بلومبرغ: السعودية توظف المؤثرين على إنستغرام لتحسين صورتها

السبت 7 سبتمبر 2019 04:54 م

قد لا تبدو مدوِّنة السفر "آجي لال" الشقراء البيضاء التي أكسبتها الشمس سمرة والمقيمة في لوس أنجلوس، أكثر الأشخاص مناسبة للترويج للسعودية، ومع ذلك، فقد كانت في ربيع هذا العام تشارك التحديثات مع أكثر من 800 ألف متابع على إنستاجرام أثناء استكشافها للآثار السعودية القديمة ومرحها في صحراء المملكة الشاسعة.

بالنسبة لـ "لال" البالغة من العمر 31 عامًا، كانت تلك فرصة نادرة لرؤية بلد لا يشبه مكاناً آخر في العالم دون تكبد أي نفقات للرحلة. وكانت هذه ميزة كبيرة حظيت بها "لال" مع آخرين من "المؤثرين"، الذين يكسبون عيشهم بفضل كثرة متابعيهم على وسائل التواصل الاجتماعي. وبالنسبة للمملكة الإسلامية، كان ذلك دعاية مفيدة وفي الوقت المناسب، في الوقت الذي عانت فيه البلاد للحفاظ على الأصدقاء بعد الاحتجاج الدولي على جريمة الاغتيال الرهيبة التي تعرض لها الكاتب الصحفي "جمال خاشقجي" العام الماضي.

الأمير ومؤثري إنستغرام

وكان ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" يسعى لزيادة انفتاح المملكة على العالم قبل مقتل "خاشقجي". والآن تستعين السعودية بخدمات المؤثرين العالميين على وسائل التواصل الاجتماعي مثل "لال" للمساعدة في نشر أجواء أكثر إيجابية حول المملكة في الوقت الذي تسعى فيه البلاد لتجاوز موجة السخط العالمي بسبب جريمة قتل "خاشجقي".

وتم ترتيب جولة "لال" التي استمرت 10 أيام بواسطة برنامج "Gateway KSA" وهو برنامج سياحي بدأ في تقديم الجولات قبل عامين ويتم تمويله من قبل الشركات السعودية، ويشرف عليه رئيس المخابرات السعودية السابق الأمير "تركي الفيصل"، الذي قضى فترة قصيرة كسفير سعودي لدى الولايات المتحدة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول.

وخفف الأمير "محمد بن سلمان" من القيود الاجتماعية في السعودية ودعم الفعاليات الترفيهية بما في ذلك حفل موسيقي لـ"ديفيد جوتا" في مهرجان لسباق السيارات حضره أيضًا العديد من المؤثرين، لكن القادم أكبر بكثير، حيث تخطط المملكة لإصدار تأشيرات سياحية لأول مرة في وقت لاحق من هذا الشهر.

لكن ولي العهد - الحاكم الفعلي للبلاد - شن في الوقت نفسه حملة على المعارضين، وصعد الحرب في اليمن، وقوّض سمعة البلاد - التي تم صقلها بعناية منذ هجمات 11 سبتمبر/ أيلول - كشريك فعال للحلفاء الغربيين.

يقول الأمير "تركي الفيصل| عن ضيوف برنامج "Gateway KSA": "ما نقدمه لهؤلاء الشباب هو الجانب الآخر لقصة السعودية الذي لا ترويه الصحافو. لدينا الكثير مما يجب فعله في المملكة للتأثير على رأي الآخرين".

ما بعد خاشقجي

يقول "بن فريمان"، مدير "مبادرة الشفافية حول التأثيرات الخارجية"، التي تتعقب جهود جماعات الضغط في واشنطن إن جهود البرنامج "تُظهر أن السعوديين يتطلعون إلى ما هو أبعد من مجرد الضغط وشركات العلاقات العامة لجعل الكفة تميل لصالحهم في الغرب"، فبعد أن تضررت جهود المملكة لإعادة تسويق نفسها بسبب مقتل "خاشقجي"، "من المنطقي تمامًا لهم أن يتبعوا طرقًا بديلة للتأثير في الرأي العام"، على حد قوله.

وتعرض ولي العهد السعودي لانتقادات قاسية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بعد اغتيال "خاشقجي" وتقطيعه على أيدي عملاء في القنصلية السعودية في إسطنبول. ونفت الحكومة السعودية بشدة أن يكون ولي العهد قد لعب دورا في عملية القتل. ويقول "فريمان" إنه منذ الاغتيال، تم وصم شركات العلاقات العامة التي تمثل السعودية في واشنطن. وقام المسؤولون التنفيذيون الأجانب الذين كانوا على علاقة بولي العهد بقطع علاقاتهم معه أو إلغاء زيارتهم للمملكة، على الرغم من أن الكثيرين منهم يتبعون المصرفيين الدوليين الآن مرة أخرى إلى البلاد.

ولم يكن من الممكن تخيل برنامج مثل "Gateway KSA" في السعودية قبل خمس سنوات، عندما كانت الشرطة الدينية تجوب الشوارع. لكن المملكة تبدو اليوم حريصة على استخدام وسائل التواصل الاجتماعية لإظهار جانب أكثر ليونة.

تأسيس برنامج المؤثرين

في الواقع، فإن ما يوفره برنامج "Gateway" للمؤثرين يعد مذهلا بالمعايير السعودية. ففي بلد يمكن أن يواجه فيه النساء والرجال غير المتزوجين خطر الاعتقال، أحضرت إحدى زائرات السعودية هذا العام، وهي متسابقة سابقة في أحد برامج تلفزيون الواقع، أحضرت صديقها وقاما بالتسكع معا تحت نجوم الليل. والتقطت "لال" الصور مع رجل لا يرتدي قميصا خارجيا في الصحراء بصحبة سيف أمامها.

وجاؤت فكرة برنامج المؤثرين مع قيام المؤثرة الهولندية الأسترالية "نيليك فان زاندفورت كيسبل" بزيارة المملكة للعمل حيث. رأت فرصة لإظهار جانب آخر من البلاد وقامت باقتراح الأمر على الأمير "تركي الفيضل" عندما التقيا في فعالية في جامعة جورج تاون. وزار وفد البرنامج الأول، وهم مجموعة من الطلاب من جامعة هارفارد، المملكة عام 2018.

واليوم، قام أكثر من 200 شخص بزيارة المملكة عن طريق البرنامج حتى الآن، وينقسم الضيوف غالبا إلى فئتين هما طلاب الجامعات ومؤثرو وسائل التواصل الاجتماعي، ويتم تغطية جميع تكاليفهم، غير أنهم لا يتلقون أي بدلات أخرى.

ولا يملك برنامج المؤثرين - في الظاهر - أي علاقة تنظيمية مباشرة مع الحكومة، على الرغم من أن رعاة البرنامج هم شركة الاتصالات السعودية الخاضعة لسيطرة الدولة، وشركة الصناعات الأساسية السعودية، والخطوط الجوية السعودية. وقالت "كيسبل": "ليس الأمر أنني مؤيدة للسعودية بشكل خاص أو لدي أجندة سياسية. أعتقد أن الطريقة التي نظهر بها البلد تعد دقيقة وعادلة للغاية."

تعزيز للقوة الناعمة

لكن هذا البرنامح يتناسب بشكل جيد مع إستراتيجية الحكومة لإعادة تأهيل صورة المملكة العربية السعودية. وتركز الحكومة على توسيع القوة الناعمة اللسعودية لمواجهة منافسيها مثل تركيا. ويلجأ المسؤولون إلى التودد للفنانين السعوديين أو الضغط عليهم للمساعدة كما قاموا بضخ ملايين الدولارات في الضغط على السياسيين واستضافة حفلات البوب، ويلعب المؤثرون دورًا رئيسيًا في نشر هذه الرسالة.

وبينما تلقت "لال" هجوماً من بعض متابعيها على نشاطها "الدعائي"، إلا أن آخرين أبدوا إعجابهم بالزيارة. ونشرت "لال" قصصًا عن رحلتها، بما في ذلك كيف تعثرت في القواعد المتعلقة بالفصل بين الجنسين عن طريق الدخول بطريق الخطأ إلى الجانب الخاص بالرجال في مقهى ستاربكس. وتذكر "لال" أنها طرحت موضوع مقتل "خاشقجي" مع السعوديين الذين قابلتهم، وأنهم أخبروها أنهم ليسوا فخورين بما فعلته حكومتهم، كما تقول.

من جانيه، يقول الأمير "تركي الفيصل" إن الانتقادات القاسية في وسائل الإعلام ليست بالأمر الجديد على السعودية. لكن زوار برنامج "Gateway KSA" أحرار في قول ما يريدون حول رحلتهم، مضيفاً: "إنها ليست ممارسة دعائية، ولكنها ببساطة عملية تواصل بين البشر والثقافات".

المصدر | بلومبرغ

  كلمات مفتاحية