استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الدولة السعودية الرابعة .. تحديات صعبة وملفات شائكة

الخميس 25 يونيو 2015 06:06 ص

خلال استقباله مسؤولين عن مكافحة الفساد في مكتبه في قصر السلام في جدّة في 3 حزيران/يونيو الحالي، قال العاهل السعوديّ الملك سلمان بن عبد العزيز: «يستطيع أيّ مواطن أن يرفع قضيّة على الملك أو وليّ عهده أو أيّ فرد من أفراد الأسرة المالكة». ودلّل على كلامه بمقاضاة مواطن لوالده المؤسّس الملك عبد العزيز أمام قاضي الرياض حينها سعد بن عتيق.

وبصرف النظر عن إمكان تكرار مثل تلك الحادثة التي وقعت في عام 1928 مرّة أخرى، فإنّ رواية الملك سلمان لمثل تلك القصص التاريخيّة وربطها بمحيطها الدينيّ، يراد منهما التأكيد على استمرار الحكم السعوديّ على منهجه المحافظ ومتانة علاقته بالمؤسّسة السلفيّة، كما يحملان دلالة غير مباشرة على أنّ الملك سلمان ما زال يحتفظ بذاكرة قويّة.

وبحسب حديث أحد الحاضرين طلب عدم الاشارة لاسمه إلى «المونيتور»، فإنّ حديث الملك عن الدولة السعوديّة بمراحلها السياسيّة الثلاث، بدءاً بالسعوديّة الأولى التي أسّسها محمّد بن سعود في عام 1744، مرورا بالسعودية الثانية التي أسسها تركي بن عبدالله عام 1824 وصولاً إلى فترة حكم سلمان بن عبد العزيز التي تمثّل كما يبدو خاتمة السعوديّة الثالثة، يحمل إشارة إلى أنّ الانتقال إلى السعوديّة الرابعة أصبح واقعاً بعدما أعاد الملك سلمان بن عبد العزيز ترتيب مؤسّسة الحكم كما يراها، وإلى أنّ السلطة أصبحت فعليّاً في يدّ أحفاد مؤسس المملكة العربية السعودية.

ورغم أنّ عمليّة انتقال السلطة بعد وفاة الملك عبدالله تمّت بطريقة هادئة وتقليديّة كما كان متوقّعاً، إلّا أنّ القرارات والتغييرات الملكيّة السريعة والقويّة التي اتّخذها الملك سلمان فور اعتلائه العرش عكست وجود إرادة ملكيّة في إصلاح ما أفسده رئيس الديوان الملكيّ السابق خالد التويجري على المستويين الداخليّ في توتير علاقة الديوان الملكيّ مع الأمراء والمؤسسة السلفية، والخارجيّ بانتهاجه سياسة عدائيّة ضدّ حركات الإسلام السياسيّ السنيّة، مما أتاح الفرصة أمام الحركات الشيعيّة للانتشار وفرض سيطرتها لصالح النفوذ الإيرانيّ.

وعليه، يعتبر كثير من السعوديّين قرار «عاصفة الحزم» التي بدأت قبيل فجر 26 آذار/مارس الحاليّ ضدّ المليشيات الحوثيّة من أهمّ القرارات التي اتّخذها الملك سلمان بن عبد العزيز منذ اعتلائه عرش المملكة العربيّة السعوديّة في 23 كانون الثاني/يناير 2015. ولذلك، حظي القرار العسكريّ بدعم وتأييد شعبيّ واسعي النطاق وصلا في بداية الحملة الجويّة إلى حدّ النشوة، إلّا أنّه بدأ يفقد بريقه الشعبيّ مع مرور الوقت وازدياد التكاليف.

وبعكس قرار الحرب الذي يعتبر حدثاً استثنائيّاً في السياسة السعوديّة، تعتبر قرارات التعيينات في المناصب والإعفاء منها حدثاً عاديّاً لا يلفت انتباه المواطن السعوديّ كثيراً عند سماعها أو قراءتها في وسائل الإعلام المحليّة. وعادة ما ترتبط التغيّرات المهمّة في المملكة العربيّة السعوديّة بوجود شخص الملك، وتفقد أهميّتها أو تغيب بغيابه.

ومن أهمّ التغيّرات الجديدة المرتبطة بوجود الملك سلمان بن عبد العزيز المحافظ سياسيّاً، استحداث مجلس الشؤون السياسيّة والأمنيّة في 29 يناير 2015 برئاسة محمّد بن نايف الذي يوحي وجوده في رأس السلطة بالثقة، للداخل السعوديّ والخارج الغربيّ، وهو يعتبر أوّل الأحفاد المنخرطين في تسلسل ولاية العهد بعد إعفاء عمّه مقرن بن عبد العزيز في نيسان/أبريل الفائت، وأوّل ملوك الدولة السعوديّة الرابعة مستقبلاً كما هو متوقّع، ويعتبر الضمان الوحيد لاستمرار محمد بن سلمان في ولاية العهد مستقبلا.

هذا إضافة إلى استحداث مجلس الشؤون الاقتصاديّة والتنمية في 29 يناير 2015 برئاسة محمّد بن سلمان، وهو أصغر أمير ومسؤول يدير أكبر العمليّات الماليّة الرسمية في منطقة الشرق الأوسط، وربّما العالم من خلال وزارة الدفاع السعوديّ بميزانيّتها الضخمة، إضافة إلى العائدات النفطيّة ومخصّصات مشاريع وبرامج التنمية والإعمار في السعوديّة التي أصبحت تحت تصرّفه من خلال ترأّسه مجلس الشؤون الاقتصاديّة والتنمية.

هذان المجلسان، إضافة إلى إلغائهما كل ما سبق إنشاؤه والتخطيط له في عهد الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز، سيسيطران على القرار السعوديّ في كلّ المجالات.

لقد فهم السعوديّون المتعاطفون مع جماعة الإخوان المسلمين أنّ ثمّة تغيّراً جدّياً قد حصل في إدارة الرياض لملفّ حركات الإسلام السياسيّ السنّي كجماعة الإخوان المسلمين في مصر وحزب الإصلاح في اليمن وحماس في غزة حزب النهضة في تونس والدول الداعمة لها مثل تركيا وقطر، والتي لا تشكّل تهديداً فعليّاً لأمن السعوديّة، وذلك من خلال اختيار محمّد بن نايف لزيارة العاصمة القطريّة الدوحة في 10 فبراير 2015 في زيارته الخارجيّة الأولى بعد تعيينه وليّاً لوليّ العهد السعوديّ، إضافة إلى زيارته الثانية إلى تركيا حيث يتواجد كثير من الإسلاميّين.

وأخيراً، جاءت زيارة محمّد بن سلمان في 12 يونيو 2015 إلى قطر لتؤكّد هذا التوجّه الجديد.

ويعني ذلك أنّ التنسيق مع أبو ظبي من خلال اللجنة العليا التي أنشئت في أيّار/مايو 2014 في ملفّ الإسلام السياسيّ تحديداً، أصبح من الماضي. ولذلك، تتّجه الرياض إلى استعادة دورها القياديّ -بعيداً عن أبو ظبي- في تحرّك إقليميّ لتنقية الأجواء وتوحيد الصفوف التي أشار إليها الملك سلمان بن عبد العزيز في خطابه الأخير في 10 آذار/مارس 2015، ولن يستثنى تنظيم الإخوان أو الدول المتعاطفة معه من عمليّة المصالحة المنتظرة.

وعلى الرغم ممّا تبدو عليه الأوضاع من استقرار داخليّ في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، وعلى الرغم من غياب المنافس أو المعارض الداخليّ لحكم آل سعود حتّى الآن، إلّا أنّ طريق الحكم في السعوديّة الرابعة لا يبدو أنّه سيكون ممهّداً ولا مشرقاً أمام الأحفاد. فالأزمات الأمنيّة والعسكريّة على الحدود الشماليّة والجنوبيّة، والعجز الماليّ في الميزانيّة العامّة الذي يبدو أنّه أخذ في النموّ نتيجة تراجع أسعار النفط والتجاوزات الكبيرة في المصاريف العامّة، والتأخّر في تنفيذ الإصلاح السياسيّ، تشكّل كلّها ملفّات شائكة يتحتّم على قيادة السعوديّة الرابعة مواجهتها.

إلّا أنّ التحدّي الخطير الذي سيواجهه ملك المملكة العربيّة السعوديّة الرابعة يكمن في مدى قدرته على إرضاء أو احتواء عشرات وربما مئات الأمراء واغلبهم من الأحفاد الشباب ممن لديهم طموحات سياسية ومادية، إضافة إلى غياب آلية أو دستور صريح ومتفق عليه داخل الأسرة المالكة ينظم عملية انتقال السلطة واختيار ولاية العهد خاصة بعد أن تم تجاوز صلاحيات هيئة البيعة وتجاوز التراتبية العمرية المتعارف عليها بين أبناء المؤسس الملك عبدالعزيز، كما ورد في اعتراضات بعض أعضاء هيئة البيعة عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ مثل طلال بن عبد العزيز (أخ الملك سلمان)، والأمير سعود بن سيف النصر (حفيد الملك سعود بن عبدالعزيز).

  كلمات مفتاحية

السعودية الفساد الملك سلمان

المملكة الجديدة: التحول المتناقض للمملكة العربية السعودية

«أتلانتيك كاونسل»: محاولة فهم عملية انتقال القيادة في المملكة العربية السعودية

ماذا يريد السعوديون من «محمد بن سلمان»؟

«فورين بوليسي»: الملك «سلمان» رجل محافظ في عجلة من أمره

«فورين بوليسي»: «سلمان» يواجه تحديات هبوط النفط وإيران و«الدولة الإسلامية»