استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«بياريتس».. آخر قمة عادية لـ«السبع»

الخميس 29 أغسطس 2019 08:59 م

«بياريتس».. آخر قمة عادية لـ«السبع»

جاء ترامب مؤتمر بياريتس عاقداً العزم على عدم إثارة خلاف جسيم يتسبب بانفراط المجموعة، أو تجميد نشاطها.

موقف أوروبا متماسك ضد ضغوط أمريكا لإثارة الخلافات حول إيران داخل أوروبا واليابان معها، بل وجونسون أيضاً.

هل هي نهاية عمل وصلاحية نظام اقتصادي عالمي متهالك خططت له الولايات المتحدة ثم صاغته وقادته؟

ظهر على سطح العلاقات الدولية أن أمريكا ونخبتها السياسية الحاكمة لم تعد محل ثقة الدول الصناعية الأخرى!

*     *     *

انعقدت في بياريتس، في أقصى جنوب غربي فرنسا، القمة الدورية لمجموعة الدول الصناعية السبع، ومن ناحيتي لم أتوقع أن يحل مؤتمر هذا العام قضية من القضايا المطروحة على موائد الحوار الدولي، وأسبابي كثيرة.

أولها، وأهمها أن أغلب الزعماء ذهبوا إلى المؤتمر وهم واثقون من أن الرئيس الأمريكي سوف يفسد المؤتمر، كما سبق وفعل في جميع المؤتمرات الدولية. هذا الرئيس مشهود له بالإصرار المتعمد على إحباط أي عمل دولي يستند إلى التعددية.

أقرأ عنه مبالغات عدة، وأتابع استخدامه الواثق من كفاءة الفوضى غير المنظمة على إحباط مساعي حلفاء الوضع القائم. الوضع القائم، كما وجده الرئيس ترامب، وضع يخدم مصالح أطراف كثيرة، ولا يضمن لأمريكا بالضرورة «حقها» في أن تحصل على كل ما تريد، ولو على حساب الحلفاء، والشركاء. أمريكا أولاً.

قبل ركوبه الطائرة التي كانت ستقله إلى الطائرة الرئاسية، رفع الرئيس ترامب رأسه نحو السماء للحظة طالت. قال صحفيون حضروا هذا المشهد إن الرئيس أراد أن يقول لهم إنه مبعوث السماء، هو الرجل المختار، إلى مهمة مقدسة جديدة!

سواء كان الرئيس يسخر من الصحفيين، أو من المؤتمر الذي يستعد للسفر إليه، أو كان حقاً يعتقد أنه الرجل المختار، أمر ليس مكان مناقشته هنا، يبقى أن الثابت لدينا هو أن الرئيس الأمريكي لم يجنِ لأمريكا من هذا المؤتمر إلا مزيداً من العزلة عن حلفائها الطبيعيين.

الثابت أيضاً أنه فشل في تحقيق كثير من توقعاته، وخططه. أذكر منها على سبيل المثال ما يلي:

أولًا: كان الظن أن بوريس جونسون سند، وحليف، يعوضه عن حلفاء يكرهون أمريكا، فإذا بجونسون يرتب لمزايا تخفف من وطأة الخروج من الاتحاد الأوروبي، ولو أتت على حساب التحالف المطلق كسابق العهد بين أمريكا وبريطانيا.

ثانياً: كان الفشل واضحاً في محاولات ترامب كسر وحدة الأوروبيين حول المسألة الإيرانية، ما دفعه إلى الخروج عن معتاده مع الصين ليعلن تراجعاً من جانبه في إجراءات الحرب التجارية، والسكوت عن دعوة فرنسا لظريف.

ثالثاً: لم يحصل على ما يريد في شأن دعوة روسيا للمشاركة في المؤتمر المقبل. أغلب الظن أن ترامب لن يهدأ له بال في هذا الموضوع. ترامب في أمس الحاجة لدعم روسي آخر في الانتخابات المقبلة أسوة بدورها في الانتخابات الماضية، وروسيا جاهزة.

رابعاً: راهن رئيس البرازيل، الابن اللاتيني لترامب، كما يطلقون عليه في أمريكا اللاتينية، على أن فرنسا لن تحصل على تأييد المجموعة للرئيس ماكرون في موقفه من قضية حرائق الأمازون.

الثابت هنا أيضاً أن الرئيس ترامب لم يتمكن من تغيير موقف ماكرون، ولا من تأمين دعم مناسب للرئيس البرازيلي المتمرد على أوروبا، واتفاقية المناخ. ترامب لديه أسبابه الداخلية والإقليمية التي تجعله يشجع البرازيل على التمادي في عنادها في موضوع حرائق الغابات ومواجهة أوروبا.

خامساً: مهما قيل في قصة وصول جواد ظريف إلى مطار بياريتس، يبقى حقيقياً وملموساً الموقف الأوروبي المتماسك ضد مختلف الضغوط الأمريكية بهدف إثارة الخلافات حول الموضوع داخل المجموعة الأوروبية، واليابان معها، بل وجونسون أيضاً.

مرة أخرى تؤكد أوروبا أنها لن تسلم نفسها طواعية لقيادة أمريكية مشكوك في كفاءتها القيادية. أتطلع بشغف لمتابعة تصرفات أوروبا خلال عام بدأ بالفعل صباح يوم كتابة هذه السطور، هو العام الذي يتحمل فيه الرئيس ترامب بنفسه الإعداد للدورة المقبلة لهذه القمة.

أتصور أن المؤتمر المقبل، إن عُقد فعلاً في الولايات المتحدة، وبدقة أقوى في فلوريدا، وعلى أرض ومنشآت يملكها الرئيس دونالد ترامب، وإن استمرت خلال هذا العام مظاهر ومؤشرات على حلول لحظة النهاية..

وأقصد نهاية عمل وصلاحية النظام الاقتصادي العالمي المتهالك الذي خططت له الولايات المتحدة، ثم صاغته وقادته، وكذلك إن ظهر على سطح العلاقات الدولية ما يعزز القناعة بأن الولايات المتحدة بإمكاناتها الراهنة ونوعية نخبتها السياسية، خاصة الحاكمة لم تعد محل اطمئنان وثقة الدول الصناعية الأخرى!

وإذا لم تستعد له أوروبا واليابان بمشروع لنظام جديد، وإن لم تحضره الصين، أو حضرت تحت الحصار، فسيكون انعقاده إيذاناً بفوضى لم يشهد العالم مثيلاً لها من قبل.

أوحت بعض تصرفات الرئيس ترامب خلال مؤتمر بياريتس بأن الرجل جاء إلى المؤتمر عاقداً العزم على عدم إثارة خلاف جسيم يتسبب بانفراط المجموعة، أو تجميد نشاطها.

لم يلب توقعات أغلب المراقبين، بل ترك المؤتمر يعمل، ولكن في نطاق الحدود الدنيا. أما الحدود القصوى فمجالها المؤتمر المقبل في فلوريدا تحت قيادة الرئيس ترامب، وتخطيطه، وفي زخم حملته لإعادة انتخابه رئيساً لأمريكا.

* جميل مطر كاتب ومفكر مصري مهتم بالشؤون الدولية والعولمة والإصلاح والتحول الديمقراطي.

المصدر | الشروق المصرية

  كلمات مفتاحية