كيف تحول الإنتربول إلى سلاح في يد الأنظمة القمعية؟

السبت 17 أغسطس 2019 08:25 م

بينما يلعب الإنتربول دورًا مهمًا في مكافحة الجريمة المنظمة الدولية، يزعم بعض المراقبين أن إساءة استخدام أنظمته يمكن أن يؤدي إلى تحويل المنظمة إلى أداة للأنظمة الاستبدادية.

ويعد الإنتربول الوكالة الشركية الرائدة في العالم حيث تسمح شبكاتها لقوات الشرطة من الدول الأعضاء البالغ عددها 190 دولة بالتعاون وتبادل البيانات في نضالها الجماعي ضد الجريمة المنظمة. ويفخر الإنتربول بأنه محايد، وتمنع المادة 3 من دستوره الوكالة من الانخراط في أي نشاط ذي طبيعة سياسية أو دينية أو عنصرية. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، واجهت الوكالة المزيد من الانتقادات لتوسيع نطاق خدماتها للأنظمة الاستبدادية، لا سيما من خلال إصدارها للإشعارات الحمراء وإشعارات الانتشار.

ويعد إشعار الإنتربول الأحمر أشبه بمذكرة التوقيف الدولية. ومن مقره في ليون بفرنسا، يقوم الإنتربول بتوزيع هذه الإشعارات على الدول الأعضاء، مع ذكر الأشخاص المطلوبين للتسليم. ويعد إشعار الانتشار، الذي يحمل وزنًا أقل، بمثابة تنبيه دولي يخطر سلطات إنفاذ القانون في بلد ما بأن سلطات بلد آخر تسعى إلى القبض على فرد ما.

ويمكن لأي دولة عضو طلب إصدار إشعار أحمر. وعادة ما يتم تقديم هذه الطلبات من قبل المكتب المركزي الوطني (NCB) في الدولة العضو. وبينما يمكن الحفاظ على سرية أي قضية أثناء المراجعة، يتم نشر بعض الإشعارات الحمراء على موقع الإنتربول الإلكتروني. في العديد من الحالات، لا يدرك الأفراد تمامًا أن الإنتربول قد نشر معلومات عنهم حتى يتم استجوابهم أو احتجازهم على الحدود.

إساءة الاستخدام

وتتهم العديد من الدول، مثل روسيا والصين ودول الخليج بإساءة استخدام الإنتربول" حيث تستخدم الدول إشعارات الشرطة الدولية لتتبع وتخويف واعتقال أولئك الذين يهددون مصالحها مثل المنشقين السياسيين. وفي بعض الحالات، يتم إلقاء القبض على أشخاص مدرجين في الإشعارات الحمراء بسبب تورطهم المزعوم في جرائم خطيرة مثل الإرهاب، ولكن يتم إطلاق سراحهم لاحقًا عند فحص الأدلة.

ويوظف الإنتربول فرقة عمل في مقره لتصفية طلبات الإشعارات الحمراء الزائفة ذات الدوافع السياسية. ومع ذلك، غالبًا ما تحدث هذه العملية بعد وقت طويل من تقديم الطلب، وغالبًا ما يتم الطعن في الإشعار من قِبل الشخص المستهدف.

ومن الأمثلة على ذلك "بيني ويندا"، زعيم حملة الاستقلال في بابوا الغربية، الذي إدرج في إشعار أحمر بناءً على طلب إندونيسيا. وبعد أن طعن "ويندا"في الإشعار، تم إلغاؤه. وأقر الإنتربول بأن القضية كانت ذات دوافع سياسية في المقام الأول.

يقول "جاغو راسل" المدير التنفيذي في مؤسسة "Fair Trials International"، إن مشكلة " إساءة استخدام الإنتربول" واسعة الانتشار. ويضيف "راسل": "لقد سمح الإنتربول للأنظمة القمعية في جميع أنحاء العالم باستخدامه لتصدير اضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمعارضين السياسيين".

ومثل الكثيرين، يشدد "راسل" على أن التغيير المؤسسي ضروري لإنقاذ سمعة الانتربول قائلا: "على الإنتربول أن يعتاد على قول لا للدول الأعضاء. يجب أن يعتاد على إخبار البلدان الأعضاء أنه "لا يمكن استخدام أنظمة الإنتربول في هذا النوع من الحالات ذات الدوافع السياسية."

هناك معايير لإصدار إشعارات حمراء وإلغاء أهليتها. ومع ذلك ، كما تشرح "رادا ستيرلنغ" الرئيس التنفيذي لشركة "محتجزون في دبي" قائلة: "نحن نرى في كثير من الأحيان إشعارات حمراء تصدر دون تلبية المعايير حيث تعتقل دبي عشرات الحالات كل عام بسبب الإشعارات الحمراء الصادرة بناءً على طلب الإمارات وقطر ودول الخليج الأخرى، في قضايا تتعلق بالابتزاز المالي والديون وهي قضايا تنص لائحة الإنتربول على عدم دخولها تحت طائلة الإشارات الحمراء".

وفقًا لـ"محتجزون في دبي"، غالبًا ما تبلغ دول الخليج عن حالات إلى الإنتربول بسبب مخالفات بسيطة، أو حتى نزاعات مدنية. ويمكن أن تشمل هذه الأمور قضايا الشيكات أو التخلف عن دفع بعض الفواتير. وفي حين أن الدول الديمقراطية غالباً ما ترفض التصرف بناءً على الإشعارات الحمراء الصادرة نيابة عن الحكومات الاستبدادية، فمن المعروف أن تلك الحكومات تستخدم قواعد بيانات الإنتربول لتتبع المستهدفين لحين دخولهم في نطاق ولاية دول استبدادية صديقة. تقول "ستيرلنغ": "ما نراه هو إنشاء نوع من العلاقة الاستبدادية العابرة للحدود".

دعوات الإصلاح

يطالب عدد متزايد من الأصوات بإصلاح الإنتربول، خاصة فيما يتعلق بسياساته حول فحص الإشعارات. ويجادل البعض بأن إساءة استخدام النظام يجب أن يرد عليه بتعليق العضوية في الوكالة. ويجادل آخرون بأن الدول التي تمارس انتهاكات موثقة لحقوق الإنسان على نطاق واسع والبلدان التي من المحتمل أن يؤدي تسليم الأشخاص لها إلى اضطهادهم أو تعذيبهم أو وفاتهم يجب أن تمنع مباشرة من استخدام خدمات الإنتربول.

وتبقى المشكلة الرئيسية الأخرى هي أن الوضع القانوني المعقد للإنتربول يجعل من شبه المستحيل على الأفراد مقاضاة المنظمة. ويتفق الكثيرون على أن على الإنتربول فعل المزيد للتدقيق في طلبات الإدراج، سواء من خلال إصلاح سياساته أو تطبيق الإجراءات الحالية بشكل أكثر صرامة.

تقول "ستيرلنغ": "من العبث أن يتقدم الأشخاص المدرجون في القائمة عن طريق الخطأ بطلبات للإنتربول لإزالة أسمائهم من قوائم الإشعارات". وتضيف: "يقع على عاتق الإنتربول مسؤولية ضمان التقيد بقواعده الخاصة في إصدار الإشعارات الحمراء وإشعارات النشر".

وفي مؤتمر عام 2017، وافق الإنتربول على مناقشة إصلاح هذه القضايا بالذات، لكن الصحافة مُنعت من الاطلاع على المناقشات. وعندما تم السؤال عن الفترة الزمنية التي يستغرقها الأفراد للطعن في الإشعارات الصادرة ضدهم، قالت "نينا فاجيتش" رئيسة لجنة مراقبة ملفات الانتربول: "القاعدة الجديدة هي أن العملية يجب أن تتم في غضون 9 أشهر. ومع ذلك، هناك فقرة تمنح المنظمة حق تمديد هذا الحد الزمني". وأضافت: "لن يتغير الوضع في المستقبل كثيرًا لأن الوكالة ستضطر دائمًا إلى الاعتماد على تعاون الدول الأعضاء، لأنه وفقًا لمبدأ السيادة الوطنية تعد الدول القومية هي المالكة لتلك البيانات". لذلك يبدو أن قدرة الإنتربول على منع إساءة استخدام الدول لسلطاته لا تزال بحاجة ماسة إلى التحسين.

المصدر | إنسايد أرابيا

  كلمات مفتاحية