استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

دوافع التطرف... من الشرق إلى الغرب

الثلاثاء 17 سبتمبر 2019 05:44 م

دوافع التطرف... من الشرق إلى الغرب

التطرف العنيف أصبح مشكلة العالم كله وينبغي سبر أغوار هذه الظاهرة.

التعرف على الأسباب والدوافع هو الخطوة الأولى نحو علاج المشكلة.

ما الدوافع التي تجعل إيذاء الآخر أمرًا مقبولا أو خدمة لفكرة أو توجه؟

التحول نحو العنف تجسيدا لأفكار متطرفة عملية معقدة تبدأ بالانغلاق على الذات ونبذ الآخر أو غياب شبكة أمان اجتماعي.

إذا كان التطرف استجابة لضغوط اقتصادية وغياب الحكم الرشيد فلماذا يظهر التطرف العنفي بمجتمعات ديموقراطية مزدهرة؟

*     *     *

مع تزايد اعتداءات عنفية في العالم بين تلك التي تحركها الأيديولوجيا وتنظمها جماعات مسلحة وتلك التي يرتكبها أشخاص غير أسوياء فكرياً أو عقلياً بلا منطق أو هدف يتبادر السؤال الأهم إلى أذهان الساسة والباحثين، ما هي الدوافع التي تجعل من إيذاء الآخر أمراً مقبولاً بل وخدمة لفكرة أو توجه ما؟

لا شك أن الدوافع تختلف من شخص لآخر ومن قضية لأخرى ومن مكان لآخر ولكن هناك حالة إنسانية عامة تتجه بالإنسان نحو العنف، وهنا لا نتحدث عن ذلك العنف الذي هو نتاج قرار سياسي بخوض حرب أو عقابًا مباشرا لجريمة ما، بل نتحدث عن العنف الذي يرتكبه شخص ضد أبرياء إما لهدف سياسي أو فكري.

دراسة هذا النوع من العنف مهمة لأن التعرف على الأسباب والدوافع هو الخطوة الأولى نحو علاج المشكلة، ولهذا السبب أقمنا من خلال معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية بجامعة قطر مؤتمراً دولياً لدراسة أسباب التطرف شارك فيه أكثر من 100 باحث من أكثر من 20 دولة، وفي جلسات المؤتمر وخلال أحاديث أروقته تبادل الحضور تفسيراتهم ونتائج أبحاثهم وتجاربهم الميدانية.

في الحقيقة ولد المؤتمر تساؤلات أكثر مما أفرز أجوبة، فبينما حاول بعض المشاركين إلصاق التطرف بالمنطقة العربية الإسلامية لم ينجحوا في تبرير وجود التطرف القادم من الغرب سواء كان أبيض نحو غير البيض أو غربيين من بيئات منفتحة ينضمون لجماعات مسلحة في المشرق.

وحين حاول آخرون تبرير التطرف باعتباره استجابة لضغوط اقتصادية وغياب الحكم الرشيد فقط، فشلوا في تفسير ظهور التطرف العنيف في مجتمعات ديموقراطية مزدهرة.

ومع عرض التجارب المختلفة البحثية منها والسياساتية تبين أن المشكلة أعمق بكثير من تفسير واحد أو نظرة ضيقة نحو دين أو فكر أو عرق، فالتحول نحو العنف لتجسيد الأفكار المتطرفة هو عملية معقدة قد تبدأ بالانغلاق على الذات أو المجموعة ونبذ الآخر.

وقد يكون غياب شبكة الأمان الاجتماعية التي تحمي من الانسياق خلف فكرة العنف داعماً للتحول أو ربما وجود نظام مؤسسي يولد الإحساس بالنقص والظلم واليأس وفي تلك المستويات المختلفة نجد ظروفاً داعمة للتحول نحو التطرف العنيف.

لكن وكما هو مشاهد لا يتحول ذلك بالضرورة إلى العنف، هناك الكثير من المنغلقين الذين يعيشون بمفردهم في مجتمعات متأزمة ولا يحملون سلاحاً يهاجمون فيه الأبرياء، وهنا تأتي أهمية أن نفهم وبغض النظر عن السياق أو مع اعتباره عاملاً محيداً ما هو الذي يميز تلك الفئة التي تختار العنف.

انطلاقاً من التساؤلات أعلاه أطلق المؤتمر مبادرة مهمة في إطار فهم الظاهرة، وهي المؤشر العالمي لقابلية التطرف العنيف، هذا المؤشر سيقوم بدراسة ميدانية مسحية لأكثر من 10 مجتمعات عبر العالم للتعرف على الأسباب التي تزيد من القابلية للتطرف العنيف.

وفي ختام المؤتمر وقع ممثلون لأكثر من 13 مؤسسة بحثية وسياساتية على الإعلام المشترك الذي يطلق أعمال المؤشر والذي نتمنى أن ترى نتائجه النور في سبتمبر القادم.

مثل هذ المبادرات تؤكد الموقف القطري من قضايا التطرف والإرهاب وهو ضرورة التعامل مع جذور المشكلة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وليس التعامل الأمني القمعي فقط والذي يفاقم غالباً من المشكلة على المدى الطويل.

التطرف العنيف اليوم لم يعد مشكلتنا أو مشكلتهم بل أصبح مشكلتنا جميعاً وعلينا في هذا العالم مجتمعين أن نسبر أغوار هذه الظاهرة سواءً تجلت على شكل إرهاب أبيض في نيوزيلندا وإلباسو أو من خلال جماعات كداعش أو عصابات الهندوس المتطرفين.

* د. ماجد محمد الأنصاري أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة قطر

المصدر | الشرق القطرية

  كلمات مفتاحية