استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ندرة البضائع مثل فيضها

الأحد 4 أغسطس 2019 06:29 م

ندرة البضائع مثل فيضها

لا شكوى من الندرة هذه المرة، فالمعروض فائض لكن الناس لا يملكون أن يشتروه.

ما أكثر البضائع الفاخرة الأنيقة، الجذابة في فاترينات العرض بالمجمعات التجارية فتشدّ الناس لكنهم يتراجعون بمجرد معرفة أسعارها.

«ضغوط الاستهلاك» تظهر معاناة شرائح واسعة ترى مظاهر البذخ الاستهلاكي لكنها مضطرة لـ«قمع» طموحاتها الاستهلاكية.

*     *     *

في المرحلة الانتقالية التي عاشها الاتحاد السوفياتي السابق وهو ينازع سكرات الموت، ظهرت طبقة جديدة من الأثرياء الآتين من الجهاز البيروقراطي الحاكم نفسه الذين تمكنوا من الاستحواذ على المال العام، فباعوا المصانع والأراضي المملوكة للدولة التي وجدوا أياديهم حرة طليقة في التصرف بها لحظة ترنح هذه الدولة أو حتى غيابها.

وفي الوقت الذي كانت فيه المحالّ التي تبيع المواد الغذائية بأسعار مدعومة من الدولة خالية أو شبه خالية من تلك المواد، توفرت في أيادي أولئك الأثرياء الجدد، الذين كانوا بمثابة عصابات «مافيا» بالمعنى الدقيق للكلمة، سيولة مالية دوّخت عقولهم، فلم يكونوا يحلمون يوماً بها، وفجأة غزت البلاد البضائع الأجنبية غير المعهود توفّرها من قبلُ.

الناس الذين كانوا يقفون في الطوابير الطويلة الممتدة التي يستغرق الوقوف فيها ساعات طويلة، في صقيع البرد الروسي القارس، من أجل شراء البضائع، بما فيها مستلزمات الحياة اليومية، وجدوا أنفسهم فجأة أمام فائض من البضائع بمختلف أنواعها، بما فيها المأكولات والمشروبات.

لم يعد هناك من نقصٍ. كل ما يخطر على البال متوفر. أنواع مختلفة من الجبن ومن الفواكه المستوردة والمشروبات، والملابس بتصاميمها الرائجة في الغرب والإلكترونيات والهواتف.. إلخ.

كان عددُ الناظرين إلى تلك البضائع والمتفرجين عليها باندهاشٍ كبيراً، لكن عدد من يشترونها قليل، إن لم يكن نادراً. ليس لأنها لا تعجبهم، وإنما لأنهم بمنتهى البساطة لا يملكون الأموال لشرائها بالنظر لأسعارها المرتفعة قياساً للأسعار التي اعتادوها من قبل.

نفس البشر الذين كانوا يقفون في الطوابير الطويلة لشراء السلع بسبب ندرتها قياساً لعدد السكان الكبير، فلا يتمكنون من شرائها لأنها تنفد قبل أن يبلغوا دورهم، لم يعودوا قادرين على شراء السلع لسبب نقيض تماماً، وهو ارتفاع أسعارها. لا شكوى من الندرة هذه المرة، فالمعروض فائض، ولكن الناس لا يملكون أن يشتروه.

ليست تلك ظاهرة خاصة بتلك الفترة من تاريخ البلد، وليست أيضاً ظاهرة خاصة بروسيا وحدها. إنها ظاهرة تجدها في كل مكان.

ما أكثر البضائع الفاخرة، الأنيقة، الجذابة التي نراها في فاترينات العرض في المحالّ والمجمعات التجارية، فتشدّ الناس إليها لكنهم يتراجعون بمجرد معرفة أسعارها.

الدكتور أحمد أبو زيد في كتابه «خطاب الحياة اليومية»، يتحدث عما وصفه بـ«ضغوط الاستهلاك»، واصفاً معاناة شرائح واسعة من الناس ترى مظاهر عديدة للبذخ الاستهلاكي، وتتعرض لمؤثرات الإعلانات، لكنها مضطرة لـ«قمع» طموحاتها الاستهلاكية؛ لأنها لا تملك اللازم من المال.

* د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين

 

المصدر | الخليج – الشارقة

  كلمات مفتاحية