أظهرت تصريحات دفن قيادات «الإخوان المسلمين» الذين تمت تصفيتهم، ظهر أمس الأربعاء، بمدينة السادس من أكتوبر في مصر، أنهم تعرضوا للتعذيب قبل قتلهم بالرصاص الحي.
وأوضحت تصريحات الدفن الصادرة من مشرحة زينهم، وجود تهتكات وكسور بالعظام في أجساد قيادات «الإخوان»، كما بينت وجود آثار حبر على أصابع بعض الضحايا، وأثبتت تعرض الدكتور «طاهر أحمد إسماعيل» لأكثر من طلقة في الرأس والبطن والرئتين والظهر.
كما بينت تهتكات بالأحشاء وكسور بالعظام في جثة الدكتور «هشام خفاجي» زوج البرلمانية السابقة «هدي غنية»، وأظهرت تهتك بالأحشاء وكدمات في جثة البرلماني السابق والمحامي «ناصر الحافي».
وفي ذات السياق أوضحت تصريحات الدفن والصور المتداولة على موقع التواصل الاجتماعي وجود آثار للفيش والتشبيه في أصابع عدد من القيادات المعلن تصفيتهم، الأمر الذي ينفي الرواية الأمنية عن قتلهم في تبادل لإطلاق النار بشقة في مدينة السادس من أكتوبر.
هذا وقد أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر أمس الأربعاء أن قوات الأمن قامت بتصفية قيادات بالجماعة داخل أحد المنازل بمدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة.
وذكر بيان للجماعة أن قوات الأمن قامت بالتحفظ على قياديها داخل منزل صباح أمس بمدينة السادس من أكتوبر ثم قامت بتصفيتهم بدم بارد دون تحقيقات أو توجيه اتهامات.
وذكرت مصادر بالجماعة أن عدد القتلى بلغ 13 من قيادات وكوادر الجماعة تواجدوا داخل المنزل.
واستنكرت الجماعة في بيانها، إقدام السلطات على تلك العملية، موضحة أن الأفراد الذين تمت تصفيتهم يمثلون لجنة الدعم القانوني والحقوقي والنفسي للمضارين من أسر ضحايا الجماعة ومعتقليها.
ودعا البيان المصريين لرفض هذه الممارسات قائلا: «فلتخرجوا ثائرين مدافعين عن وطنكم وأرواحكم وأبنائكم، فهذا السفاح يرتكب الآن أكبر مجزرة في حق هذا الوطن، فلتبيدوا حكمه المغتصب، ولتهدموا قلاع ظلمه وبطشه، وتستعيدوا مصر من جديد».
يشار إلى أن من بين القيادات التي تم تصفيتها «عبدالفتاح محمد إبراهيم»، مسؤول لجنة دعم أسر المعتقلين والشهداء بالجماعة، والبرلماني السابق والمحامي «ناصر الحافي» مسؤول اللجنة القانونية بالجماعة وآخرين.
ردود متباينة للحادث
وقد تباينت ردود الأفعال على حادثة تصفية 13 من قيادات جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، كما أثارت حالة من الجدل في الأوساط السياسية.
وتضاربت الروايات حول الحادث، فحسب بيان لوزارة الداخلية المصرية، فقد اقتحمت قوات الشرطة وكرا كان يختبئ فيه «عناصر إرهابية»، فبادروا بإطلاق النار على الشرطة التي ردت عليهم، مما أدى إلى سقوط تسعة قتلى.
وزعمت الوزارة أن الحادث وقع عندما كانت تلك القيادات في منزل بمنطقة 6 أكتوبر غربي القاهرة، من بينهم عضو مجلس النواب السابق «ناصر الحافي».
غير أن جماعة «الإخوان» نفت وقوع أي اشتباكات بين قياداتها وقوات الأمن، مؤكدة أن جميع الضحايا وهم أعضاء اللجنة المركزية لدعم أسر الشهداء والمصابين كانوا عزلا.
وأشارت مصادر داخل الجماعة إلى أن قوات الأمن اعتقلت بعض القيادات المشاركة في الاجتماع وأجبرتها تحت التعذيب على الاعتراف بمكانه، قبل أن تقتحم الشقة وتقتل من بداخلها بدم بارد.
وجاءت حادثة التصفية هذه بعد يوم واحد من وعيد الرئيس «عبدالفتاح السيسي» بتنفيذ أحكام الإعدام بحق قيادات «الإخوان»، بعد مقتل النائب العام المصري «هشام بركات بانفجار سيارة ملغومة بالقاهرة الإثنين الماضي.
من جهته، أكد المتحدث الإعلامي باسم جماعة «الإخوان المسلمين»، «محمد منتصر» أن «اغتيال خيرة رجال مصر، يدفع بالأوضاع إلى منحنى شديد الخطورة ويفخخ المشهد بالكامل، ويضع العالم أجمع أمام مسؤوليته تجاه ما تنجرف إليه الدولة المصرية بتخطيط من (السفاح) عبدالفتاح السيسي».
وقال موجها حديثه لأنصار الجماعة في بيان رسمي «لقد وصل هذا الظالم إلى مبلغ ظلمه، فلتخرجوا ثائرين مدافعين عن وطنكم وأرواحكم وأبنائكم، فهذا السفاح يرتكب الآن أكبر مجزرة في حق هذا الوطن، فلتبيدوا حكمه المغتصب، ولتهدموا قلاع ظلمه وبطشه، وتستعيدوا مصر من جديد».
وشدد على أن النظام يتحمل المسؤولية عن التطورات السلبية التي تشهدها الساحة المصرية، متهما «السيسي» بالتأسيس لمرحلة جديدة لا يمكن معها السيطرة على غضب القطاعات المظلومة المقهورة التي لن تقبل أن تموت في بيوتها وسط أهلها، على حد قوله.
في المقابل أشاد عضو حركة 30 يونيو «هشام حسين» بتصفية قوات الأمن لعدد من قيادات الإخوان ووصفها بالخطوة الجريئة، معتبرا ذلك «ردا حاسما على مشاركة الجماعة في اغتيال النائب العام».
وطالب بضرورة تسديد ضربات أمنية استباقية لما وصفها بـ«أوكار هذه الجماعات التكفيرية»، ومحاصرتهم في كل أماكن تواجدهم حتى يمكن القضاء عليهم، مناشدا أبناء مصر التعاون مع أجهزة الأمن للقضاء على هؤلاء «الإرهابيين» الذين يستهدفون إسقاط مصر.
ووصف الجماعة بأنها «ليست عدوا عاديا، فهي مدعومة من المخابرات الغربية من أجل تفتيت المنطقة، لذلك ليس أمامنا سوى خيار واحد إما أن تقضي الدولة عليهم أو يقضي الإخوان على الدولة».
من جانبه حذر الباحث والمحلل السياسي «أسامة نورالدين» من دخول مصر مرحلة خطيرة من العنف والعنف المضاد، في ظل إصرار النظام على تصفية جماعة «الإخوان المسلمين» وإزاحتها من الساحة السياسية.
وأضاف في تصريح أن النظام يخشى من عودة الجماعة للساحة السياسية، خاصة بعد تزايد الضغوط العربية التي تطالبه بإجراء مصالحة مع الجماعة، لذلك قرر التصعيد مع الجماعة لقطع الطريق على هذا الخيار أو لدفع الجماعة نحو العنف.
وتابع قائلا «إن مصر تعيش في دوامة كبيرة من العنف، ففي يوم واحد هاجم تنظيم الدولة الإسلامية (ولاية سيناء) 15 موقعا عسكريا وقتلوا عشرات الجنود، ثم أعلنت وزارة الداخلية تصفية 13 من قيادات الإخوان، لافتا إلى أن الوضع مرشح ليتحول إلى حرب أهلية في ظل غياب العدالة واستمرار النظام في تصفية المعارضين».