحدة، داعية البلاد إلى الاعتراف بواجباتها تجاه "خاشقجي" كمقيم قانوني في الولايات المتحدة، ما يجعلها مختصة بالتحقيق والملاحقة. كما طالبت الحكومة الأمريكية بتصحيح فشلها في تلبية طلبات الإفصاح عن المعلومات بموجب قوانين حرية المعلومات.

الحصانة الأمريكية

ورغم التفاصيل الموثقة للغاية في التقرير التي تقشعر منها الأبدان، فمن المرجح أن يستمر غض الطرف عن حجج "كالمارد" الواضحة. ومنذ بداية قضية "خاشقجي"، وضع الرئيس "دونالد ترامب" نفسه بقوة كمدافع عن الحكومة السعودية و"بن سلمان" على وجه الخصوص.

ونفى "ترامب" مرارا وتكرارا الاتهامات الموجهة إلى ولي العهد، ووصفه بأنه "حليف جيد جدا"، ورفض قبول نتائج مجتمع الاستخبارات. وبدلا من ذلك، طمأن الرياض في كتاباته وخطاباته على حد سواء، واستخدم حق النقض "الفيتو" للحفاظ على دعم الولايات المتحدة للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، واستخدم قانون الطوارئ لمتابعة صفقات الأسلحة الضخمة مع المملكة.

وواجه تأييد "ترامب" الواضح للنظام السعودي مستوى نادر من المعارضة بين الحزبين. ولكن حتى الآن، فقد فازت السلطة التنفيذية إلى حد كبير.

ودون توبيخ قوي من الولايات المتحدة، من غير المرجح أن تؤثر أي صرخة دولية على السلوك السعودي. وأثبتت الرياض، المحصنة من قبل الرئيس الأمريكي والتحالفات الاستراتيجية مع الإمارات و(إسرائيل)، أنها في مأمن طالما كانت الانتقادات من أي جهة أخرى غير الولايات المتحدة.

لكن هذه الانتقادات تصاعدت. ولأعوام، انتقد المجتمع الدولي الكارثة الإنسانية في اليمن، التي نتجت إلى حد كبير عن الحملات السعودية والأسلحة أمريكية الصنع. وأثار سجن "بن سلمان" وادعاءات تعذيب ناشطات حقوق الإنسان، مثل "لجين الهذلول" و"إيمان النفجان"، صيحات الرعب من الصحفيين والحكومات على حد سواء. وكان اغتيال "خاشقجي" قد أشعل غضبا عالميا. وحذرت العديد من الدول من تزايد الاعتداءات بين إيران والمملكة العربية السعودية، التي أذكاها ودعمها صقور الولايات المتحدة مثل "جون بولتون".

ومع ذلك، فقد تبع كل دورة من الاحتجاجات أعمال تحدٍ من جانب ولي العهد، الذي ضيع وقتا قصيرا بعد قضية "خاشقجي" للبدء في إعادة تأهيل صورته.

وفي هذا الجهد، عملت الولايات المتحدة كحليف مخلص، وكثيرا ما كانت تتصرف مباشرة وفق أجندة "بن سلمان". وكان هذا واضحا في تقرير تم نشره قبل يوم واحد من تقرير "كالمارد" وجاء فيه أن وزير الخارجية "مايك بومبيو" منع الخبراء في وزارة الخارجية الأمريكية من إدراج المملكة في قائمة الأنظمة التي تستخدم الأطفال كجنود.

ولا يتناقض إنكار "بومبيو" مع اختصاصييه فحسب، بل يتناقض مع العديد من التقارير الأخرى عن استخدام المملكة للمقاتلين السودانيين دون السن القانونية في اليمن. وكان ذلك مجرد علامة أخرى على أن إدارة "ترامب" مستعدة للتغاضي عمدا عن مخاوف حقوق الإنسان لصالح اهتمامها الاستراتيجي بالهيمنة السعودية.

وتعد تداعيات هذا النمط خطيرة. ومع وجهات "بن سلمان" العنيفة، تتخذ المملكة مواقف عدوانية منطقة تعاني بالفعل من الصراع. وتزيد المواجهات الأخيرة بين الحوثيين والرياض من اشتعال الأمور في اليمن، مما يؤدي إلى تفاقم أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وأثارت المواجهات في الخليج خطابا معاديا لإيران في الخليج العربي والولايات المتحدة على حد سواء يقترب الآن من درجة الحمى.

وفي الوقت نفسه، تسير المحاكم السعودية في طريقها إلى تسجيل عدد قياسي من عمليات الإعدام، بينما يظل عشرات من ناشطي حقوق الإنسان والمدنيين الآخرين في السجن. ومع ارتفاع المخاطر باستمرار، وحقيقة أنه من المرجح أن يتم تجاهل نداء "كالمارد" من أجل العدالة، فمن المحتمل أن يرتفع عدد الجثث باستمرار في عهد "بن سلمان".

المصدر | سارة عزيزا - ذا إنترسبت

  كلمات مفتاحية