استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

محلل إسرائيلي يكتب لمعاريف: يجب تفكيك القنبلة القطرية الآن

الأربعاء 23 يوليو 2014 10:07 ص

إيلي أفيدار، معاريف 22/7/2014

ملخص: إذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تسترجع مكانتها في المنطقة فان الخطوة الاولى يجب أن تكون حل المشكلة القطرية. لقد حان الوقت لوضع عقود النفط والغاز جانبا (للقاعدة العسكرية توجد بدائل). القنبلة القطرية يجب تفكيكها الآن.

في ظل الانباء القاسية أول أمس وقعت حادثة دبلوماسية على نحو ظاهر: بالذات عندما وصل أبو مازن والأمين العام بان كي مون الى الدوحة للعمل على وقف النار، قال مصدر قطري كبير لوكالة "رويترز" إن الإمارة "لن تمارس الضغط على حماس" كي تلطف حدة مطالبها وتوافق على وقف النار. هذا التصريح، الذي أوضح عدم اهتمام قطر بوقف القتال كان مجرد تعبير آخر على المكانة الجديدة للإمارة كأحدى الجهات المتطرفة والاستفزازية في الشرق الاوسط.

قطر هي اليوم محرك عدم الاستقرار الإقليمي، سواء من خلال الملايين التي تسكبها على مجموعات متطرفة أم ببث "الجزيرة". والازمة المالية، التي تدفع فيها قطر حماس إلى تعميق القتال هي مجرد طرف الجبل الجليدي. من كانت ذات مرة دولة معتدلة وجهتها نحو الغرب، اصبحت بقيادة الامير تميم بن حمد آل ثاني قنبلة موقوتة. آل ثاني الذي صعد الى الحكم قبل سنة فقط، هجر سياسة التوازنات التي انتهجها أبوه، وباسم الاسلام يستثمر مال الامارة الهائل في تنمية محافل تسعى الى اشعال الشرق الاوسط كله. واذا ما حاكمنا الامور حسب أحداث الاسابيع الاخيرة، فان خطته تتقدم على نحو جيد.

بوليصة تأمين أمريكية

على خلفية القتال في غزة يبدأون في إسرائيل بالاستيقاظ على التحدي القطري. أما في الادارة الامريكية بالمقابل فلا يزالون نائمين. إدارة أوباما تعمل منذ سنين في خلاف مع دينامية الشرق الاوسط. تراهن على اللاعبين غير الصحيحين. تخون حلفائها، تترك لمصيرهم محمييها وتحمي المحافل الهدامة. قطر، كما ينبغي الفهم، هي مرعية وربيبة أمريكا. ومن خلف العلاقة الغريبة تقف، مثلما هو الحال دوما، مصالح اقتصادية وعسكرية خاصة.

إن تاريخ الفصل الحالي في علاقات الولايات المتحدة – قطر بدأ في 1955 عندما أطاح الأمير حمد بن خليفة آل ثاني بأبيه واستولى على الحكم في الامارة. بن خليفة، الذي خاف من ثورة مضادة بدعم من السعودية وباقي دول الخليج، سارع الى الأذرع الامريكية، أعلن لهم الولاء التام ولم يمتنع عن الطرفين المتطرفين: قد أقام علاقات مع اسرائيل وسمح لنا باقامة ممثلية في الدوحة العاصمة، ومول اقامة القاعدة الأمريكية العوديد، غربي الدوحة، بمبلغ خيالي يصل الى 2 مليار دولار (هذه هي القاعدة الامريكية الوحيدة خارج حدود الولايات المتحدة والتي لم يمول الأمريكيون اقامتها).

لقد كان التواجد الأمريكي ولا يزال بوليصة تأمين للحكم القطري ولضمان الا يغزو نطاقها جيرانها فيسقطوا حكمها. عند مراجعة السلوك القطري، ينبغي أن نتذكر بان كل يوم يبقى فيه الحكم في الدوحة هو بفضل واشنطن.

إلى جانب بوليصة التأمين العسكرية، اشترت قطر لنفسها سلاحا هجوميا خاصا في شكل شبكة "الجزيرة". وكانت "الجزيرة" خليطا من التطرف الديني، التآمر السياسي والمقاييس الصحفية الشرعية، ولا سيما بمستويات العالم العربي. ويكفي الاشارة الى أنه لغرض اقامة الشبكة اشترت قطر معظم عاملي الـ"بي.بي.سي" بالعربية، كي نفهم لماذا تعتبر "الجزيرة" هيئة اعلامية جدية في العديد من الدول الغربية.

من لم تنطلي عليها هذه المناورة أبدا هي دول الخليج. وهي تمنع حتى اليوم شبكة الاخبار القطرية من فتح مكاتب لها في نطاقها. ومؤخرا، بدأت مصر ايضا تقيد عمل "الجزيرة" بل وحكم على صحفيين من الشبكة بالسجن.

وبالتوازي مع إقامة "الجزيرة" وتوثيق التحالف العسكري مع الولايات المتحدة، منح الامير حمد بن خليفة الشركات الامريكية عقود تنمية واستخراج للنفط والغاز، رسخت الدعم الامريكي لنظامه. وفي عهد حمد عرفت قطر بفضل "سياسة التوازنات": العلاقات مع اسرائيل الى جانب دعم حماس؛ الرعاية الامريكية والعلاقات مع طالبان؛ عضوية في مجلس التعاون الخليجي الى جانب علاقات تقارب مع العدو رقم واحد – ايران.

لقد جعل هذا النهج قطر احدى الدول الاكثر كرها لدى زعماء العرب. فمصر مبارك مقتت القيادة القطرية، وسوريا الاسد الاب ايدت محاولة الانقلاب لمؤيدي الامير المخلوع. وكانت "الجزيرة" ولا تزال الداعمية الاكثر حماسة لحركة الاخوان المسلمين في مصر وليس صدفة ان الداعية المتطرف في العالم السني، يوسف القرضاوي، يتواجد في قطر منذ الستينيات. وسنعود لاحقا للقرضاوي.

لقد ساعد الدعم القطري للجهات والانظمة المتطرفة للعالم الاسلامي النظام لتسويغ علاقاته الوثيقة مع الغرب في نظر الجماهير العربية. والا كيف يمكن شرح حقيقة أن مصر تهاجم في كل يوم على علاقتها المركبة مع واشنطن، بينما في قطر يتجول الجنود الامريكيون ومن اراضيها اديرت حرب الخليج – ناهيك على المليارات من المال الاسلامي الذي سكب على شراء المونديال وعلى فرق كرة قدم اوروبية – ومع ذلك فان القاهرة هي التي تعتبر العميلة وليس الدوحة.

غير أنه قبل سنة صعد الى الحكم تميم بن حمد آل ثاني ووضع حدا للتوازنات. من الان فصاعدا الاتجاه القطري كان واحدا ووحيدا.

لا معنى للتوازنات

خلافا لابيه، فان تميم بن حمد آل ثاني هو مسلم متزمت. ويصفه عارفوه أنفسهم بأنه متطرف. وكان قضى صباه في حملات في ارجاء افريقيا سعى فيها الى ادخال سكان القارة الوثنيين الى الاسلام. والمرجعية الروحانية المركزية في حياته هو الشيخ المتطرف القرضاوي.

بتأثير القرضاوي، لا يرى آل ثاني الكثير من المعنى في التوازنات. فهو مؤيد متحمس للاخوان المسلمين، مؤيد متحمس لحماس، وهو مستعد لان يصطدم بمصر عندما تمنع هذه تحويل الاموال من قطار الى القطاع. وفي الايام التي كانت فيها ايران ايضا منقطعة الاتصال بحماس بسبب تأييد الأخيرة للمعارضة السورية، بقيت قطر هي الممولة الوحيدة لحماس، والتي تتواجد قيادتها في الدوحة.

لا تستهدف المساعدة القطرية لغزة بناء البنى التحتية وأجهزة التعلم، بل لتمويل الاحتياجات الارهابية الصرفة. ومنذ الان تندم اسرائيل على ادخال كميات هائلة من الاسمنت الى القطاع كانت لها حاجة مزعومة لاعادة البناء وتنمية غزة، بينما استخدمت عمليا لتحصين الانفاق الهجومية الخاصة بحماس. كما ان قطر هي المصدر الاساس للرواتب ولميزانية مشتريات الذراع العسكري لحماس.

كي نفهم كم دفعت قطر بمواقف حماس الى التطرف، يكفي ان نراجع سلوك المندوبة  الايرانية في غزة – منظمة الجهاد الاسلامي. فالجهاد، التي اعتبرت ذات مرة منظمة متطرفة أكثر، اصبحت هي شبه الراشد المسؤول في غزة، التي تطرح مواقف اكثر برغماتية من حماس وتقبل الوساطة المصرية. وقرر رئيس الجهاد الاسلامي علنا بان على مصر أن تقود الجهد للوصول الى وقف النار. اما حماس، بالهام من قطر، فتعارض.

من يسمح بهذا التطرف هي الولايات المتحدة. فقطر لا تزال متعلقة ببوليصة التأمين الامريكية. ولكن في واشنطن يجدون صعوبة في فهم التقلبات في الشرق الاوسط، بل وأكثر من ذلك يجدون صعوبة في الرد عليها كما ينبغي وفي الوقت المناسب. والنتيجة هي التآكل المستمر في المكانة الامريكية في المنطقة.

لقد كشف مصدر مصري النقاب أول أمس عن أن وزير الخارجية الامريكي جون كيري ألغى زيارة اخرى كان سيجريها الى القاهرة واشار الى أن هذه هي المرة الاولى في غضون أقل من اسبوع يؤجل فيها كيري زيارة مخطط لها في اللحظة الاخيرة. امريكا، التي فقدت المرساة المصرية، سعت لان تكون ذات صلة في الازمة الحالية، ولكن  احدا غير حماس لا يحتاج خدماتها. ووقف النار يوجد في الملعب المصري، وليس في الدوحة أو في أنقرة. ويبدو في هذه الاثناء أن السيسي غير معني بدور امريكي في الازمة، حتى وان كان كيري في النهاية سيصل الى المنطقة. ويمكن ان نرى في ذلك جزء من مسيرة اعادة تربية يجريها لواشنطن منذ أن اطاح بمرسي.

اذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تسترجع مكانتها في المنطقة فان الخطوة الاولى يجب أن تكون حل المشكلة القطرية. لقد حان الوقت لوضع عقود النفط والغاز جانبا (للقاعدة العسكرية توجد بدائل). قطر ليست الامارة اللطيفة التي اشترت باريس سان جيرمان أو قميص برشلونا، بل عاصمة ارهاب وتآمر. الدوحة هي المحرك خلف الهجمات على الحلفاء الحقيقيين للولايات المتحدة في المنطقة.

السعودية، الكويت، اتحاد الامارات والبحرين أعلنت منذ الان عن قطر كدولة تعرض أمنها للخطر. ويدعي المطلعون من الخليج بانه لن يبعد اليوم الذي تفقد فيه السعودية صبرها وتبعث الى قطر بلواء من الجنود مثلما فعلت مع البحرين، رغم احتجاجات واشنطن. في حينه ستقف الولايات المتحدة امام معضلة حقيقية، ولكن هذا قد يكون متأخرا. القنبلة القطرية يجب تفكيكها الان.

  كلمات مفتاحية