استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أهداف الحلفاء وأحداث عدن

الاثنين 19 أغسطس 2019 01:16 م

  • أبوظبي حققت أهدافها الاستراتيجية بضربة واحدة في اليمن. لكن لماذا لم تخش أبوظبي ردة فعل سعودية؟
  • وجود دولة جنوبية في اليمن يدين قادتها بالولاء لأبوظبي يمثل أهمية استراتيجية تتجاوز التحالف مع الرياض.
  • علاقة أبوظبي بالرياض كانت متوترة قبل 2010 ومشروع أبوظبي بالمنطقة لا يتحمل قيادة سعودية له.
  • طرفا التحالف ليسا بحالة اتفاق فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة فهل يستمر التحالف في اليمن بشكله الحالي؟
  • أبوظبي هدفها فصل الجنوب للسيطرة على خطوط الملاحة البحرية وتسعى لتهدئة الرياض وإقصاء إخوان اليمن.
  • انقلاب وضع ميليشيات الإمارات في قصر الحكم وسحب السلاح من الشرعية وطرد الشماليين ليشرعن الانقلاب على الشرعية.

*     *     *

أثارت أحداث عدن الأخيرة الكثير من التساؤلات حول طبيعة واستمرارية التحالف بين الرياض وأبوظبي خاصة في ملف اليمن، وبعيداً عن التصريحات الرسمية والزيارات المتبادلة بات واضحاً أن طرفي التحالف ليسا في حالة اتفاق على الأقل فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة، فهل يستمر التحالف في اليمن بشكله الحالي؟

للإجابة على السؤال أعلاه لابد من الوقوف أولاً على أهداف كل طرف في اليمن، فرغم أن الأهداف المعلنة للطرفين متوافقة إلا أن قراءة سلوك الطرفين تدل على أن هناك أهدافاً أخرى يحتفظ بها كل طرف لنفسه.

بالنسبة للسعودية الوجود في اليمن يسعى لتحقيق أمرين رئيسيين:

- الأول هو دفع التوغل الإيراني في المساحة الاستراتيجية السعودية، منذ اليوم الأول لنظام الثورة في إيران وحتى قبل ذلك كان واضحاً أن الدولتين تتحركان في ذات المساحة الاستراتيجية ويمكن قراءة ذلك في أحداث الحرب العراقية الإيرانية ابتداء.

ومن ثم أحداث لبنان ثم غزو العراق، لكن الدخول في اليمن كان يشكل خطورة خاصة للسعودية التي طالما اعتبرت اليمن حديقتها الخلفية، وكانت القيادة السعودية الجديدة تريد إثبات جديتها في رد التقدم الإيراني.

- الأمر الثاني الذي تسعى السعودية لتحقيقه هو تأكيد وجودها في اليمن الأمر الذي تراجع مع الربيع العربي، ورغم أن المبادرة الخليجية أعادت الرياض إلى المشهد إلا أن ما تلى ذلك أكد أن قدرتها على فرض نظام سياسي جديد موالٍ لها محدودة.

أما أبوظبي فتبدو أهدافها غامضة للوهلة الأولى ولكن الحرص الإماراتي على فصل الجنوب يشير بوضوح إلى تلك الأهداف:

- أولاً لدى أبوظبي مشروع واضح للسيطرة على خطوط الملاحة البحرية فبالإضافة لموقع دبي الاستراتيجي في تلك الخطوط تسعى أبوظبي إلى إيجاد موطئ قدم في المضائق المختلفة.

وذلك بإضعاف الموانئ الاستراتيجية الأخرى من خلال إدارتها وتحجيمها أو التعاون مع الأطراف السياسية التي تديرها للتحكم فيها كما هو الحال في القرن الأفريقي ودعم أبوظبي لـ"أرض الصومال" الانفصالية أو حتى في باكستان وغيرها. والموانئ اليمنية بطبيعة الحال تحتل أهمية خاصة لمن يريد التحكم في مضيق باب المندب.

- الأمر الآخر مرتبط بنظرة بعيدة المدى للعلاقة مع الرياض. فرغم الحديث الدائم حول العلاقة الأبدية بين الرياض وأبوظبي إلا أن أي متابع لتطورات الأحداث في المنطقة يعرف أن العلاقة كانت متوترة ما قبل 2010 على أكثر من صعيد، وفي الحقيقة أن مشروع أبوظبي في المنطقة لا يتحمل وجود قيادة سعودية له.

وبالتالي فوجود دولة جنوبية في اليمن يدين قادتها بالولاء لأبوظبي يمثل أهمية استراتيجية تتجاوز مرحلة التحالف الظرفي مع الرياض. ووجود إماراتي عسكري بالإضافة إلى نظام سياسي يدين بالولاء لها هناك يشكل أداة مهمة لترجيح كفة أبوظبي في أي مواجهة مقبلة مع الرياض تكون فيها منهكة بعد مغامراتها الحالية.

إذن ماذا حدث في عدن؟

باختصار بات واضحاً أن تأخير تحقيق إنجازات أو تغيير على الأرض لم يعد مقبولاً في أبوظبي أولاً بسبب الاستنزاف المستمر الذي يمثله وجودها هناك وثانياً التهديد العسكري الإيراني المستمر ويتزايد مع تراجع أمريكي عن مواجهة إيران إضافة إلى أنه بدأت تلوح في الأفق معالم حل سياسي لن يكون بالضرورة تحت سيطرة أبوظبي.

وعليه كان أولاً تقليص الوجود العسكري للإمارات هناك مع تجهيز الميليشيات الموالية لها ثم إثارة الفوضى في عدن في انقلاب مباشر على الشرعية.

هذا الانقلاب بكل بساطة وضع القوى المدعومة إماراتياً في قصر الحكم وأمضى أيامه الأولى في سحب السلاح من مناوئيه التابعين للشرعية ثم اعتقال قياداتهم ثم تأسيس حالة جديدة على الأرض يكون الخطاب الذي يشرعنها هو طرد «الشماليين» من الجنوب.

هكذا تكون أبوظبي حققت أهدافها الاستراتيجية بضربة واحدة وانتقلت من مرحلة إلى أخرى في علاقتها بقضية اليمن لكن لماذا لم تخش أبوظبي ردة فعل سعودية؟

راهنت أبوظبي في حراكها في عدن على أمرين:

- أولا هو طبيعة القرار السعودي التي تتسم بالبطء والارتباك وبالتالي يمكن تغيير الواقع على الأرض ثم الالتفات للرياض وتعديل بعض الإجراءات كما تريد مع الإبقاء على الوضع القائم هناك. لذلك سمعنا تصريحات من المجلس الانتقالي فور الدعوة السعودية للحوار ووقف إطلاق النار تفيد بانصياع كامل لأوامر الرياض ولكن ذلك لم يتحقق على الأرض،

 - ثانيا أن أبوظبي تعلم أن خيارات الرياض محدودة وخاصة في ظل زيادة الضغط الدولي سواء بسبب انتهاكات حقوق الإنسان وخاصة مقتل خاشقجي أو المطالبات بإيقاف حرب اليمن، حيث باتت أبوظبي الحليف الحقيقي الوحيد للرياض.

الخيار الإماراتي بحسم الأمر في عدن كان رهاناً خطراً ولكن يبدو حتى اللحظة أنها نجحت فيه، سينصب عمل أبوظبي الآن على تهدئة الرياض وإقصاء الإخوان في اليمن وتأسيس كيان سياسي ليس بالضرورة متماسكاً ولكن قوي بما فيه الكفاية لبسط سيطرتها في الجنوب.

  • د. ماجد محمد الأنصاري - أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة قطر

المصدر | الشرق القطرية

  كلمات مفتاحية